الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ لَا تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا فَإِنَّ الْمُسْلِمَةَ أُخْتُ الْمُسْلِمَةِ (لِتُكْفِئَ مَا فِي إِنَائِهَا) أَيْ لِتَقْلِبَ مَا فِي إِنَائِهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ كَفَأْتُ الْإِنَاءَ وَأَكْفَأْتُهُ إِذَا كَبَبْتُهُ وَإِذَا أَمَلْتُهُ
وهَذَا تَمْثِيلٌ لِإِمَالَةِ الضَّرَّةِ حَقَّ صَاحِبَتِهَا مِنْ زَوْجِهَا إِلَى نفسها إذا سألت علاقها انْتَهَى
وفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ لِتَسْتَفْرِغَ صَحِيفَتَهَا فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا
قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ نَهْيُ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ أَنْ تَسْأَلَ رَجُلًا طَلَاقَ زَوْجَتِهِ لِيُطَلِّقَهَا وَيَتَزَوَّجَ بِهَا انْتَهَى
وحمل بن عَبْدِ الْبَرِّ الْأُخْتَ هُنَا عَلَى الضَّرَّةِ فَقَالَ فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَسْأَلَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا أَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا لِتَنْفَرِدَ بِهِ انْتَهَى قَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا يُمْكِنُ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي وَقَعَتْ بِلَفْظِ لَا تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا لَفْظُ الشَّرْطِ (يَعْنِي بِلَفْظِ لَا يَصْلُحُ لِامْرَأَةٍ أَنْ تشترط طلاق أختها لتكفىء إِنَاءَهَا) فَظَاهِرٌ أَنَّهَا فِي الْأَجْنَبِيَّةِ
ويُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِيهَا وَلْتَنْكِحْ أَيْ وَلْتَتَزَوَّجْ الزَّوْجَ الْمَذْكُورَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَشْتَرِطَ أَنْ يُطَلِّقَ الَّتِي قَبْلَهَا انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ) لِيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
5 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي طَلَاقِ الْمَعْتُوهِ)
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ الْمَعْتُوهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا هَاءٌ النَّاقِصُ الْعَقْلِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الطِّفْلُ وَالْمَجْنُونُ وَالسَّكْرَانُ
والْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ مَا يَصْدُرُ مِنْهُ انْتَهَى
[1191]
قَوْلُهُ (كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ) أَيْ وَاقِعٌ (إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ عُتِهَ كَعُنِيَ عَتْهًا وَعُتْهًا وَعُتَاهًا فَهُوَ مَعْتُوهٌ نَقَصَ عَقْلُهُ أَوْ فُقِدَ أَوْ دُهِشَ انْتَهَى
وقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ الْمَعْتُوهُ هُوَ الْمَجْنُونُ الْمُصَابُ بِعَقْلِهِ وَقَدْ عُتِهَ فَهُوَ مَعْتُوهٌ انْتَهَى (الْمَغْلُوبُ عَلَى عقله) تفسير المعتوه وأورد صاحب المشكلة هذا الحديث بلفظ والمعتوه قال القارىء كَأَنَّهُ عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الْمَغْلُوبِ بِلَا
وَاوٍ
(هَذَا حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ عَجْلَانَ وَعَطَاءُ بْنُ عَجْلَانَ ضَعِيفٌ ذَاهِبُ الْحَدِيثِ) أَيْ غَيْرُ حَافِظٍ لَهُ قَالَ الْحَافِظُ زَيْنُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ هَذَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ التِّرْمِذِيُّ وَعَطَاءُ بْنُ عَجْلَانَ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ وَلَيْسَ لَهُ فِي بَقِيَّةِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ شَيْءٌ وَهُوَ حَنَفِيٌّ بَصْرِيٌّ يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ وَيُعْرَفُ بِالْعَطَّارِ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ
قال بن مَعِينٍ وَالْفَلَّاسُ كَذَابٌ
وقَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَالْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ
زَادَ أَبُو حَاتِمٍ جِدًّا
وهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ انْتَهَى
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه وَكُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ
قَالَ الْعَيْنِيُّ ذَكَرَهُ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ وَوَصَلَهُ الْبَغَوِيُّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ أَنَّ طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ لَا يَجُوزُ إِلَخْ) قَالَ الْحَافِظُ في الفتح وفيه خلاف قديم ذكر بن أبي شيبة من طريق نافع أن المحير بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَكَانَ مَعْتُوهًا فأمرها بن عُمَرَ بِالْعِدَّةِ
فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ مَعْتُوهٌ
فَقَالَ إِنِّي لَمْ أَسْمَعِ اللَّهَ اسْتَثْنَى لِلْمَعْتُوهِ طَلَاقًا ولا غيره
وذكر بن أَبِي شَيْبَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِثْلَ قَوْلِ عَلِيٍّ انْتَهَى
قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ قَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ وَالْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ يَعُمُّ السَّكْرَانَ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَالْمَجْنُونَ وَالنَّائِمَ وَالْمَرِيضَ الزَّائِلَ عَقْلُهُ بِالْمَرَضِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُمْ كُلَّهُمْ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُمْ
وكَذَا الصَّبِيُّ
وفِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَقَعُ طَلَاقُ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ يَعْقِلُ والمجنون والنائم
والمعتوه كالمجنون
قال بن الْهُمَامِ قِيلَ هُوَ قَلِيلُ الْفَهْمِ الْمُخْتَلِطُ الْكَلَامِ الْفَاسِدُ التَّدْبِيرِ لَكِنْ لَا يُضْرَبُ وَلَا يُشْتَمُ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ
وقِيلَ الْعَاقِلُ مَنْ يَسْتَقِيمُ كَلَامُهُ وَأَفْعَالُهُ إِلَّا نَادِرًا وَالْمَجْنُونُ ضِدُّهُ وَالْمَعْتُوهُ مَنْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى السَّوَاءِ
وهَذَا يُؤَدِّي إِلَى أَنْ لَا يُحْكَمَ بِالْعَتَهِ عَلَى أَحَدٍ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَمَا قِيلَ مَنْ يَكُونُ كُلٌّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ مِنْهُ غَالِبًا مَعْنَاهُ يَكْثُرُ مِنْهُ
وقِيلَ مَنْ يَفْعَلُ فِعْلَ الْمَجَانِينِ عَنْ قَصْدِهِ مَعَ ظُهُورِ الْفَسَادِ وَالْمَجْنُونُ بِلَا قَصْدٍ وَالْعَاقِلُ خِلَافُهُمَا وَقَدْ يَفْعَلُ فِعْلَ الْمَجَانِينِ عَلَى ظَنِّ الصَّلَاحِ أَحْيَانًا وَالْمُبْرَسَمُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَدْهُوشُ كَذَلِكَ
وهَذَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَذَهَبَ إِلَى عَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ أَيْضًا أَبُو الشَّعْثَاءِ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ وَالْقَاسِمُ وَعُمَرُ بن عبد العزيز
ذكره بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُمْ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ وَإِسْحَاقُ وَالْمُزَنِيُّ وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ لَا يَقَعُ
قَالَ وَالسَّكْرَانُ مَعْتُوهٌ بِسُكْرِهِ وَقَالَ بِوُقُوعِهِ طَائِفَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ وَالزُّهْرِيِّ وَالشَّعْبِيِّ
وبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ
وعَنِ الشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ الْمُصَحَّحُ مِنْهُمَا وُقُوعُهُ
والْخِلَافُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالتَّرْجِيحُ بِالْعَكْسِ
وقال بن الْمُرَابِطِ إِذَا تَيَقَّنَّا ذَهَابَ عَقْلِ السَّكْرَانِ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ وَإِلَّا لَزِمَهُ
وقَدْ جَعَلَ اللَّهُ حَدَّ السُّكْرِ الَّذِي تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ أَنْ لَا يَعْلَمَ مَا يَقُولُ
وهَذَا التَّفْصِيلُ لَا يَأْبَاهُ مَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِهِ وَإِنَّمَا اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِوُقُوعِهِ مُطْلَقًا بِأَنَّهُ عَاصٍ بِفِعْلِهِ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ الْخِطَابُ بِذَلِكَ وَلَا الْإِثْمُ لِأَنَّهُ يُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ وَغَيْرِهَا مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ فِي السُّكْرِ أَوْ فِيهِ
وأَجَابَ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّهُ لَا تَخْتَلِفُ أَحْكَامُ فَاقِدِ الْعَقْلِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَهَابُ عَقْلِهِ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ أَوْ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ بِسَبَبٍ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ أَوْ بِسَبَبٍ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ كَمَنْ كَسَرَ رِجْلَ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الْقِيَامِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْقِيَامَ انْتَقَلَ إِلَى بَدَلٍ وَهُوَ القعود فافترقا
وأجاب بن الْمُنْذِرِ عَنِ الِاحْتِجَاجِ بِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ بِأَنَّ النَّائِمَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ وَلَا يَقَعُ طلاقه فافترقا انتهى كلام الحافظ
6 -
باب [1192] قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ شُبَيْبٍ) الْمَكِّيُّ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ لَيِّنُ الْحَدِيثِ مِنَ الثَّامِنَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ
وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَثَّقَهُ بن حِبَّانَ
ونُقِلَ عَنْ هَامِشِ الْخُلَاصَةِ عَنِ التَّهْذِيبِ وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ قَوْلُهُ (كَانَ النَّاسُ) أَيْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (وَهِيَ امْرَأَتُهُ إِذَا ارْتَجَعَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ طَلَّقَهَا مِائَةَ مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ) الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ طَلَّقَهَا وَصْلِيَّةٌ وَالْمَعْنَى كَانَ لَهُ الرَّجْعَةُ مَا دَامَتْ في العدة
وإن طلقها مائة مرة أو أكثر (ولا أؤويك) مِنَ الْإِيوَاءِ أَيْ لَا أُسْكِنُكِ فِي مَنْزِلِي قال فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ أَرَادَ الرَّجْعَةَ انْتَهَى
قَالَ فِي الْقَامُوسِ أَوَيْتُ مَنْزِلِي وَإِلَيْهِ أُوِيًّا بِالضَّمِّ ويكسر وأويت تأية وتأويت وأتويت وئتويت نزلته بنفسي أسكنته وَأَوَّيْتُهُ وَآوَيْتُهُ أَنْزَلْتُهُ انْتَهَى (فَكُلَّمَا هَمَّتْ عِدَّتُكَ أن