الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
91 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي إِكْرَاهِ الْيَتِيمَةِ عَلَى التَّزْوِيجِ)
[1109]
قَوْلُهُ (الْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ) الْيَتِيمَةُ هِيَ صَغِيرَةٌ لَا أَبَ لَهَا وَالْمُرَادُ هُنَا الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ سَمَّاهَا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَتْ
كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَآتُوا اليتامى أموالهم وَفَائِدَةُ التَّسْمِيَةِ مُرَاعَاةُ حَقِّهَا وَالشَّفَقَةُ عَلَيْهَا فِي تَحَرِّي الْكِفَايَةِ وَالصَّلَاحِ فَإِنَّ الْيَتِيمَ مَظِنَّةُ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ
ثُمَّ هِيَ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا مَعْنَى لِإِذْنِهَا وَلَا لِإِبَائِهَا
فَكَأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام شَرَطَ بُلُوغَهَا فَمَعْنَاهُ لَا تُنْكَحُ حَتَّى تَبْلُغَ فتستأمر
قاله القارىء فِي الْمِرْقَاةِ
(فَإِنْ صَمَتَتْ) أَيْ سَكَتَتْ (فَهُوَ) أَيْ صُمَاتُهَا (وَإِنْ أَبَتْ) مِنَ الْإِبَاءِ أَيْ أَنْكَرَتْ وَلَمْ تَرْضَ (فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ فَلَا تَعَدِّيَ عَلَيْهَا وَلَا إِجْبَارَ
قوله (وفي الباب عن أبي موسى) أخرجه أَحْمَدُ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا فَإِنْ سَكَتَتْ فَقَدْ أَذِنَتْ وَإِنْ أَبَتْ لَمْ تكره
وأخرجه أيضا بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَأَبُو يَعْلَى وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ
قَالَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ (وبن عُمَرَ) قَالَ تُوفِّيَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَتَرَكَ ابْنَةً لَهُ مِنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْأَوْقَصِ
وأَوْصَى إِلَى أَخِيهِ قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَهُمَا خَالَايَ
فَخَطَبْتُ إِلَى قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ ابْنَةَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ فَزَوَّجَنِيهَا
ودَخَلَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ (يَعْنِي إِلَى أُمِّهَا) فَأَرْغَبهَا فِي الْمَالِ فَحَطَّتْ إِلَيْهِ فَحَطَّتِ الْجَارِيَةُ إِلَى هَوَى أُمِّهَا فَأَبَتَا حَتَّى ارْتَفَعَ أَمْرُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ قُدَامَةُ بْنُ مَظْعُونٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ
ابْنَةُ أَخِي أوصى بها إلي فزوجتها بن عَمَّتِهَا فَلَمْ أُقَصِّرْ بِهَا فِي الصَّلَاحِ وَلَا فِي الْكَفَاءَةِ (وَلَكِنَّهَا امْرَأَةٌ وَإِنَّمَا حَطَّتْ إِلَى هَوَى أُمِّهَا
قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هِيَ يَتِيمَةٌ وَلَا تُنْكَحُ إِلَّا بِإِذْنِهَا
قَالَ فَانْتُزِعَتْ وَاللَّهِ مِنِّي بَعْدَ أَنْ مَلَكْتُهَا فَزَوَّجُوهَا الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْيَتِيمَةَ لَا يُجْبِرُهَا وَصِيٌّ وَلَا غَيْرُهُ
انْتَهَى قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ) قال في المنتقى رواه الخمسة
قَوْلُهُ (فَرَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْيَتِيمَةَ إِذَا زُوِّجَتْ فَالنِّكَاحُ مَوْقُوفٌ حَتَّى تَبْلُغَ فَإِذَا بَلَغَتْ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي إِجَازَةِ النِّكَاحِ وَفَسْخِهِ) وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ
ويَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَزْوِيجِ الْيَتِيمَةِ قَبْلَ بُلُوغِهَا قَوْلُهُ تَعَالَى وإن خفتم أن إلا بن ماجه وقال في
النيل وأخرجه أيضا بن حبان والحاكم لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ماطاب لكم قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَزْوِيجِ الْوَلِيِّ غَيْرِ الْأَبِ الَّتِي دُونَ الْبُلُوغِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْيَتِيمَةِ مَنْ كَانَتْ دُونَ الْبُلُوغِ وَلَا أَبَ لَهَا وَقَدْ أَذِنَ فِي تَزْوِيجِهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْخَسَ مِنْ صَدَاقِهَا
فَيَحْتَاجُ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ إِلَى دَلِيلٍ قَوِيٍّ
انْتَهَى
(وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْيَتِيمَةِ حَتَّى تَبْلُغَ وَلَا يَجُوزُ الْخِيَارُ فِي النِّكَاحِ) وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ
واحْتَجَّ بِظَاهِرِ حَدِيثِ الْبَابِ قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى بَنَاتِ الْمُوصِي وَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ إِلَيْهِ
وقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ الْيَتِيمَةَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَحَكَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ أَنَّهُ أَجَازَ نِكَاحَ الْوَصِيِّ مَعَ كَرَاهَةِ الْأَوْلِيَاءِ
وأَجَازَ مَالِكٌ إِنْ فَوَّضَهُ الْأَبُ إِلَيْهِ انْتَهَى
(وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِذَا بَلَغَتِ الْيَتِيمَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَزُوِّجَتْ فَرَضِيَتْ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَا خِيَارَ لَهَا إِذَا أَدْرَكَتْ) أَيْ إِذَا بَلَغَتْ
ولَمْ أَقِفْ عَلَى دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى قَوْلِ هَذَيْنِ الْإِمَامَيْنِ وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمَا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ فَفِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ قَدْ كَانَتْ أَدْرَكَتْ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ
(قَالَتْ عَائِشَةُ إِذَا بَلَغَتِ الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ) كَأَنَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ أَنَّ الْجَارِيَةَ إِذَا بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْمَرْأَةِ الْبَالِغَةِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهَا حِينَئِذٍ مَا يُعْرَفُ بِهِ نَفْعُهَا وَضَرَرُهَا مِنَ الشُّعُورِ وَالتَّمْيِيزِ
واللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ