الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ رجلين فَيُعْتِقُ أَحَدُهُمَا)
نَصِيبَهُ [1346] قَوْلُهُ (أَوْ قَالَ شَقِيصًا) وفِي بَعْضِ النُّسَخِ شِقْصًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ الشِّقْصُ وَالشَّقِيصُ النَّصِيبُ فِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ (أَوْ قَالَ شِرْكًا) بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ حِصَّةً وَنَصِيبًا كَذَا فِي النِّهَايَةِ (فَكَانَ لَهُ) أَيْ لِلْمُعْتِقِ وفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ وَكَانَ لَهُ (مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ) وفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ أَيْ قِيمَةَ بَاقِيهِ (بِقِيمَةِ الْعَدْلِ) أَيْ تَقْوِيمِ عَدْلٍ مِنَ الْمُقَوِّمِينَ أَوِ الْمُرَادُ قِيمَةٌ وَسَطٌ (فَهُوَ) أَيْ الْعَبْدُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ (فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ) أَيْ مِنَ الْعَبْدِ (مَا عَتَقَ)
مِنْ نَصِيبِ الْمُعْتَقِ هَذَا الْحَدِيثُ بِظَاهِرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتِقَ إِنْ كَانَ مُوسِرًا ضَمِنَ لِلشَّرِيكِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَا يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ بَلْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَرَقَّ مَا رَقَّ
ومَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ إِنْ كَانَ مُوسِرًا ضَمِنَ أَوِ اسْتَسْعَى الشَّرِيكُ الْعَبْدَ أَوْ أَعْتَقَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَا يَضْمَنُ لَكِنَّ الشَّرِيكَ إِمَّا أَنْ يَسْتَسْعِي أَوْ يَعْتِقَ وَالْوَلَاءُ لَهُمَا لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ يَتَجَزَّى عِنْدَهُ وَقَالَا أَيْ صَاحِبَاهُ لَهُ ضَمَانُهُ غَنِيًّا وَالسِّعَايَةُ فَقِيرًا وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ لِعَدَمِ تَجَزِّي الْإِعْتَاقِ عِنْدَهُمَا
ومَعْنَى الِاسْتِسْعَاءِ أَنَّ الْعَبْدَ يُكَلَّفُ لِلِاكْتِسَابِ حَتَّى يُحَصِّلَ قِيمَتَهُ لِلشَّرِيكِ
وقِيلَ هُوَ أَنْ يَخْدُمَ الشَّرِيكَ بِقَدْرِ مَا لَهُ فِيهِ مِنَ الْمِلْكِ كَذَا فِي اللَّمَعَاتِ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ (وَقَدْ رَوَاهُ) أَيْ الْحَدِيثَ المذكور [1347](سالم عن أبيه) أي عن بن عُمَرَ كَمَا رَوَاهُ نَافِعٌ
عَنْهُ ثُمَّ أَسْنَدَهُ التِّرْمِذِيُّ بِقَوْلِهِ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ إِلَخْ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ
[1348]
قَوْلُهُ (عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَزْنًا وَاحِدًا هُوَ أَبُو الشَّعْثَاءِ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ
قَوْلُهُ (فَخَلَاصُهُ فِي مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ) أَيْ يَبْلُغُ قِيمَةَ بَاقِيهِ
وفِي رواية مسلم من عتق شقصا في عبد أعتق كُلُّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِلْمُعْتِقِ (قُوِّمَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ من التقويم (قيمة عدل) أي تقديم عَدْلٍ مِنَ الْمُقَوِّمِينَ أَوِ الْمُرَادُ قِيمَةٌ وَسَطٌ (يُسْتَسْعَى) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ
قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله مَعْنَى الِاسْتِسْعَاءِ أَنَّ الْعَبْدَ يُكَلَّفُ بِالِاكْتِسَابِ وَالطَّلَبِ حَتَّى يُحَصِّلَ قِيمَةَ نَصِيبِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَإِذَا دَفَعَهَا إِلَيْهِ عَتَقَ
كَذَا فَسَّرَهُ الْجُمْهُورُ
وقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ أَنْ يَخْدُمَ سَيِّدَهُ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ بِقَدْرِ مَا لَهُ فِيهِ مِنَ الرِّقِّ (غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ) أَيْ لَا يُكَلَّفُ بِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) لِيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ كَذَا فِي الْمُنْتَقَى
قَوْلُهُ (وَهَكَذَا رَوَى أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ نَحْوَهُ) يَعْنِي بِذِكْرِ الِاسْتِسْعَاءِ
قَوْلُهُ (فَرَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ السِّعَايَةَ فِي هَذَا وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ وَبِهِ يَقُولُ إِسْحَاقُ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى الْأَخْذِ بِالِاسْتِسْعَاءِ إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا أَبُو حَنِيفَةَ
وَصَاحِبَاهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَآخَرُونَ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ الْأَكْثَرُ يَعْتِقُ جَمِيعُهُ فِي الْحَالِ وَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي تَحْصِيلِ قِيمَةِ نصيب الشريك وزاد بن أَبِي لَيْلَى فَقَالَ ثُمَّ يَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى الْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ بِمَا أَدَّاهُ لِلشَّرِيكِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَحْدَهُ يَتَخَيَّرُ الشَّرِيكُ بَيْنَ الِاسْتِسْعَاءِ وَبَيْنَ عِتْقِ نَصِيبِهِ
وهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عِنْدَهُ ابْتِدَاءً إِلَّا النَّصِيبُ الْأَوَّلُ فَقَطْ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا جَنَحَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ كَالْمُكَاتَبِ وَعَنْ عَطَاءٍ يَتَخَيَّرُ الشَّرِيكُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ إِبْقَاءِ حِصَّتِهِ فِي الرِّقِّ
وخَالَفَ الْجَمِيعَ زُفَرُ فَقَالَ يَعْتِقُ كُلُّهُ وَتُقَوَّمُ حِصَّةُ الشَّرِيكِ فَتُؤْخَذُ إِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا وَتُرَتَّبُ فِي ذِمَّتِهِ إِنْ كَانَ مُعْسِرًا انْتَهَى
(وقالوا بما روي عن بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي حَدِيثَهُ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْبَابِ
(وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبِهِ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ) قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ ليس في نسخة صحيحة ذكر إسحاق ها هنا وَهُوَ الْأَنْسَبُ بِمَا سَبَقَ انْتَهَى
واسْتُدِلَّ لَهُمْ بحديث بن عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبِأَحَادِيثَ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ
وأُجِيبَ مِنْ قِبَلِهِمْ عَنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِأَنَّ ذِكْرَ الِاسْتِسْعَاءِ فِيهِ مُدْرَجٌ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وأُجِيبَ مِنْ جَانِبِ الْأَوَّلِينَ عن حديث بن عُمَرَ رضي الله عنه بِأَنَّ الَّذِي يَدُلُّ فِيهِ عَلَى تَرْكِ الِاسْتِسْعَاءِ هُوَ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ
هُوَ مُدْرَجٌ لَيْسَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْحَدِيثَيْنِ صَحِيحَانِ مَرْفُوعَانِ وِفَاقًا لِصَاحِبَيِ الصَّحِيحِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ مُؤَيِّدَاتٍ لِهَاتَيْنِ الزِّيَادَتَيْنِ فالواجب قبول الزيادتين المذكورتين في حديث بن عُمَرَ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَظَاهِرُهُمَا التَّعَارُضُ وَالْجَمْعُ مُمْكِنٌ وَقَدْ جَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ مَعْنَاهُمَا أَنَّ الْمُعْسِرَ إِذَا أَعْتَقَ حِصَّتَهُ لَمْ يَسْرِ الْعِتْقُ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ بَلْ تَبْقَى حِصَّةُ شَرِيكِهِ عَلَى حَالِهَا وَهِيَ الرِّقُّ ثُمَّ يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي عِتْقِ بَقِيَّتِهِ فَيُحَصِّلُ ثَمَنَ الْجُزْءِ الَّذِي لِشَرِيكِ سَيِّدِهِ وَيَدْفَعُهُ إِلَيْهِ وَيَعْتِقُ وَجَعَلُوهُ فِي ذَلِكَ كَالْمُكَاتَبِ وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ به البخاري
قال الْحَافِظُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ لِقَوْلِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ
فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ اللُّزُومِ بِأَنْ يُكَلَّفَ الْعَبْدُ الِاكْتِسَابَ وَالطَّلَبَ حَتَّى يُحَصِّلَ ذَلِكَ لَحَصَلَ لَهُ غَايَةُ الْمَشَقَّةِ وَهِيَ لَا تَلْزَمُ فِي الْكِتَابَةِ بِذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ فَهَذِهِ مِثْلُهَا
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَا يَبْقَى بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بَعْدَ هَذَا الْجَمْعِ مُعَارَضَةٌ أَصْلًا
قَالَ الْحَافِظُ وهُوَ كَمَا قَالَ إِلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَبْقَى الرِّقُّ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ إِذَا لَمْ يَخْتَرِ الْعَبْدُ الِاسْتِسْعَاءَ فَيُعَارِضُهُ حَدِيثُ أَبِي الْمَلِيحِ يَعْنِي بِحَدِيثِهِ الَّذِي يَرْوِيهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ قَوْمِنَا أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ