الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ قَالَ عَلِيٌّ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عَنْ ثَلَاثٍ عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يُدْرِكَ وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَصَلَهُ الْبَغَوِيُّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أبي ظبيان عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ أُتِيَ بِمَجْنُونَةٍ قَدْ زَنَتْ وَهِيَ حُبْلَى فَأَرَادَ أَنْ يَرْجُمَهَا فَقَالَ لَهُ علي أما بلغك أن القلم قد وضع عن ثلاثة فذكره وتابعه بن نُمَيْرٍ وَوَكِيعٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ الْأَعْمَشِ وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الْأَعْمَشِ فَصَرَّحَ فِيهِ بالرفع
أخرجه أبو داود وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِهِ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا
لَكِنْ لم يذكر فيهما بن عَبَّاسٍ جَعَلَهُ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ عَلِيٍّ وَرَجَحَ الْمَوْقُوفَ عَلَى الْمَرْفُوعِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَأَخَذَ بِمُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ الْجُمْهُورُ لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي إِيقَاعِ طَلَاقِ الصَّبِيِّ فعن بن الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ يَلْزَمُهُ إِذَا عَقَلَ وَمَيَّزَ وَحْدَهُ وَعِنْدَ أَحْمَدَ أَنْ يُطِيقَ الصِّيَامَ وَيُحْصِيَ الصَّلَاةَ وعند عطاء إذا بلغ اثنا عشر سَنَةً وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةُ إِذَا نَاهَزَ الِاحْتِلَامَ انْتَهَى
قُلْتُ وَحَدِيثُ الْبَابِ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ
قَوْلُهُ (وَأَبُو ظَبْيَانَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وسكون الموحدة (اسْمُهُ حُصَيْنُ بْنُ جُنْدُبِ) بْنِ الْحَارِثِ الْجَنْبِيُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٌ الْكُوفِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّانِيَةِ
(بَاب مَا جَاءَ فِي درء الحدود)
[1424]
قوله (ادرأوا الْحُدُودَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَمْرٌ مِنَ الدَّرْءِ أَيْ ادْفَعُوا إِيقَاعَ الْحُدُودِ (مَا اسْتَطَعْتُمْ) أَيْ مُدَّةَ اسْتِطَاعَتِكُمْ وَقَدْرَ طَاقَتِكُمْ (فَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْحَدِّ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ الْحُدُودُ (مَخْرَجٌ) اسْمُ مَكَانٍ أَيْ عُذْرٌ يَدْفَعُهُ (فَخَلُّوا سَبِيلَهُ) أَيْ اتْرُكُوا إِجْرَاءَ الْحَدِّ عَلَى صَاحِبِهِ
ويَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ضمير له للمسلم المستفاد مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَرَدَ فِي رِوَايَةِ فَإِنْ وَجَدْتُمْ لِلْمُسْلِمِ مَخْرَجًا
فَالْمَعْنَى اتْرُكُوهُ أَوْ لا
تتعرضوا له (فإن الإمام إن يخطىء) أَيْ خَطَؤُهُ (فِي الْعَفْوِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ (خَيْرٌ من أن يخطىء فِي الْعُقُوبَةِ) وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ إِنْ وَيُؤَيِّدُهُ مَا في رواية لأن يخطىء بِفَتْحِ اللَّامِ وَهِيَ لَامُ الِابْتِدَاءِ
قَالَ الْمُظْهِرُ يَعْنِي ادْفَعُوا الْحُدُودَ مَا اسْتَطَعْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَيَّ فَإِنَّ الْإِمَامَ إِذَا سَلَكَ سَبِيلَ الْخَطَأِ فِي الْعَفْوِ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْلُكَ سَبِيلَ الْخَطَأِ فِي الْحُدُودِ
فَإِنَّ الْحُدُودَ إِذَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِنْفَاذُ
قَالَ الطِّيبِيُّ نَزَّلَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَعْنَى حَدِيثِ تَعَافَوْا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ
وَجَعَلَ الْخِطَابَ فِي الْحَدِيثِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ رَجُلٍ وَبُرَيْدَةَ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ فَيَكُونُ الْخِطَابُ لِلْأَئِمَّةِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلرَّجُلِ أَبِكَ جُنُونٌ ثُمَّ قَوْلُهُ أَحْصَنْتَ وَلِمَاعِزٍ أَبِهِ جُنُونٌ ثُمَّ قَوْلُهُ أَشَرِبَ لِأَنَّ كُلَّ هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَدْرَأَ الْحُدُودَ بالشبهات انتهى
قال القارىء بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ الطِّيبِيِّ هَذَا مَا لَفْظُهُ هَذَا التَّأْوِيلُ مُتَعَيَّنٌ وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ لَا يُلَائِمُهُ
قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ فَإِنَّ عَامَّةَ الْمُسْلِمِينَ مَأْمُورُونَ بِالسَّتْرِ مُطْلَقًا وَلَا يُنَاسِبُهُ أَيْضًا لَفْظُ خَيْرٌ
كَمَا لَا يَخْفَى
فَالصَّوَابُ أَنَّ الْخِطَابَ لِلْأَئِمَّةِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَدْفَعُوا الْحُدُودَ بِكُلِّ عُذْرٍ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَدْفَعَ بِهِ كَمَا وَقَعَ مِنْهُ عليه الصلاة والسلام لِمَاعِزٍ وَغَيْرِهِ مِنْ تَلْقِينِ الْأَعْذَارِ انتهى كلام القارىء
قَالَ الطِّيبِيُّ فَيَكُونُ قَوْلُهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ مُظْهَرًا أُقِيمَ مَقَامَ الْمُضْمَرِ عَلَى سَبِيلِ الِالْتِفَاتِ مِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ حَثًّا عَلَى إِظْهَارِ الرَّأْفَةِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هريرة فأخرجه بن مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ وَلَفْظُهُ ادْفَعُوا الْحُدُودَ مَا وَجَدْتُمْ لَهَا مَدْفَعًا
وأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ بِالْوَاوِ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مَرْفُوعًا وَلَفْظُهُ تَعَافَوُا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ
قَالَ الشوكاني وفي الباب عن علي مرفوعا أدرأوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ
وفِيهِ الْمُخْتَارُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ قَالَ وَأَصَحُّ مَا فِيهِ حَدِيثُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قال أدرأوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ ادْفَعُوا الْقَتْلَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ
ورُوِيَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَمُعَاذٍ أَيْضًا مَوْقُوفًا وَرُوِيَ مُنْقَطِعًا وَمَوْقُوفًا عَلَى عُمَرَ
ورواه بن حَزْمٍ فِي كِتَابِ الِاتِّصَالِ عَنْ عُمَرَ مَوْقُوفًا عليه
قال الحافظ وإسناده صحيح
ورواه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عمر بلفظ لأن أخطىء فِي الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُقِيمَهَا بِالشُّبُهَاتِ
فِي مُسْنَدِ أَبِي حَنِيفَةَ لِلْحَارِثِيِّ من طريق مقسم عن بن عباس مرفوعا بلفظ ادرأوا