الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ
ومَا فِي الْبَابِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْمَقَالُ الْمَعْرُوفُ فَقَدْ شَدَّ مِنْ عَضُدِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ فَيَصْلُحُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ دَرْءِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ الْمُحْتَمَلَةِ لَا مُطْلَقِ الشُّبُهَاتِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (حَدِيثُ عَائِشَةَ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ إِلَخْ) وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ (وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ قَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ) وَقَدْ تَقَدَّمَ آثَارُهُمْ
(باب مَا جَاءَ فِي السَّتْرِ عَلَى الْمُسْلِمِ)
[1425]
قَوْلُهُ (مَنْ نَفَّسَ) مِنَ التَّنْفِيسِ أَيْ فَرَّجَ وَأَزَالَ وَكَشَفَ (عَنْ مُسْلِمٍ) كُرْبَةً بِضَمِّ الْكَافِ فُعْلَةٌ مِنَ الْكَرْبِ وَهِيَ الْخَصْلَةُ الَّتِي يُحْزَنُ بِهَا وَجَمْعُهَا كُرَبٌ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وَالنُّونُ فِيهَا لِلْإِفْرَادِ وَالتَّحْقِيرِ أَيْ هَمًّا وَاحِدًا مِنْ هُمُومِهَا أَيُّ هَمٍّ كَانَ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا (مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا) أَيْ بَعْضِ كُرَبِهَا أَوْ كُرْبَةٍ مُبْتَدَأَةٍ مِنْ كُرَبِهَا (نَفَّسَ اللَّهُ) أَيْ أَزَالَهَا وَفَرَّجَهَا (عَنْهُ) أَيْ عَنْ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً (مِنْ كُرَبِ الْآخِرَةِ) أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتَنْفِيسُ الْكَرْبِ إِحْسَانٌ لَهُمْ وَقَدْ قَالَ تعالى هل جزاء الإحسان إلا الإحسان وَلَيْسَ هَذَا مُنَافِيًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا لِمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهَا تُجَازَى بِمِثْلِهَا وَضِعْفِهَا إِلَى عَشْرَةٍ إِلَى مِائَةٍ إِلَى سَبْعِمِائَةٍ إِلَى غَيْرِ حِسَابٍ عَلَى أَنَّ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ تُسَاوِي عَشْرًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا
ويَدُلُّ عَلَيْهِ تَنْوِينُ التَّعْظِيمِ وَتَخْصِيصُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ دُونَ يَوْمٍ آخَرَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُضَاعَفَةَ إِمَّا فِي الْكَمِّيَّةِ أَوْ فِي الْكَيْفِيَّةِ (من ستر على مسلم) وفي حديث بن عُمَرَ مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا أَيْ بَدَنَهُ أَوْ عيبه بعدم الغيبة له والذب عن معائبه
وهَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ لَيْسَ
مَعْرُوفًا بِالْفَسَادِ وَإِلَّا فَيُسْتَحَبُّ أَنْ تُرْفَعَ قِصَّتُهُ إلى الوالي فإذا رأى في مَعْصِيَةً فَيُنْكِرُهَا بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ وَإِنْ عَجَزَ يَرْفَعُهَا إِلَى الْحَاكِمِ إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ مَفْسَدَةٌ
كَذَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ (سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) أَيْ لَمْ يَفْضَحْهُ بِإِظْهَارِ عُيُوبِهِ وَذُنُوبِهِ (وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) وفِي حَدِيثِ بن عُمَرَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ
وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ
أَيْ مَنْ كَانَ سَاعِيًا فِي قَضَاءِ حَاجَتِهِ وفِيهِ تَنْبِيهٌ نَبِيهٌ عَلَى فَضِيلَةِ عَوْنِ الْأَخِ عَلَى أُمُورِهِ وَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُكَافَأَةَ عَلَيْهَا بِجِنْسِهَا مِنَ الْعِنَايَةِ الْإِلَهِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ بِقَلْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ بِهِمَا لِدَفْعِ الْمَضَارِّ أَوْ جَلْبِ الْمَنَافِعِ إِذِ الْكُلُّ عَوْنٌ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وبن عُمَرَ) أَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فَأَخْرَجَهُ عنه مرفوعا أبو داود والنسائي وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ لفظه من ستر عورة أخيه فكأنما استحي موؤدة فِي قَبْرِهَا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ رِجَالٌ أَسَانِيدُهُمْ ثِقَاتٌ وَلَكِنِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَشِيطٍ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ذَكَرْتُ بَعْضَهُ فِي مختصر السنن انتهى
وأما حديث بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ
وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَكَذَا رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ إِلَخْ) أَيْ بِالِاتِّصَالِ بَيْنَ الْأَعْمَشِ وَأَبِي صَالِحٍ (وَرَوَى أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حُدِّثْتُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (عَنْ أَبِي صَالِحٍ)
فَفِي رِوَايَةِ أَسْبَاطٍ انْقِطَاعٌ بَيْنَ الْأَعْمَشِ وَأَبِي صَالِحٍ فَإِنَّ الْأَعْمَشَ لَمْ يَذْكُرْ مَنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ الترمذي وحسنه والنسائي وبن مَاجَهْ انْتَهَى
قُلْتُ لَيْسَ فِي النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ عِنْدِي تَحْسِينُ التِّرْمِذِيِّ لِهَذَا الْحَدِيثِ
[1426]
قَوْلُهُ (عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ) أَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ) قال الله تعالى (إنما المؤمنون إخوة) وَلَا يُسْلِمُهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ لا