الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَضَعُ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ خَشَبًا)
[1353]
قَوْلُهُ (أَنْ يَغْرِزَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ يَضَعَ (خَشَبَةً) بِالْإِفْرَادِ الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وغيره خشبة بالجمع
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ رُوِيَ اللَّفْظَانِ فِي الْمُوَطَّإِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَاحِدِ الْجِنْسُ انْتَهَى
قَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا الَّذِي يَتَعَيَّنُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَإِلَّا فَالْمَعْنَى قَدْ يَخْتَلِفُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ أَمْرَ الْخَشَبَةِ الْوَاحِدَةِ أَخَفُّ فِي مُسَامَحَةِ الْجَارِ بِخِلَافِ الْخَشَبِ الْكَثِيرِ انْتَهَى
(فَلَا يَمْنَعْهُ) بِالْجَزْمِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْجِدَارَ إِذَا كَانَ لِوَاحِدٍ وَلَهُ جَارٌ فَاسْتَأْذَنَهُ أَنْ يَضَعَ جِذْعَهُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ (فَلَمَّا حَدَّثَ أَبُو هُرَيْرَةَ) أَيْ هَذَا الْحَدِيثَ (طَأْطَأُوا) أَيْ نَكَّسُوا وفِي رواية بن عيينة عند أبي داود فنكسوا رؤوسهم (عَنْهَا) أَيْ عَنْ هَذِهِ السُّنَّةِ أَوْ عَنْ هَذِهِ الْمَقَالَةِ (لَأَرْمِيَنَّ بِهَا) وفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ لَأُلْقِيَنَّهَا أَيْ لَأُشِيعَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فِيكُمْ ولأقر عنكم بِهَا كَمَا يُضْرَبُ الْإِنْسَانُ بِالشَّيْءِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ لِيَسْتَيْقِظَ مِنْ غَفْلَتِهِ
وقَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ إِنْ لَمْ تَقْبَلُوا هَذَا الْحُكْمَ وَتَعْمَلُوا بِهِ رَاضِينَ لَأَجْعَلَنَّهَا أَيْ الْخَشَبَةَ عَلَى رِقَابِكُمْ كَارِهِينَ
قَالَ وَأَرَادَ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَةَ وَبِهَذَا التَّأْوِيلِ جَزَمَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وقَالَ إِنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حِينَ كَانَ يَلِي إِمْرَةَ المدينة
وقد وقع عند بن عَبْدِ الْبَرِّ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَعْيُنِكُمْ وَإِنْ كَرِهْتُمْ
وهَذَا يُرَجِّحُ التَّأْوِيلَ الْمُتَقَدِّمَ
كَذَا فِي الْفَتْحِ قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ بن عباس) أخرجه بن ماجه (ومجمع بن جارية) أخرجه بن مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ قَوْلُهُ (وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ) وَبِهِ يَقُولُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وغيرهما من أهل الحديث وبن حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ
قَالَهُ الْحَافِظُ
وقَدْ صَرَّحَ هُوَ بِأَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ هَذَا فِي الْقَدِيمِ قَالَ وَعَنْهُ فِي الْجَدِيدِ قَوْلَانِ
أَحَدُهُمَا اشْتِرَاطُ إِذْنِ الْمَالِكِ فَإِنِ امْتَنَعَ لَمْ يُجْبَرْ
وهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ
وحَمَلُوا الْأَمْرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى النَّدْبِ
والنَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ مَالِ الْمُسْلِمِ إِلَّا بِرِضَاهُ انْتَهَى
(مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالُوا إِلَخْ) وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله وَالْكُوفِيُّونَ (وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ) لِأَحَادِيثِ الْبَابِ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْقَاضِيَةُ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ
فَعُمُومَاتٌ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَمْ نَجِدْ فِي السُّنَنِ الصَّحِيحَةِ مَا يُعَارِضُ هَذَا الْحُكْمَ إِلَّا عُمُومَاتٌ لَا يُسْتَنْكَرُ أَنْ يَخُصَّهَا
وحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْحَدِيثَ عَلَى مَا إِذَا تَقَدَّمَ اسْتِئْذَانُ الْجَارِ
كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ
وفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ مَنْ سَأَلَهُ جَارُهُ وَكَذَا فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ حِبَّانَ فَإِذَا تَقَدَّمَ الِاسْتِئْذَانُ لَمْ يَكُنْ للجار المنع لا إذا لم يتقدم
9 -
مَا جَاءَ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى مَا يُصَدِّقُهُ صَاحِبُهُ [1354] قَوْلُهُ (الْمَعْنَى وَاحِدٌ) أَيْ فِي لَفْظِ قُتَيْبَةَ وَأَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ اخْتِلَافٌ وَمَعْنَى حَدِيثِهِمَا وَاحِدٌ (الْيَمِينُ) أَيْ الْحَلِفُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ (على ما يصدقك به صاحبك) قال القارىء أَيْ خَصْمُكَ وَمُدَّعِيكَ وَمُحَاوِرُكَ
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ وَاقِعٌ عَلَيْهِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ التَّوْرِيَةُ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْيَمِينِ بِقَصْدِ الْمُسْتَحْلِفِ إِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لَهَا وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِقَصْدِ الْحَالِفِ فَلَهُ التَّوْرِيَةُ
قَالَ هَذَا خُلَاصَةُ كَلَامِ عُلَمَائِنَا مِنَ الشُّرَّاحِ انتهى كلام القارىء
وقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَلِفِ بِاسْتِحْلَافِ الْقَاضِي فَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي فَحَلَفَ وَوَرَّى فَنَوَى غَيْرَ مَا نَوَى الْقَاضِي
انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ عَلَى مَا نَوَاهُ الْقَاضِي وَلَا يَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ
وهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَدَلِيلُهُ هَذَا الْحَدِيثُ وَالْإِجْمَاعُ
فَأَمَّا إِذَا حَلَفَ بِغَيْرِ اسْتِحْلَافِ الْقَاضِي وَوَرَّى فَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ
ولَا يَحْنَثُ سَوَاءٌ حَلَفَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَحْلِيفٍ أَوْ حَلَّفَهُ غَيْرُ الْقَاضِي وَغَيْرُ نَائِبِهِ فِي ذَلِكَ وَلَا اعْتِبَارَ بِنِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ غَيْرِ الْقَاضِي وَاعْلَمْ أَنَّ التَّوْرِيَةَ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْنَثُ بِهَا فَلَا يَجُوزُ فِعْلُهَا حَيْثُ يَبْطُلُ بِهَا حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ
وهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ
هَذَا تَفْصِيلُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ انْتَهَى كَلَامُهُ مُخْتَصَرًا
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وأحمد وأبو داود وبن مَاجَهْ وفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ
وهُوَ بِكَسْرِ اللَّامِ