الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ مُعْظَمَ خَيْبَرَ فُتِحَ عنوة وبأن كثيرا منها قسم بين العانمين وَبِأَنَّ عُمَرَ أَجْلَاهُمْ مِنْهَا فَلَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ مِلْكَهُمْ مَا أَجْلَاهُمْ عَنْهَا
واسْتَدَلَّ مَنْ أَجَازَهُ فِي جَمِيعِ الثَّمَرِ بِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ الْبَابِ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ نَخْلٍ وَشَجَرٍ
وفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الشَّطْرَ مِنْ كُلِّ زَرْعٍ وَنَخْلٍ وَشَجَرٍ انْتَهَى
(وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ) أَيْ مَالِكِهَا
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ يَعْنِي بِحَدِيثِ الْبَابِ عَلَى جَوَازِ الْبَذْرِ مِنَ الْعَامِلِ أَوْ الْمَالِكِ لِعَدَمِ تَقْيِيدِهِ فِي الْحَدِيثِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
واحْتَجَّ مَنْ مَنَعَ بِأَنَّ الْعَامِلَ حِينَئِذٍ كَأَنَّهُ بَاعَ الْبَذْرَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ بِمَجْهُولٍ مِنَ الطَّعَامِ نَسِيئَةً وَهُوَ لَا يَجُوزُ
وأَجَابَ مَنْ أَجَازَهُ بِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ إِلْغَاءِ أَحَدِهِمَا انْتَهَى
(وَهُوَ قَوْلُ مالك بن أنس والشافعي) والراجح أَنَّ الْمُزَارَعَةَ بِالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ وَالْمُسَاقَاةُ بِالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ كِلَاهُمَا جَائِزٌ غَيْرُ مَكْرُوهٍ كَمَا عَرَفْتَ
(وَلَمْ يَرَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَصِحَّ شَيْءٌ مِنَ الْمُزَارَعَةِ إِلَخْ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَبَالَغَ رَبِيعَةُ فقال لا يجوز كراءها إِلَّا بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ
وقَالَ طَاوُسٌ وَطَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ مُطْلَقًا وَذَهَبَ إليه بن حَزْمٍ وَقَوَّاهُ وَاحْتَجَّ لَهُ بِالْأَحَادِيثِ الْمُطْلَقَةِ فِي ذَلِكَ انْتَهَى
2 -
(بَاب مِنْ الْمُزَارَعَةِ)
[1384]
قَوْلُهُ (أَنْ يُعْطِيَهَا) أَيْ نَهَى عَنْ أَنْ يُعْطِيَهَا (بَعْضَ خَرَاجِهَا) أَيْ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ (أَوْ بِدَرَاهِمَ) احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ جَوَازِ كِرَاءِ الْأَرْضِ مُطْلَقًا لَكِنْ هَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي النَّهْيِ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِبَعْضِ خَرَاجِهَا أَوْ بِدَرَاهِمَ
فَقَدْ أَعَلَّهُ النَّسَائِيُّ بأن مجاهدا لم يسعه من رافع
قال الحافظ
ورواية أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ فِي حِفْظِهِ مَقَالٌ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ وَهُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ عَنْ شَيْخِهِ فِيهِ فَلَمْ يَذْكُرِ الدَّرَاهِمَ
وقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي حَدِيثِهِ وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ ذَهَبٌ وَلَا فِضَّةٌ انْتَهَى
(فَلْيَمْنَحْهَا) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ بَعْدَهَا حَاءٌ مُهْمَلَةٌ وَيَجُوزُ كَسْرُ النُّونِ وَالْمُرَادُ يَجْعَلُهَا مَنِيحَةً وَعَارِيَةً أَيْ لِيُعْطِهَا مَجَّانًا (أَخَاهُ) لِيَزْرَعَهَا هُوَ (أَوْ لِيُزْرِعْهَا) أَيْ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ
[1385]
قَوْلُهُ (لَمْ يُحَرِّمِ الْمُزَارَعَةَ إِلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي حَدِيثِ النَّهْيِ عَنِ الْمُزَارَعَةِ لَيْسَ لِلتَّحْرِيمِ بَلْ لِلتَّنْزِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ
ويَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عمرو بن دينار قال قلت لطاؤوس لَوْ تَرَكْتَ الْمُخَابَرَةَ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهَا
فَقَالَ إن أعلمهم يعني بن عَبَّاسٍ أَخْبَرَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْهَ عَنْهَا
وقَالَ لَأَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا خَرَاجًا مَعْلُومًا
(لَكِنْ أَمَرَ أَنْ يَرْفُقَ) مِنَ الرِّفْقِ وَهُوَ اللُّطْفُ مِنْ بَابِ نَصَرَ
قَالَ فِي الصُّرَاحِ رَفِقَ بِالْكَسْرِ نرمي كَردن ضد العنف صلته بِالْبَاءِ انْتَهَى
وقَالَ فِي الْقَامُوسِ الرِّفْقُ بِالْكَسْرِ مَا اسْتُعِينَ بِهِ رَفِقَ بِهِ وَعَلَيْهِ مُثَلَّثَةٌ رِفْقًا وَمَرْفِقًا كَمَجْلِسٍ وَمَقْعَدٍ وَمِنْبَرٍ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظٍ آخَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَا وَاللَّهِ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنْهُ إِنَّمَا أَتَى رَجُلَانِ قَدِ اقْتَتَلَا فَقَالَ عليه السلام إِنْ كَانَ هَذَا شَأْنُكُمْ فَلَا تُكْرُوا طَرِيقَ الْمَزَارِعِ فَسَمِعَ رَافِعٌ قَوْلَهُ لَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ
وهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ رَافِعٍ حَدِيثٌ فِيهِ اضْطِرَابٌ إِلَخْ) رَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ حَدِيثَ رَافِعٍ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ بَعْضُهَا مُخْتَصِرَةٌ وَبَعْضُهَا مُطَوَّلَةٌ وفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانُوا يَزْرَعُونَهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ وَالنِّصْفِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ
قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي قَدِ اسْتَظْهَرَ الْبُخَارِيُّ لِحَدِيثِ رَافِعٍ بِحَدِيثِ جَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَادًّا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ حَدِيثَ رَافِعٍ فَرْدٌ وَأَنَّهُ مُضْطَرِبٌ
وأَشَارَ إِلَى صِحَّةِ الطَّرِيقَيْنِ عَنْهُ حَيْثُ رَوَى عَنْ عَمِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وَقَدْ رَوَى عَنْ عَمِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ رِوَايَتَهُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ مُقْتَصِرَةٌ عَلَى النَّهْيِ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ عَمِّهِ مفسرة للمراد وهو ما بينه بن عَبَّاسٍ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ إِرَادَةِ الرِّفْقِ وَالتَّفْضِيلِ وَأَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ لَيْسَ لِلتَّحْرِيمِ انْتَهَى