الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
23 -
(بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَسَامَةِ)
بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ مَصْدَرُ أَقْسَمَ وَالْمُرَادُ بِهَا الْأَيْمَانُ وَاشْتِقَاقُ الْقَسَامَةِ مِنَ الْقَسَمِ كَالْجَمَاعَةِ مِنَ الْجَمْعِ وَقَدْ حَكَى إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ الْقَسَامَةَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ اسْمٌ لِلْأَيْمَانِ وَعِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْحَالِفِينَ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْقَامُوسِ
وقَالَ فِي الضِّيَاءِ إِنَّهَا الْأَيْمَانُ وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ إِنَّهَا فِي اللُّغَةِ الْجَمَاعَةُ ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى الْأَيْمَانِ قَالَهُ فِي النَّيْلِ
وقَالَ القارىء فِي الْمِرْقَاةِ وَسَبَبُ الْقَسَامَةِ وُجُودُ الْقَتْلِ فِي الْمَحَلَّةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا وَرُكْنُهَا قَوْلُهُمْ بِاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا
وشَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ الْمُقْسِمُ رَجُلًا حُرًّا عَاقِلًا
وقَالَ مَالِكٌ يَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي قَسَامَةِ الْخَطَأِ دُونَ الْعَمْدِ وَحُكْمُهَا الْقَضَاءُ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ بَعْدَ الْحَلِفِ سَوَاءٌ كَانَتِ الدَّعْوَى فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ أَوْ الْخَطَأِ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ صُورَةُ قَتِيلِ الْقَسَامَةِ أَنْ يُوجَدَ قَتِيلٌ وَادَّعَى وَلِيُّهُ عَلَى رَجُلٍ أَوْ عَلَى جَمَاعَةٍ قَتْلَهُ وَكَانَ عَلَيْهِمْ لَوْثٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ مَا يُغَلِّبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقَ الْمُدَّعِي
كَأَنْ وُجِدَ فِي مَحَلَّتِهِمْ وَكَانَ بَيْنَ الْقَتِيلِ وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ
[1422]
قَوْلُهُ (عَنْ بُشَيْرٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مُصَغَّرًا الْحَارِثِيِّ الْمَدَنِيِّ ثِقَةٌ فَقِيهٌ مِنَ الثَّالِثَةِ (قَالَ قَالَ يَحْيَى وَحَسِبْتُ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ) كَذَا فِي نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ بِالْوَاوِ قَبْلَ عَنْ وَكَذَلِكَ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْ يَحْيَى عَنْ بُشَيْرٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ يَحْيَى وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّهُمَا قَالَا خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ إِلَخْ
وقَالَ وفِي الْأَدَبِ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ بُشَيْرٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ إِلَخْ (أَنَّهُمَا) أَيْ سَهْلًا وَرَافِعًا (وَمُحَيِّصَةُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ التَّحْتَانِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (أَقْبَلَ) وفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَأَقْبَلَ (وَحُوَيِّصَةُ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ مُصَغَّرًا وَقَدْ رُوِيَ التَّخْفِيفُ فِيهِ وفِي مُحَيِّصَةَ (قَبْلَ صَاحِبِهِ) وفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَبْلَ صَاحِبَيْهِ وَهُوَ
الظَّاهِرُ (كَبِّرْ الْكُبْرَ) الْأَوَّلُ أَمْرٌ مِنَ التَّكْبِيرِ وَالثَّانِي بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ قَدِّمْ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْكَ وَأَسَنُّ بِالْكَلَامِ إِرْشَادٌ إِلَى الْأَدَبِ (مَقْتَلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ) أَيْ قَتْلَهُ (فَقَالَ لَهُمْ أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا) وفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ (صَاحِبَكُمْ أَوْ قَاتِلَكُمْ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (قَالَ فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا)
وفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ فِي أَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ
أَيْ يَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنَ الْيَهُودِ فَتُبَرِّئُكُمْ مِنْ أَنْ تَحْلِفُوا (أَعْطَى عَقْلَهُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ أَيْ دِيَتَهُ
زَادَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مِنْ عِنْدِهِ وفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُطَلَّ دَمُهُ فَوَدَاهُ مِائَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ غَلَطٌ مِنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ لِتَصْرِيحِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِقَوْلِهِ مَنْ عِنْدَهُ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهَا مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ بِمَالٍ دَفَعَهُ مِنْ عِنْدِهِ أَوِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مِنْ عِنْدِهِ أَيْ بَيْتِ الْمَالِ الْمُرْصَدِ لِلْمَصَالِحِ وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ صَدَقَةً بِاعْتِبَارِ الِانْتِفَاعِ بِهِ مَجَّانًا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ قَطْعِ الْمُنَازَعَةِ وَإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ
وقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ فَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ جَوَازَ صَرْفِ الزَّكَاةِ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ
قَالَ الْحَافِظُ وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي لَاسٍ قَالَ حَمَلَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِبِلٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ فِي الْحَجِّ
وعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْعِنْدِيَّةِ كَوْنُهَا تَحْتَ أَمْرِهِ وَحُكْمِهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرْعِ وَقَاعِدَةٌ مِنْ قواعد الأحكام وركن من أركان مصالح العباد وَبِهِ أَخَذَ كَافَّةُ الْأَئِمَّةِ وَالسَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَعُلَمَاءِ الْأُمَّةِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنَ الْحِجَازِيِّينَ وَالشَّامِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي صُورَةِ الْأَخْذِ بِهِ وَرُوِيَ التَّوَقُّفُ عَنِ الْأَخْذِ بِهِ عَنْ طَائِفَةٍ فَلَمْ يَرَوُا الْقَسَامَةَ وَلَا أَثْبَتُوا بِهَا فِي الشَّرْعِ حُكْمًا
وهَذَا مَذْهَبُ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَأَبِي قِلَابَةَ وَسَالِمِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَقَتَادَةَ وَمُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ وَإِلَيْهِ يَنْحُو الْبُخَارِيُّ
ورُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِاخْتِلَافٍ عَنْهُ قَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا يُنَافِي مَا صَدَّرَ بِهِ كَلَامَهُ أَنَّ كَافَّةَ الْأَئِمَّةِ أَخَذُوا بِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ عَمَّنْ لَمْ يَقُلْ بِمَشْرُوعِيَّتِهَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ انْتَهَى
(وَقَدْ رَأَى بَعْضُ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ الْقَوَدَ بِالْقَسَامَةِ إِلَخْ) اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْقَسَامَةِ فِيمَا إِذَا كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا هَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِهَا أَمْ لَا فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ يَجِبُ
وهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ
وقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِ لَا يَجِبُ بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ
واخْتَلَفُوا فِي مَنْ يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ يَحْلِفُ الورثة ويجب الحق بحلفهم
وقال أصحاب أبو حَنِيفَةَ يُسْتَحْلَفُ خَمْسُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَيَتَحَرَّاهُمْ الْوَلِيُّ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ وَمَا عَلِمْنَا قَاتِلَهُ
فَإِذَا حَلَفُوا قَضَى عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِمْ بِالدِّيَةِ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ نقلا عن النووي