الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
69 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَدْيُونِ)
[1069]
قَوْلُهُ (أُتِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (بِرَجُلٍ) أَيْ بِجِنَازَةِ رَجُلٍ (صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَإِنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا) قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ امْتِنَاعُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَدْيُونِ إِمَّا لِلتَّحْذِيرِ عَنِ الدَّيْنِ وَالزَّجْرِ عَنِ الْمُمَاطَلَةِ وَالتَّقْصِيرِ فِي الْأَدَاءِ أَوْ كَرَاهَةَ أن يوقف دعاءه بِسَبَبِ مَا عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ وَمَظَالِمِهِمْ
وقال القاضي بن الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ وَامْتِنَاعُهُ مِنَ الصَّلَاةِ لِمَنْ تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا تَحْذِيرًا عَنِ التَّقَحُّمِ فِي الدُّيُونِ لِئَلَّا تَضِيعَ أَمْوَالُ النَّاسِ كَمَا تَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَى الْعُصَاةِ زَجْرًا عَنْهَا حَتَّى يُجْتَنَبَ خَوْفًا مِنَ الْعَارِ وَمِنْ حِرْمَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَخِيَارِ الْمُسْلِمِينَ انْتَهَى
(قَالَ أَبُو قَتَادَةَ وَهُوَ عَلَيَّ إِلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الضَّمَانِ عَنِ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ تَرَكَ وَفَاءً أَوْ لَمْ يَتْرُكْ
وهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ
وقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً بِالِاتِّفَاقِ لَوْ ضَمِنَ عَنْ حُرٍّ مُعْسِرٍ دَيْنًا ثُمَّ مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ كَانَ الضَّمَانُ بِحَالِهِ
فَلَمَّا لَمْ يُنَافِ مَوْتُ الْمُعْسِرِ دَوَامَ الضَّمَانِ لَا يُنَافِي ابْتِدَاءَهُ
قَالَ الطِّيبِيُّ وَالتَّمَسُّكُ بِالْحَدِيثِ أولى من هذا القياس ذكره القارىء نَقْلًا عَنْ شَرْحِ السُّنَّةِ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا تَمَسَّكَ بِهِ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ عَنْ مَيِّتٍ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ
فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ لَمَا صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ
وقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ عَنِ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ كَفَالَةٌ بِدَيْنٍ سَاقِطٍ وَالْكَفَالَةُ بِالدَّيْنِ السَّاقِطِ بَاطِلَةٌ
والْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِقْرَارًا بِكَفَالَةٍ سَابِقَةٍ فَإِنَّ لَفْظَ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْشَاءِ فِي الْكَفَالَةِ سَوَاءٌ وَلَا عُمُومَ لِحِكَايَةِ الْفِعْلِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَعْدًا لَا كَفَالَةً
وكَانَ امْتِنَاعُهُ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِيَظْهَرَ لَهُ طَرِيقُ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ فَلَمَّا ظَهَرَ صَلَّى عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى
قُلْتُ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَ بِهِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
قَوْلُهُ (وفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ) أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فأخرجه
الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَمَّا حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَمَّا حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ كما في عمدة القارىء
قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وفِيهِ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ
[1070]
قَوْلُهُ (بِالرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى) أَيْ بِالْمَيِّتِ (عَلَيْهِ دَيْنٌ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (فَيَقُولُ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (مِنْ قَضَاءٍ) أَيْ مَا يُقْضَى بِهِ دَيْنُهُ (فَإِنْ حُدِّثَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أُخْبِرَ (فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ) أَيْ الْفُتُوحَاتِ الْمَالِيَّةَ (قَامَ) أَيْ عَلَى الْمِنْبَرِ (أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) أَيْ أَوْلَى فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَلِذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يُقَيِّدْ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَحُكْمُهُ أَنْفَذُ عَلَيْهِمْ مِنْ حُكْمِهَا وَحَقُّهُ آثَرُ عَلَيْهِمْ مِنْ حُقُوقِهَا وَشَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ أَقْدَمُ مِنْ شَفَقَتِهِمْ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ شَفَقَتُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ أَحَقُّ وَأَحْرَى مِنْ شَفَقَتِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَإِذَا حَصَلَتْ لَهُ الْغَنِيمَةُ يَكُونُ هُوَ أَوْلَى بِقَضَاءِ دَيْنِهِمْ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ قَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ لَا يُصَلِّي عَلَى الْمَدِينِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا