الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَكُونُ بِدْعَةً
لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ رُكَانَةَ بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ حِينَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ مَا أَرَدْتَ بِهَا وَلَمْ يَنْهَهُ أَنْ يُرِيدَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ
وهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وفِيهِ بَحْثٌ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ الثَّلَاثِ
وأَمَّا عَلَى كَوْنِهِ مُبَاحًا أَوْ حَرَامًا فَلَا انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ
قُلْتُ حَدِيثُ رُكَانَةَ هَذَا ضَعِيفٌ مُضْطَرِبٌ كَمَا سَتَقِفُ فَهُوَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ مُبَاحٌ
وَلَا عَلَى وُقُوعِ الثَّلَاثِ
قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَاخْتَلَفُوا فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ فَقَالَ مَالِكٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَتْرُكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ بِرُؤْيَةِ أَوَّلِ الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هَذَا أَحْسَنُ مِنَ الطَّلَاقِ
ولَهُ قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ مَا إِذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا طَلَّقَهَا عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَشْهَبَ وَزَعَمَ الْمِرْغِينَانِيُّ أَنَّ الطَّلَاقَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ عِنْدَ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ حَسَنٌ وَأَحْسَنُ وَبِدْعِيٌّ
فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ وَيَتْرُكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ
والْحَسَنُ وَهُوَ طَلَاقُ السُّنَّةِ وَهُوَ أَنْ يُطَلِّقَ المدخول بها ثلاثا في ثلاثة أطهار
والمدعي أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ ثَلَاثًا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَكَانَ عَاصِيًا
انْتَهَى كَلَامُ الْعَيْنِيِّ
(بَاب مَا جَاءَ فِي الرجل طلق امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ)
[1177]
قَوْلُهُ (عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ سَعْدٍ) كَذَا فِي النُّسَخِ الْمَوْجُودَةِ الزُّبَيْرُ بْنُ سَعْدٍ وفي سنن أبي داود وسنن بن مَاجَهْ الزُّبَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ
وكَذَلِكَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمِيزَانِ وَالتَّقْرِيبِ فَهُوَ الصَّحِيحُ
قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الميزان في ترجمته روى عباس عن بن مَعِينٍ ثِقَةٌ
وقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَيْسَ بِشَيْءٍ
وقَالَ النَّسَائِيُّ ضَعِيفٌ
وهُوَ مَعْرُوفٌ بِحَدِيثٍ فِي طَلَاقِ الْبَتَّةَ
وقَالَ فِي التَّقْرِيبِ لَيِّنُ الْحَدِيثِ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ وَكَذَلِكَ وَقَعَ في سنن أبي داود وسنن بن مَاجَهْ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ قَدْ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ وَقَالَ هُوَ لَيِّنُ الْحَدِيثِ
وقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ فِي تَرْجَمَتِهِ قَالَ الْعُقَيْلِيُّ إِسْنَادُهُ مُضْطَرِبٌ وَلَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ وَسَاقَ حَدِيثَ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ الْمُطَّلِبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ الْحَدِيثَ وَالشَّافِعِيُّ عَنْ عَمِّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرٍ أَنَّ رُكَانَةَ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ
قَالَ الذَّهَبِيُّ كَأَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ عَنْ جَدِّهِ الْجَدَّ الْأَعْلَى وَهُوَ رُكَانَةُ انْتَهَى
(عَنْ أَبِيهِ) أَيْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ
قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ الْمُطَّلِبِيُّ عَنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ
وعَنْهُ ابْنَاهُ عبد الله ومحمد وثقه بن حِبَّانَ
وقَالَ الْبُخَارِيُّ لَمْ يَصِحَّ حَدِيثُهُ (عَنْ جَدِّهِ) أَيْ رُكَانَةَ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ
هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ الْمُطَّلِبِيِّ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ ثُمَّ نَزَلَ الْمَدِينَةَ وَمَاتَ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ
قَوْلُهُ (إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي الْبَتَّةَ) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ أَيْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْبَتَّةَ
مِنَ الْبَتِّ بِمَعْنَى الْقَطْعِ وَاسْمُ امْرَأَتِهِ سُهَيْمَةُ كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ (قَالَ فَهُوَ مَا أَرَدْتُ) وفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ فَرَدَّهَا إِلَيْهِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ بَيَانُ أَنَّ طَلَاقَ الْبَتَّةِ وَاحِدَةٌ إِذَا لَمْ يُرِدْ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَأَنَّهَا رَجْعِيَّةٌ غَيْرُ بَائِنٍ انْتَهَى
قَالَ الْقَاضِي رحمه الله فِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ مِنْهَا الدَّلَالَةُ عَلَى الزَّوْجِ مُصَدَّقٌ بِالْيَمِينِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مَا لَمْ يُكَذِّبْهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ
ومِنْهَا أَنَّ الْبَتَّةَ مُؤَثِّرَةٌ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِمَا حَلَفَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِلَّا وَاحِدَةً وَأَنَّ مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ يَمِينٌ فَحَلَفَ قَبْلَ أَنْ يُحَلِّفَهُ الْحَاكِمُ لَمْ يُعْتَبَرْ حَلِفُهُ
إِذْ لَوْ اعْتُبِرَ لَاقْتَصَرَ عَلَى حَلِفِهِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحَلِّفْهُ ثَانِيًا
ومِنْهَا أَنَّ مَا فِيهِ احْتِسَابٌ لِلْحَاكِمِ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ مُدَّعٍ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ الزُّبَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَاشِمِيُّ وَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ مُضْطَرَبٌ فِيهِ تَارَةً قِيلَ فِيهِ ثَلَاثًا وَتَارَةً قِيلَ فِيهِ وَاحِدَةً
وأَصَحُّهُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ وَأَنَّ الثَّلَاثَ ذُكِرَتْ فِيهِ عَلَى الْمَعْنَى
وقَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدِيثُ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرٍ حَدِيثٌ صَحِيحٌ
وفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ طُرُقَهُ ضَعِيفَةٌ وَضَعَّفَهُ أَيْضًا الْبُخَارِيُّ وَقَدْ وَقَعَ الِاضْطِرَابُ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
قَوْلُهُ (فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ جَعَلَ الْبَتَّةَ وَاحِدَةً) قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ أَنْتِ طالق البتة
فذكر بن الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهَا وَاحِدَةٌ وَإِنْ أَرَادَ ثَلَاثًا فَهِيَ ثَلَاثٌ
وهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ
وقَالَتْ طَائِفَةٌ الْبَتَّةُ ثلاث
روي ذلك عن علي وبن عمر وبن المسيب وعروة والزهري وبن أَبِي لَيْلَى وَمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ انْتَهَى كلام العيني
وقال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ طَلَاقُ الْبَتَّةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَإِنْ نَوَى بِهَا اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَهُوَ مَا نَوَى
وعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ
وعِنْدَ مَالِكٍ ثلاث انتهى كلام القارىء
(وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ جَعَلَهَا ثَلَاثًا) وَهُوَ مروي عن