الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَتِ الْمَوْطُوءَةُ تُرْضِعُهُ أَوْ فِرَارًا مِنْ كَثْرَةِ الْعِيَالِ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ مُقِلًّا فَيَرْغَبُ فِي قِلَّةِ الْوَلَدِ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِتَحْصِيلِ الْكَسْبِ
وكُلُّ ذَلِكَ لَا يُغْنِي شَيْئًا
وقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ والبزار وصححه بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَوْ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ أَهْرَقْتَهُ عَلَى صَخْرَةٍ لَأَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهَا وَلَدًا
وَلَهُ شَاهِدَانِ فِي الْكَبِيرِ لِلطَّبَرَانِيِّ عَنِ بن عباس
وفي الأوسط له عن بن مَسْعُودٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ
12 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي الْقِسْمَةِ لِلْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ)
[1139]
قَوْلُهُ (قَالَ) أَيْ أَبُو قِلَابَةَ (لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَكِنَّهُ قَالَ السُّنَّةُ) كَانَ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِرَفْعِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَكَانَ صَادِقًا وَيَكُونُ رُوِيَ بِالْمَعْنَى وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَهُ لَكِنَّهُ رَأَى أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى اللَّفْظِ أَوْلَى
واعْلَمْ أَنَّ الصَّحَابِيَّ إِذَا قَالَ السُّنَّةُ أَوْ مِنَ السُّنَّةِ فَالْمُرَادُ بِهِ سُنَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الَّذِي يَتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ
وقَدْ وَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي الْحَجِّ قَوْلُ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حِينَ سَأَلَهُ الزُّهْرِيُّ عن قول بن عُمَرَ لِلْحَجَّاجِ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ هَلْ تُرِيدُ سُنَّةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ سَالِمٌ وَهَلْ يَعْنُونَ بِذَلِكَ إِلَّا سُنَّتَهُ انْتَهَى
(إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْبِكْرَ عَلَى امْرَأَتِهِ) أَيْ يَكُونُ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ فَيَتَزَوَّجُ مَعَهَا بِكْرًا (أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا) زَادَ فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ ثُمَّ قَسَمَ قَوْلُهُ (وَإِذَا تَزَوَّجَ ثَيِّبًا عَلَى امْرَأَتِهِ أَقَامَ ثَلَاثًا) زَادَ فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ ثُمَّ قَسَمَ
وفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ لِلْبِكْرِ سَبْعَةُ أَيَّامٍ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى نِسَائِهِ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ) أَخْرَجَهُ أحمد ومسلم وأبو داود وبن مَاجَهْ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تَزَوَّجَهَا أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ بِكِ هَوَانٌ عَلَى أَهْلِكَ فَإِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكَ وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكَ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي
وفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ إِنْ شِئْتِ أقمت عندك ثلاثا خالصة لك وإن شِئْتِ سَبَّعْتِ لَكِ وَسَبَّعْتُ لِنِسَائِي قَالَتْ تُقِيمُ مَعِيَ ثَلَاثًا خَالِصَةً
وفِي إِسْنَادِ رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ هَذِهِ الْوَاقِدِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا
قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ قالوا
إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً بِكْرًا عَلَى امْرَأَتِهِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا ثُمَّ قَسَمَ بَيْنَهُمَا بَعْدُ بِالْعَدْلِ إِلَخْ) وَاسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثِ الْبَابِ فَإِنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِيمَا قَالُوا
وهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وفِيهِ أَنَّ حَقَّ الزِّفَافِ ثَابِتٌ لِلْمَزْفُوفَةِ
وتَقَدَّمَ بِهِ عَلَى غَيْرِهَا فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا كَانَ لَهَا سَبْعُ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا بِلَا قَضَاءٍ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا كَانَ لَهَا الْخِيَارُ إِنْ شَاءَتْ سَبْعًا وَيَقْضِي السَّبْعَ لِبَاقِي النِّسَاءِ وَإِنْ شَاءَتْ ثَلَاثًا وَلَا يَقْضِي
وهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ
وهُوَ الَّذِي ثَبَتَتْ فِيهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ
ومَنْ قَالَ بِهِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثور وبن جَرِيرٍ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ
ورَوَى الامام محمد في موطإه حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ وفِيهِ إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ عِنْدَكِ وَدُرْتُ
قَالَتْ ثَلِّثْ
قَالَ مُحَمَّدٌ بِهَذَا نَأْخُذُ يَنْبَغِي إِنْ سَبَّعَ عِنْدَهَا أَنْ يُسَبِّعَ عِنْدَهُنَّ لَا يَزِيدُ لَهَا عَلَيْهِنَّ شَيْئًا وَإِنْ ثَلَّثَ عِنْدَهَا يُثَلِّثُ عِنْدَهُنَّ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةُ مِنْ فُقَهَائِنَا انْتَهَى
قُلْتُ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَدِيدَةِ وَالْقَدِيمَةِ وَلَا بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ بَلْ يَجِبُ الْقَسْمُ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ
والِاسْتِدْلَالُ عَلَى هَذَا بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلِ الظَّاهِرُ مِنْهُ هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَدْ أَقَرَّ بِهِ صَاحِبُ التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ عَلَى مُوَطَّإِ مُحَمَّدٍ
وكَذَا الظَّاهِرُ مِنْ سَائِرِ أَحَادِيثِ الْبَابِ هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الدَّارَقُطْنِيِّ بِلَفْظِ إِنْ شِئْتِ أَقَمْتُ عِنْدَكِ ثَلَاثًا خَالِصَةً لَكِ وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي
قَالَتْ تُقِيمُ مَعِيَ ثَلَاثًا خَالِصَةً
وَاسْتَدَلَّ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ بِالظَّوَاهِرِ الْوَارِدَةِ بِالْعَدْلِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ
وأُجِيبُوا بِأَنَّ أَحَادِيثَ الْبَابِ مُخَصِّصَةٌ لِلظَّوَاهِرِ الْعَامَّةِ
والْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الرَّاجِحَ الظَّاهِرَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ كَمَا تَرَكُوا الْعَمَلَ بِظَاهِرِ أَحَادِيثِ الْبَابِ كَذَلِكَ تَرَكَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ الْعَمَلَ بِظَاهِرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الْمَذْكُورِ
فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ جَوَازُ التَّخْيِيرِ لِلثَّيِّبِ بَيْنَ الثَّلَاثِ بِلَا قَضَاءٍ وَالسَّبْعِ مَعَ الْقَضَاءِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ
وقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لَا تَخْيِيرَ بَلْ لِلْبِكْرِ الْجَدِيدَةِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثلاث بدون التخيير والقضاء
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا يَعْنِي حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ تَرَكَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لِلْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ أَنَسٍ انْتَهَى
وأَشَارَ بِهِ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ قَالَ صَاحِبُ التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ وَاعْتَذَرَ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الدَّالِّ صَرِيحًا عَلَى التَّخْيِيرِ بِأَنَّ مَالِكًا رَأَى ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ