الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَاب مَا جَاءَ أَنْ لَا يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ)
قَالَ فِي النِّهَايَةِ خَطَبَ يَخْطُبُ خِطْبَةً بِالْكَسْرِ فَهُوَ خَاطِبٌ وَالِاسْمُ مِنْهُ الْخِطْبَةُ أَيْضًا وَأَمَّا الْخُطْبَةُ بِالضَّمِّ فَهُوَ مِنَ الْقَوْلِ وَالْكَلَامِ انْتَهَى
وقَالَ فِي الصُّرَاحِ خِطْبَةٌ بِالْكَسْرِ زن خواستن
[1134]
قَوْلُهُ (قَالَ قُتَيْبَةُ يَبْلُغُ بِهِ) أَيْ قَالَ قُتَيْبَةُ فِي رِوَايَتِهِ يَبْلُغُ بِهِ أَيْ يَرْفَعُ أَبُو هُرَيْرَةَ الْحَدِيثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَقَالَ أَحْمَدُ) أَيْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ فِي رِوَايَتِهِ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَعْنَى رِوَايَتِهِمَا وَاحِدٌ وَإِنَّمَا الْفَرْقُ فِي اللَّفْظِ
قَوْلُهُ (لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْبَيْعُ عَلَى الْبَيْعِ حَرَامٌ
وكَذَلِكَ الشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ
وهُوَ أَنْ يَقُولَ لِمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً فِي زَمَنِ الْخِيَارِ افْسَخْ لأبيعك بأنقص أو يقول للبايع افْسَخْ لِأَشْتَرِيَ مِنْكَ بِأَزْيَدَ قَالَ الْجُمْهُورُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ وَذِكْرُ الْأَخِ خَرَجَ لِلْغَائِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ (وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ هُوَ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَتَرْكَنُ إِلَيْهِ وَيَتَّفِقَا عَلَى صَدَاقٍ وَيَتَرَاضَيَا وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْعَقْدُ
فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَتَّفِقَا وَلَمْ يَتَرَاضَيَا
ولَمْ يَرْكَنْ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ خِطْبَتِهَا وَهُوَ خَارِجٌ عَنِ النَّهْيِ انتهى
قوله (وفي الباب عن سمرة وبن عُمَرَ) وفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ
أَمَّا حَدِيثُ سَمُرَةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ نَهَى النَّبِيُّ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خطبة أخيه
وأما حديث بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَلَفْظُهُ لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ الرَّجُلِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ
وَأَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ قَوْلُهُ (وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ
حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ إِلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ ظَاهِرَةٌ فِي تَحْرِيمِ الْخِطْبَةِ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ
وأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِهَا إِذَا كَانَ قَدْ صَرَّحَ لِلْخَاطِبِ بِالْإِجَابَةِ وَلَمْ يَأْذَنْ وَلَمْ يَتْرُكْ فَلَوْ خَطَبَ عَلَى خِطْبَتِهِ وَتَزَوَّجَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ عَصَى وَصَحَّ النِّكَاحُ وَلَمْ يُفْسَخْ
هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ
وقَالَ دَاوُدُ يُفْسَخُ النِّكَاحُ وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ كَالْمَذْهَبَيْنِ
وقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بَعْدَهُ وَأَمَّا إِذَا عَرَضَ لَهُ بِالْإِجَابَةِ وَلَمْ يُصَرِّحْ فَفِي تَحْرِيرِ الْخِطْبَةِ عَلَى خِطْبَتِهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا لَا يَحْرُمُ
وقَالَ بعض المالكية لا يحرم حتى يرضو بِالزَّوْجِ وَيُسَمَّى الْمَهْرُ
واسْتَدَلُّوا لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ التَّحْرِيمَ إِنَّمَا هُوَ إِذَا حَصَلَتِ الْإِجَابَةُ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَإِنَّهَا قَالَتْ خَطَبَنِي أَبُو جَهْمٍ وَمُعَاوِيَةُ فَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خِطْبَةَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بَلْ خَطَبَهَا لِأُسَامَةَ
وقَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا الدَّلِيلِ فَيُقَالُ لَعَلَّ الثَّانِيَ لَمْ يَعْلَمْ بِخِطْبَةِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَشَارَ بِأُسَامَةَ لَا أَنَّهُ خَطَبَ لَهُ واتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَرَكَ الْخِطْبَةَ رَغْبَةً عَنْهَا أَوْ أَذِنَ فِيهَا جَازَتِ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَتِهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ انْتَهَى
[1135]
قَوْلُهُ (عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ) أَيْ الْقُرَشِيَّةِ أُخْتِ الضَّحَّاكِ كَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ (فَحَدَّثَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا) وفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهَا بِتَطْلِيقَةٍ كَانَتْ بَقِيَتْ لَهَا (وَوَضَعَ لِي عَشْرَةَ أَقْفِزَةٍ) جَمْعُ قَفِيزٍ وَهُوَ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ (خَمْسَةٌ شَعِيرٌ وَخَمْسَةٌ بُرٌّ) بَدَلٌ مِنْ عَشْرَةَ أَقْفِزَةٍ (فَقَالَ صَدَقَ) أَيْ فِي عَدَمِ جَعْلِهِ لَكَ السُّكْنَى
وَالنَّفَقَةَ
(يَغْشَاهَا الْمُهَاجِرُونَ) أَيْ يَدْخُلُونَ عَلَيْهَا (فَعَسَى أَنْ تُلْقِي ثِيَابَكَ فَلَا يَرَاكِ) قَالَ النَّوَوِيُّ احْتَجَّ بَعْضُ النَّاسِ بِهَذَا عَلَى جَوَازِ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إِلَى الْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ نَظَرِهِ إِلَيْهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ
والصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ النَّظَرُ إِلَى الْأَجْنَبِيِّ كَمَا يَحْرُمُ عليه النظر إليها لقوله تعالى قل للمؤمنات يغضوا من أبصارهم الْآيَةَ
ولِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا وَأَيْضًا لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رُخْصَةٌ لَهَا فِي النَّظَرِ إِلَيْهِ بَلْ فِيهِ أَنَّهَا آمِنَةٌ عِنْدَهُ مِنْ نَظَرِ غَيْرِهِ وَهِيَ مَأْمُورَةٌ بِغَضِّ بَصَرِهَا عَنْهُ انْتَهَى
(خَطَبَنِي أَبُو جَهْمٍ وَمُعَاوِيَةُ) أَبُو جَهْمٍ هَذَا هُوَ عَامِرُ بْنُ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيُّ الْقُرَشِيُّ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ وَهُوَ الَّذِي طَلَبَ النبي صلى الله عليه وسلم انبجانية فِي الصَّلَاةِ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ غَيْرُ أَبِي جَهْمٍ الْمَذْكُورِ فِي التَّيَمُّمِ وفِي الْمُرُورِ بَيْنَ يدي المصلي ومعاوية هذا هو بن أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ الْأُمَوِيُّ
(أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ لَا مَالَ لَهُ وفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ
والصُّعْلُوكُ بِالضَّمِّ الْفَقِيرُ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ (وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَرَجُلٌ شَدِيدٌ عَلَى النِّسَاءِ) وَفِي رِوَايَةِ لِمُسْلِمٍ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ
وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ ذِكْرِ الْإِنْسَانِ بِمَا فِيهِ عِنْدَ الْمُشَاوَرَةِ وَطَلَبِ النَّصِيحَةِ وَلَا يَكُونُ هَذَا مِنَ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ
(فَبَارَكَ اللَّهُ فِي أُسَامَةَ) وفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا وَاغْتَبَطَتْ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِطُولِهِ وَالْبُخَارِيُّ مُخْتَصَرًا
قَوْلُهُ (وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ إِلَخْ) أَخْرَجَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مُسْلِمٌ
وقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ مِنْ طُرُقٍ عَدِيدَةٍ مُطَوَّلًا مختصرا
وقَدْ اسْتَنْبَطَ مِنْهُ النَّوَوِيُّ فَوَائِدَ كَثِيرَةً فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَعَلَيْكَ أَنْ تُرَاجِعَهُ