الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوَاهِبُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا
وأخرجه أيضا بن مَاجَهْ وَالدّارَقُطْنيُّ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ إِذَا كَانَتِ الْهِبَةُ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَمْ يَرْجِعْ
ورَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ من حديث بن عباس قال الحافظ
وسنده ضعيف
قال بن الجوزي أحاديث بن عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَسَمُرَةَ ضَعِيفَةٌ
ولَيْسَ مِنْهَا مَا يَصِحُّ
وأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنِ بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا مَنْ وَهَبَ هِبَةً فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا حَتَّى يُثَابَ عَلَيْهَا فَإِنْ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ فَهُوَ كَالَّذِي يَقِيءُ وَيَأْكُلُ مِنْهُ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ فَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ كَانَتْ مُخَصِّصَةً لِعُمُومِ حَدِيثِ الْبَابِ فَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ قَبْلَ الْإِثَابَةِ عَلَيْهَا وَمَفْهُومُ حَدِيثِ سَمُرَةَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لِغَيْرِ ذِي الرَّحِمِ انْتَهَى
(وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَحِلُّ إِلَخْ) وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ كَمَا عَرَفْتَ
2 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي الْعَرَايَا وَالرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ)
الْعَرَايَا جَمْعُ الْعَرِيَّةِ وَهِيَ عَطِيَّةُ ثَمَرِ النَّخْلِ دُونَ الرَّقَبَةِ كَانَ الْعَرَبُ فِي الْجَدْبِ يَتَطَوَّعُ أَهْلُ النَّخْلِ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ لَا ثَمَرَ لَهُ كَمَا يَتَطَوَّعُ صَاحِبُ الشَّاةِ أَوْ الْإِبِلِ بِالْمَنِيحَةِ وَهِيَ عَطِيَّةُ اللَّبَنِ دُونَ الرَّقَبَةِ
والْعَرِيَّةُ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَعُولَةٍ أَوْ فَاعِلَةٍ يُقَالُ عَرَى النَّخْلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ بِالتَّعَدِّيَةِ يَعْرُوهَا إِذَا أَفْرَدَهَا عَنْ غَيْرِهَا بِأَنْ أَعْطَاهَا لِآخَرَ عَلَى سَبِيلِ الْمَنْحَةِ لِيَأْكُلَ ثَمَرَهَا وَتَبْقَى رَقَبَتُهَا لِمُعْطِيهَا وَيُقَالُ عَرِيَتِ النَّخْلُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الرَّاءِ تَعْرَى عَلَى أَنَّهُ قَاصِرٌ فَكَأَنَّهَا عَرِيَتْ عَنْ حُكْمِ أَخَوَاتِهَا وَاسْتُثْبِتَتْ بِالْعَطِيَّةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهَا شَرْعًا
فَقَالَ مَالِكٌ وَالْعَرِيَّةُ أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ النَّخْلَةَ أَيْ يَهَبَهَا لَهُ أَوْ يَهَبَ لَهُ ثَمَرَهَا ثُمَّ يَتَأَذَّى بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ فَرُخِّصَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا أَيْ يَشْتَرِيَ رُطَبَهَا مِنْهُ بِتَمْرٍ كَذَا نَقَلَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْهُ
وقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ الْعَرَايَا أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ ثَمَنَ النَّخْلَةِ فَأَكْثَرَ بِخَرْصِهِ مِنَ التَّمْرِ بِأَنْ يَخْرِصَ الرُّطَبَ ثُمَّ يُقَدِّرَ كَمْ يَنْقُصُ إِذَا يَبَسَ ثُمَّ يشتري بخرصة تمر فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا فَسَدَ الْبَيْعُ انْتَهَى
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ مُحَصَّلُهُ أَنْ لَا يَكُونَ جُزَافًا وَلَا نَسِيئَةً انْتَهَى
وقَالَ بن إسحاق في حديثه عن نافع عن بن عُمَرَ كَانَتِ الْعَرَايَا أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ فِي ما له النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَتَيْنِ كَذَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ الحافظ أما حديث بن إسحاق
عن نافع فوصله الترمذي دون تفسير بن إِسْحَاقَ وَأَمَّا تَفْسِيرُهُ فَوَصَلَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ بِلَفْظِ النَّخَلَاتِ
وزَادَ فِيهِ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ فَيَبِيعُهَا بِمِثْلِ خَرْصِهَا
وهَذَا قَرِيبٌ مِنَ الصُّورَةِ الَّتِي قَصَرَ مَالِكٌ الْعَرِيَّةَ عَلَيْهَا انْتَهَى
وقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ الْعَرَايَا نَخْلٌ كَانَتْ تُوهَبُ لِلْمَسَاكِينِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْتَظِرُوا بِهَا رُخِّصَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا بِمَا شَاءُوا مِنَ التَّمْرِ
كَذَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ
قَالَ الْحَافِظُ هَذَا وَصَلَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي حَدِيثِ سُفْيَانُ بْنَ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مَرْفُوعًا فِي الْعَرَايَا
قَالَ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ فَذَكَرَهُ
قَالَ الْحَافِظُ وَصُوَرُ الْعَرِيَّةِ كَثِيرَةٌ وَهَذِهِ إِحْدَاهَا
قَالَ مِنْهَا أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِ حَائِطٍ بِعْنِي ثَمَرَ نَخَلَاتٍ بِأَعْيَانِهَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ فَيَخْرُصُهَا أَوْ يَبِيعُهُ وَيَقْبِضُ مِنْهُ التَّمْرَ وَيُسَلِّمُ إِلَيْهِ النَّخَلَاتِ بِالنَّخْلِيَّةِ فَيَنْتَفِعُ بِرُطَبِهَا
مِنْهَا أَنْ يَهَبَهُ إِيَّاهَا فَيَتَضَرَّرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِانْتِظَارِ صَيْرُورَةِ الرُّطَبِ تَمْرًا وَلَا يُحِبُّ أَكْلَهَا رُطَبًا لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى التَّمْرِ فَيَبِيعُ ذَلِكَ الرُّطَبَ بِخَرْصِهِ مِنَ الْوَاهِبِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِتَمْرٍ يَأْخُذُ مُعَجَّلًا وَمِنْهَا أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ ثَمَرَ حَائِطِهِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَيَسْتَثْنِيَ مِنْهُ نَخَلَاتٍ مَعْلُومَةً يُبْقِيهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِعِيَالِهِ وَهِيَ الَّتِي عُفِيَ لَهُ عَنْ خَرْصِهَا فِي الصَّدَقَةِ وَسُمِّيَتْ عَرَايَا لِأَنَّهَا أُعْرِيَتْ مِنْ أَنْ تُخْرَصَ فِي الصَّدَقَةِ فَرُخِّصَ لِأَهْلِ الْحَاجَةِ الَّذِينَ لَا نَقْدَ لَهُمْ وَعِنْدَهُمْ فُضُولٌ مِنْ تَمْرِ قُوتِهِمْ أَنْ يَبْتَاعُوا بِذَلِكَ التَّمْرِ مِنْ رُطَبِ تِلْكَ النَّخَلَاتِ بِخَرَصِهَا ومما يطلق عليه اسم عرية أي يُعْرِي رَجُلًا ثَمَرَ نَخَلَاتٍ يُبِيحُ لَهُ أَكْلَهَا وَالتَّصَرُّفَ فِيهَا وَهَذِهِ هِبَةٌ مَخْصُوصَةٌ وَمِنْهَا أَنْ يُعْرِيَ عَامِلُ الصَّدَقَةِ لِصَاحِبِ الْحَاجَةِ مِنْ حَائِطِهِ نَخَلَاتٍ مَعْلُومَةً لَا يَخْرُصُهَا فِي الصَّدَقَةِ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مِنَ الْعَرَايَا لَا بَيْعَ فِيهِمَا
وجَمِيعُ هَذِهِ الصُّوَرِ صَحِيحَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ
وقَصَرَ مَالِكٌ الْعَرِيَّةَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ
وقَصَرَهَا أَبُو عُبَيْدٍ عَلَى الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ صُوَرِ الْبَيْعِ وَزَادَ أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا الرُّطَبَ وَلَا يَشْتَرُوهُ لِتِجَارَةٍ وَلَا ادِّخَارٍ وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ صُوَرَ الْبَيْعِ كُلَّهَا وَقَصَرَ الْعَرِيَّةَ عَلَى الْهِبَةِ وَهُوَ أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ تَمْرَ نَخْلَةٍ مِنْ نَخْلِهِ وَلَا يُسَلِّمَ ذَلِكَ لَهُ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فِي ارْتِجَاعِ تِلْكَ الْهِبَةِ فَرُخِّصَ لَهُ أَنْ يَحْتَبِسَ ذَلِكَ وَيُعْطِيَهُ بِقَدْرِ مَا وَهَبَهُ لَهُ مِنَ الرُّطَبِ بِخَرْصِهِ تَمْرًا وَحَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ أَخْذُهُ بِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ
وتُعُقِّبَ بِالتَّصْرِيحِ بِاسْتِثْنَاءِ العرايا في حديث بن عُمَرَ كَمَا تَقَدَّمَ وفِي حَدِيثِ غَيْرِهِ وَحَكَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبَانَ مِنْ أَصْحَابِهِمْ أن معنى الرخصة أن الذي وهبت الْعَرِيَّةُ لَمْ يَمْلِكْهَا لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تُمْلَكُ إِلَّا بِالْقَبْضِ فَلَمَّا جَازَ لَهُ أَنْ يُعْطَى بَدَلَهَا تَمْرًا وَهُوَ لَمْ يَمْلِكِ الْبَدَلَ مِنْهُ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْبَدَلَ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى وَكَانَ رُخْصَةً وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ بَلْ مَعْنَى الرُّخْصَةِ فِيهِ أَنَّ الْمَرْءَ مَأْمُورٌ بِإِمْضَاءِ مَا وَعَدَ بِهِ ويعطي بدله ولم لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَلَمَّا أُذِنَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ مَا وَعَدَ بِهِ وَيُعْطِيَ بَدَلَهُ وَلَا يَكُونُ فِي حُكْمِ مَنْ أَخْلَفَ وَعْدَهُ
ظَهَرَ بِذَلِكَ مَعْنَى الرُّخْصَةِ
واحْتَجَّ لِمَذْهَبِهِ بِأَشْيَاءَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَرِيَّةَ الْعَطِيَّةُ وَلَا حُجَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا
لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ أَصْلِ الْعَرِيَّةِ الْعَطِيَّةَ أَنْ لَا تُطْلَقَ العرية
شرعا على صور أخرى
قال بن الْمُنْذِرِ الَّذِي رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ هُوَ الَّذِي نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ مِنْ رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ وَنَظِيرُ ذَلِكَ الْإِذْنُ فِي السَّلَمِ مَعَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ
قَالَ فَمَنْ أَجَازَ السَّلَمَ مَعَ كَوْنِهِ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَمَنَعَ الْعَرِيَّةَ مَعَ كَوْنِهَا مُسْتَثْنَاةً مِنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ فَقَدْ تَنَاقَضَ
وأَمَّا حَمْلُهُمْ الرُّخْصَةَ عَلَى الْهِبَةِ فَبَعِيدٌ مَعَ تَصْرِيحِ الْحَدِيثِ بِالْبَيْعِ وَاسْتِثْنَاءِ الْعَرَايَا مِنْهُ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْهِبَةَ لَمَا اسْتُثْنِيَتِ الْعَرِيَّةُ مِنَ الْبَيْعِ وَلِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالرُّخْصَةِ وَالرُّخْصَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ مَمْنُوعٍ وَالْمَنْعُ إِنَّمَا كَانَ فِي الْبَيْعِ لَا الْهِبَةِ
وَبِأَنَّ الرُّخْصَةَ قُيِّدَتْ بِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ مَا دُونَهَا وَالْهِبَةُ لَا تَتَقَيَّدُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ بَيْنَ ذِي رَحِمٍ وَغَيْرِهِ وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الرُّجُوعُ جَائِزًا فَلَيْسَ إِعْطَاؤُهُ بِالتَّمْرِ بَدَلَ الرُّطَبِ بَلْ هُوَ تَجْدِيدُ هِبَةٍ أُخْرَى
فَإِنَّ الرُّجُوعَ لَا يَجُوزُ فَلَا يَصِحُّ تَأْوِيلُهُمْ انْتَهَى
[1300]
قَوْلُهُ (نَهَى عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ) قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُمَا أَيْضًا وَهُوَ بَيْعُ الثمر في رؤوس النَّخْلِ بِالتَّمْرِ (إِلَّا أَنَّهُ قَدْ أَذِنَ لِأَهْلِ الْعَرَايَا أَنْ يَبِيعُوهَا بِمِثْلِ خَرْصِهَا) الْخَرْصُ بِفَتْحِ الخاء المعجمة وسكون الراء الحرز وَالِاسْمُ بِالْكَسْرِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ خَرْصَ النَّخْلَةَ وَالْكَرْمَةَ يَخْرُصُهَا خَرْصًا إِذَا حَزَرَ مَا عَلَيْهَا مِنَ الرُّطَبِ تَمْرًا وَمِنَ الْعِنَبِ زَبِيبًا
فَهُوَ مِنَ الْخِرْصِ الظَّنِّ
لِأَنَّ الْحَزْرَ إِنَّمَا هُوَ تَقْدِيرٌ بِظَنٍّ وَالِاسْمُ الْخِرْصُ بِالْكَسْرِ
يُقَالُ كَمْ خِرْصُ أَرْضِكَ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ أَيْضًا (وجابر) أخرجه أحمد والشافعي وصححه بن خزيمة وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ
قَوْلُهُ (هَكَذَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَوَى أَيُّوبُ إِلَخْ) يَعْنِي رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهْيَ عَنِ الْمُحَاقَلَةِ والمزابنة والرخصة في العرايا كليهما عن بن عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
ورَوَى أَيُّوبُ وغيره النهي عن المحاقلة والمزابنة عن بن عُمَرَ رضي الله عنه بِغَيْرِ وَاسِطَةِ زَيْدِ بن ثابت والرخصة في العرايا عن بن عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
ورِوَايَةُ أَيُّوبَ وغيره أصح من رواية بن إِسْحَاقَ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ مُرَادُ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ التَّصْرِيحَ بِالنَّهْيِ عَنِ الْمُزَابَنَةِ لَمْ يَرِدْ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَإِنَّمَا رَوَاهُ بن عمر بغير واسطة وروى بن عُمَرَ اسْتِثْنَاءَ الْعَرَايَا بِوَاسِطَةِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
فإن كانت رواية بن إسحاق محفوظة
احتمل أن يكون بن عُمَرَ حَمَلَ الْحَدِيثَ كُلَّهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَكَانَ عِنْدَهُ بَعْضُهُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ
قَالَ وأشار
الترمذي إلى أن بن إِسْحَاقَ وَهِمَ فِيهِ
والصَّوَابُ التَّفْصِيلُ انْتَهَى
[1301]
قَوْلُهُ (فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا
وقَدِ اعْتَبَرَ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ بَيْعِ الْعَرَايَا بِمَفْهُومِ هَذَا الْعَدَدِ وَمَنَعُوا مَا زَادَ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الْخَمْسَةِ لِأَجْلِ الشَّكِّ الْمَذْكُورِ
والْخِلَافُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ
والرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ الْجَوَازُ فِي الْخَمْسَةِ فَمَا دُونَهَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْجَوَازُ فِيمَا دُونَ الْخَمْسَةِ
ولَا يَجُوزُ فِي الْخَمْسَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَابِلَةِ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ
قَوْلُهُ (أَرْخَصَ) وفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ رَخَّصَ مِنَ الترخيص (بخرصها) وفي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ بِخَرْصِهَا كَيْلًا
ولِمُسْلِمٍ رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ يَأْخُذُهَا أَهْلُ الْبَيْتِ بِخَرْصِهَا تَمْرًا يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا
وأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَتَيْنِ يُوهَبَانِ لِلرَّجُلِ فَيَبِيعُهُمَا بِخَرْصِهِمَا تَمْرًا زَادَ فِيهِ يُوهَبَانِ لِلرَّجُلِ
ولَيْسَ بِقَيْدٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ قَالَهُ الْحَافِظُ قَوْلُهُ (وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ (وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ أَيْضًا
[1302]
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَالُوا إِنَّ الْعَرَايَا مُسْتَثْنَاةٌ إِلَخْ)
وأَمَّا قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ إِنَّ الْعَرَايَا لَيْسَتْ بِمُسْتَثْنَاةٍ مِنْ