الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَاسْتَنْكَرَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ انْتَهَى
وقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ
وفِي الْبَابِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كعب عند بن الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ وفِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ
وأَخْرَجَهُ أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيُّ
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ
وعَنْ أَنَسٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ
وعَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيِّ وفِي إِسْنَادِهِ مَجْهُولٌ آخَرُ غَيْرُ الصَّحَابِيِّ
لِأَنَّ يُوسُفَ بْنَ مَاهِكٍ رَوَاهُ عَنْ فُلَانٍ عَنْ آخر وقد صححه بن السَّكَنِ وَعَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ قَالَ الشافعي هذا الحديث ليس بثابت
وقال بن الْجَوْزِيِّ لَا يَصِحُّ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ
وقَالَ أَحْمَدُ هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ لَا أَعْرِفُهُ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ لَا يَخْفَى أَنَّ وُرُودَهُ بِهَذِهِ الطُّرُقِ الْمُتَعَدِّدَةِ مَعَ تَصْحِيحِ إِمَامَيْنِ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُعْتَبَرِينَ لِبَعْضِهَا وَتَحْسِينِ إِمَامٍ ثَالِثٍ مِنْهُمْ مِمَّا يَصِيرُ بِهِ الْحَدِيثُ مُنْتَهِضًا لِلِاحْتِجَاجِ انتهى
9 -
(باب ما جاء أَنَّ الْعَارِيَةَ مُؤَدَّاةٌ)
[1265]
قَوْلُهُ (الْعَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ) قَالَ التوربشتي أي تؤدى إلى صاحبها واختلفوا في تَأْوِيلِهِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي الضَّمَانِ فَالْقَائِلُ بِالضَّمَانِ يَقُولُ تُؤَدَّى عَيْنًا حَالَ الْقِيَامِ وَقِيمَةً عِنْدَ التَّلَفِ وَفَائِدَةُ التَّأْدِيَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَى خلافه إلزام المستعير مؤنة ردها إلى مالكها كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
(وَالزَّعِيمُ) أَيْ الْكَفِيلُ (غَارِمٌ) قال في النهاية الغارم الذي يلتزم مَا ضَمِنَهُ وَتَكَفَّلَ بِهِ وَيُؤَدِّيهِ وَالْغُرْمُ أَدَاءُ شَيْءٍ لَازِمٍ وَقَدْ غَرِمَ يَغْرَمُ غُرْمًا انْتَهَى
والْمَعْنَى أَنَّهُ ضَامِنٌ وَمَنْ ضَمِنَ دَيْنًا لَزِمَهُ أداؤه (والدين مقضى) أي يجب قضاؤه
قَوْلُهُ (وفِي الْبَابِ عَنْ سَمُرَةَ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وأبو داود وبن ماجه
(وَصَفْوَانِ بْنِ أُمَيَّةَ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (وَأَنَسٍ) أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي كِتَابِ مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ فِي الْكَفَالَةِ بِإِسْنَادِهِ ومتنه
وفي الباب عن بن عَبَّاسٍ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِيهِ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وبن مَاجَهْ
قَالَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ رِوَايَةُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ مِنَ الشَّامِيِّينَ جَيِّدَةٌ وَشُرَحْبِيلُ مِنْ ثِقَاتِ الشَّامِيِّينَ
قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ووثقه أيضا العجلي وبن حبان وضعفه بن مَعِينٍ انْتَهَى
والْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْوَصَايَا مُطَوَّلًا
[1266]
قَوْلُهُ (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ) أَيْ يَجِبُ عَلَى الْيَدِ رَدُّ مَا أَخَذَتْهُ
قَالَ الطيبي ما موصولة مبتدأ وعلى الْيَدِ خَبَرُهُ وَالرَّابِعُ مَحْذُوفٌ أَيْ مَا أَخَذَتْهُ الْيَدُ ضَمَانٌ عَلَى صَاحِبِهَا
والْإِسْنَادُ إِلَى الْيَدِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُتَصَرِّفَةُ (حَتَّى تُؤَدِّيَ) بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ الْمُؤَنَّثِ وَالضَّمِيرُ إِلَى الْيَدِ أَيْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ إِلَى مَالِكِهِ فَيَجِبُ رَدُّهُ فِي الْغَصْبِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ
وفِي الْعَارِيَةِ إِنْ عَيَّنَ مُدَّةً رَدَّهُ إِذَا انْقَضَتْ وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْ مَالِكُهَا
وفِي الْوَدِيعَةِ لَا يَلْزَمُ إِلَّا إذا طلب المالك
ذكره بن الملك
قال القارىء وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ يَعْنِي مَنْ أَخَذَ مَالَ أحد بغضب أَوْ عَارِيَةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ لَزِمَ رَدُّهُ انْتَهَى
(قَالَ قَتَادَةُ ثُمَّ نَسِيَ الْحَسَنُ) أَيْ الْحَدِيثَ (فَقَالَ) أَيْ الْحَسَنُ (هُوَ) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ (لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِ الْحَسَنِ إِنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَسِيَ الْحَدِيثَ كَمَا سَتَعْرِفُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ
وسَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْوَدِيعَ وَالْمُسْتَعِيرَ ضَامِنَانِ وَهُوَ صَالِحٌ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى التَّضْمِينِ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ إِذَا كَانَ عَلَى الْيَدِ الْآخِذَةِ حَتَّى تَرُدَّهُ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ فِي ضَمَانِهَا كَمَا يُشْعِرُ لَفْظُ عَلَى مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ مَأْخُوذٍ وَمَأَخُوذٍ
وقَالَ الْمُقْبِلِيُّ فِي الْمَنَارِ يَحْتَجُّونَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي مَوَاضِعَ عَلَى التَّضْمِينِ
ولَا أَرَاهُ صَرِيحًا لِأَنَّ الْيَدَ الْأَمِينَةَ أَيْضًا عَلَيْهَا مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّ وَإِلَّا فَلَيْسَتْ بِأَمِينَةٍ
إِنَّمَا كَلَامُنَا هَلْ يَضْمَنُهَا لَوْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ وَلَيْسَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَضْمُونِ وَغَيْرِ الْمَضْمُونِ إِلَّا هذا
وأما الحفظ فمشرك وَهُوَ الَّذِي تُفِيدُهُ عَلَى فِعْلِ هَذَا لَمْ يَنْسَ الْحَسَنُ كَمَا زَعَمَ قَتَادَةُ حِينَ قَالَ هُوَ أَمِينُكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ
بَعْدَ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ انْتَهَى
قَالَ
الشَّوْكَانِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ الْمُقْبِلِيِّ هَذَا وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ مَا فِي هَذَا الْكَلَامِ مِنْ قِلَّةِ الْجَدْوَى وَعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ لِأَنَّ الْيَدَ الْأَمِينَةَ عَلَيْهَا مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّ وَإِلَّا فَلَيْسَتْ بِأَمِينَةٍ يَقْتَضِي الْمُلَازَمَةَ بَيْنَ عَدَمِ الرَّدِّ وَعَدَمِ الْأَمَانَةِ فَيَكُونُ تَلَفُ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَةِ بِأَيِّ وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ قَبْلَ الرَّدِّ مُقْتَضِيًا لِخُرُوجِ الْأَمِينِ عَنْ كَوْنِهِ أَمِينًا وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ التَّلَفُ بِخِيَانَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ وَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّ ذَلِكَ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ إِنَّمَا النِّزَاعُ فِي تَلَفٍ لَا يَصِيرُ بِهِ الْأَمِينُ خَارِجًا عَنْ كَوْنِهِ أَمِينًا
كَالتَّلَفِ بِأَمْرٍ لَا يُطَاقُ دَفْعُهُ أَوْ بِسَبَبِ سَهْوٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ ضَيَاعٍ بِلَا تَفْرِيطٍ فَإِنَّهُ يُوجَدُ التَّلَفُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ مَعَ بَقَاءِ الْأَمَانَةِ
وظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي الضَّمَانَ وَقَدْ عَارَضَهُ مَا أَسْلَفْنَا ثُمَّ ذَكَرَ الشَّوْكَانِيُّ كَلَامَ صَاحِبِ ضَوْءِ النَّهَارِ ثُمَّ تَعَقَّبَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا مُخَالَفَةُ رَأْيِ الْحَسَنِ لِرِوَايَتِهِ فَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْعَمَلَ بِالرِّوَايَةِ لَا بِالرَّأْيِ انْتَهَى قَوْلُهُ (وَقَالُوا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْعَارِيَةِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ) قَالَ فِي النَّيْلِ قال بن عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَطَاءٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَعَزَاهُ صَاحِبُ الْفَتْحِ إِلَى الْجُمْهُورِ أَنَّهَا إِذَا تَلِفَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ ضَمِنَهَا إِلَّا فِيمَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ سَمُرَةَ الْمَذْكُورِ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَمْرَ بِتَأْدِيَةِ الْأَمَانَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ ضَمَانَهَا إِذَا تَلِفَتْ (وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ لَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الْعَارِيَةِ ضَمَانٌ إِلَّا أَنْ يُخَالِفَ
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ وَبِهِ يَقُولُ (إِسْحَاقُ) وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال لا ضَمَانَ عَلَى مُؤْتَمَنٍ
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ الْحَافِظُ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ
وأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْهُ بِلَفْظِ لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ
ولَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ وَقَالَ إِنَّمَا يُرْوَى هَذَا عَنْ شُرَيْحٍ غَيْرَ مَرْفُوعٍ قَالَ الْحَافِظُ وفِي إِسْنَادِهِ ضَعِيفَانِ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ قَوْلُهُ لَا ضَمَانَ عَلَى مُؤْتَمَنٍ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ كَانَ أَمِينًا عَلَى عَيْنٍ مِنَ الْأَعْيَانِ كَالْوَدِيعِ وَالْمُسْتَعِيرِ أَمَّا الْوَدِيعُ فَلَا يَضْمَنُ
قِيلَ إِجْمَاعًا إِلَّا لِجِنَايَةٍ مِنْهُ عَلَى الْعَيْنِ وَالْوَجْهِ فِي تَضْمِينِهِ بِالْجِنَايَةِ أَنَّهُ صَارَ بِهَا خَائِنًا
والْخَائِنُ ضَامِنٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ وَالْمُغِلُّ هُوَ الْخَائِنُ وَهَكَذَا يَضْمَنُ الْوَدِيعُ إِذَا وَقَعَ مِنْهُ تَعَدٍّ فِي حِفْظِ الْعَيْنِ
لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْخِيَانَةِ وَأَمَّا الْعَارِيَةُ فَقَدْ ذَهَبَتِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ إِذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَعَدٍّ انْتَهَى