الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
70 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ)
[1071]
قَوْلُهُ (إِذَا قُبِرَ الْمَيِّتُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ إِذَا أُدْخِلَ فِي الْقَبْرِ وَدُفِنَ (أَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي أَيْ أَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ مَكَانَ لَفْظِ الْمَيِّتِ (أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ) بزاء فَرَاءٍ أَيْ أَزْرَقَانِ أَعْيُنُهُمَا
زَادَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَعْيُنُهُمَا مِثْلُ قُدُورِ النُّحَاسِ وَأَنْيَابُهُمَا مِثْلُ صَيَاصِي الْبَقَرِ وَأَصْوَاتُهُمَا مِثْلُ الرَّعْدِ
وَنَحْوُهُ لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ مُرْسَلِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَزَادَ يَحْفِرَانِ بِأَنْيَابِهِمَا وَيَطَآنِ فِي أَشْعَارِهِمَا مَعَهُمَا مِرْزَبَّةٌ لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا أَهْلُ مِنَى لَمْ يُقِلُّوهَا
كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
(يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا الْمُنْكَرُ) مَفْعُولٌ مِنْ أَنْكَرَ بِمَعْنَى نَكِرَ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ أَحَدًا (وَلِلْآخَرِ النَّكِيرُ) فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٌ مِنْ نَكِرَ بِالْكَسْرِ إِذَا لَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ فَهُمَا كِلَاهُمَا ضِدُّ الْمَعْرُوفِ سُمِّيَا بِهِمَا لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَعْرِفْهُمَا وَلَمْ يَرَ صُورَةً مِثْلَ صُورَتِهِمَا
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ اسْمَ اللَّذَيْنِ يَسْأَلَانِ الْمُذْنِبَ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ وَاسْمَ اللَّذَيْنِ يَسْأَلَانِ الْمُطِيعَ مبشر وبشير (فيقولان ما كُنْتَ تَقُولُ) زَادَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ فَيُقْعِدَانِهِ
وزَادَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ
وزاد بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَإِذَا كَانَ مُؤْمِنًا كَانَتِ الصَّلَاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَالزَّكَاةُ عَنْ يَمِينِهِ وَالصَّوْمُ عَنْ شِمَالِهِ وَفِعْلُ الْمَعْرُوفِ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ فَيُقَالُ لَهُ اجْلِسْ فَيَجْلِسُ وَقَدْ مَثُلَتْ له الشمس عند الغروب
زاد بن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ فَيَجْلِسُ فَيَمْسَحُ عَيْنَيْهِ وَيَقُولُ دَعُونِي أُصَلِّي
(فِي هَذَا الرَّجُلِ) وفِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ لِمُحَمَّدٍ
ولِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ عَبَّرَ بِذَلِكَ امْتِحَانًا لِئَلَّا يَتَلَقَّنَ تَعْظِيمَهُ عَنْ عِبَارَةِ الْقَائِلِ
قِيلَ يُكْشَفُ لِلْمَيِّتِ حَتَّى يَرَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ بُشْرَى عَظِيمَةٌ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ صَحَّ ذَلِكَ
ولَا نَعْلَمُ حَدِيثًا صَحِيحًا مَرْوِيًّا فِي ذَلِكَ وَالْقَائِلُ بِهِ إِنَّمَا اسْتَنَدَ لِمُجَرَّدِ أَنَّ الْإِشَارَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا لِلْحَاضِرِ
لَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ تكون الإشارة لما في الذهن فيكون مجاز انتهى كلام
الْقَسْطَلَّانِيِّ (فَيَقُولُ) أَيْ الْمَيِّتُ (مَا كَانَ يَقُولُ) أَيْ قَبْلَ الْمَوْتِ (قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا) أَيْ الْإِقْرَارُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالرِّسَالَةِ
وعِلْمُهُمَا بِذَلِكَ إِمَّا بِإِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُمَا بِذَلِكَ
أَوْ بِمُشَاهَدَتِهِمَا فِي جَبِينِهِ أَثَرَ السَّعَادَةِ وَشُعَاعَ نُورِ الْإِيمَانِ وَالْعِبَادَةِ
(ثُمَّ يُفْسَحُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يُوَسَّعُ (سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ) أَيْ فِي عَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا
يَعْنِي طُولَهُ وَعَرْضَهُ كَذَلِكَ
قَالَ الطِّيبِيُّ أَصْلُهُ يُفْسَحُ قَبْرُهُ مِقْدَارَ سَبْعِينَ ذِرَاعًا فَجَعَلَ الْقَبْرَ ظَرْفًا لِلسَّبْعَيْنِ وَأَسْنَدَ الْفِعْلَ إِلَى السَّبْعِينَ مُبَالَغَةً فِي السَّعَةِ (ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ) أَيْ يُجْعَلُ النُّورُ لَهُ فِي قَبْرِهِ الَّذِي وُسِّعَ عَلَيْهِ وفِي رِوَايَةِ بن حِبَّانَ وَيُنَوَّرُ لَهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ (نَمْ) أَمْرٌ مِنْ نَامَ يَنَامُ (فَيَقُولُ) أَيْ الْمَيِّتُ لِعَظِيمِ مَا رَأَى مِنَ السُّرُورِ (أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي) أَيْ أُرِيدُ الرُّجُوعَ كَذَا قِيلَ
والْأَظْهَرُ أن الاستفهام مقدر قاله القارىء
(فَأُخْبِرُهُمْ) أَيْ بِأَنَّ حَالِي طَيِّبٌ وَلَا حُزْنَ لِي لِيَفْرَحُوا بِذَلِكَ (كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ) هُوَ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي أَوَّلِ اجْتِمَاعِهِمَا وَقَدْ يُقَالُ لِلذَّكَرِ الْعَرِيسُ (الَّذِي لَا يُوقِظُهُ) الْجُمْلَةُ صِفَةُ الْعَرُوسِ وَإِنَّمَا شَبَّهَ نَوْمَهُ بِنَوْمَةِ الْعَرُوسِ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي طَيِّبِ الْعَيْشِ (إِلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ) قَالَ الْمُظْهَرُ عِبَارَةٌ عَنْ عِزَّتِهِ وَتَعْظِيمِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ يَأْتِيهِ غَدَاةَ لَيْلَةِ زِفَافِهِ مَنْ هُوَ أَحَبُّ وَأَعْطَفُ فَيُوقِظُهُ عَلَى الرِّفْقِ وَاللُّطْفِ (حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ) هَذَا لَيْسَ مِنْ مَقُولِ الْمَلَكَيْنِ بَلْ مِنْ كَلَامِهِ صلى الله عليه وسلم وَحَتَّى مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ يَنَامُ طَيِّبَ الْعَيْشِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ (سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ) وفِي بَعْضِ النُّسَخِ يَقُولُونَ قَوْلًا وَكَذَلِكَ فِي الْمِشْكَاةِ وَالْمُرَادُ بِالْقَوْلِ هُوَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ (فَقُلْتُ مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ (لَا أَدْرِي) أَيْ أَنَّهُ نَبِيٌّ فِي الْحَقِيقَةِ أم لا وهو استيناف أَيْ مَا شَعَرْتُ غَيْرَ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الْحَالِ (التئمي) أي انضمي واجتمحي (فَتَخْتَلِفُ أَضْلَاعُهُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ ضِلَعٍ وَهُوَ عَظْمُ الْجَنْبِ أَيْ تَزُولُ عَنِ الْهَيْئَةِ الْمُسْتَوِيَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا مِنْ شِدَّةِ الْتِئَامِهَا عَلَيْهِ وَشِدَّةِ الضَّغْطَةِ وَتُجَاوِزُ جَنْبَيْهِ مِنْ كُلِّ جَنْبٍ إِلَى جَنْبٍ آخَرَ (فَلَا يَزَالُ فِيهَا) أَيْ فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ قَوْلُهُ (وفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ (وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ) أَخْرَجَهُ مسلم (وبن عَبَّاسٍ) لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ
(وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ
وأَخْرَجَ أَحْمَدُ حَدِيثَهُ الطَّوِيلَ
وذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ فِي بَابِ مَا يُقَالُ عِنْدَ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ
وصَحَّحَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَغَيْرُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ (وَأَبِي أَيُّوبَ) لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ (وَأَنَسٍ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم (وجابر) أخرجه أحمد وبن مَاجَهْ (وَعَائِشَةَ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (وَأَبِي سَعِيدٍ) أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ
[1072]
قَوْلُهُ (عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ) أَيْ أُظْهِرَ لَهُ مَكَانُهُ الْخَاصُّ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْعَرْضَ عَلَى الرُّوحِ فَقَطْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مَعَ جُزْءٍ مِنَ الْبَدَنِ
قَالَ وَالْمُرَادُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ وَقْتُهُمَا وَإِلَّا فَالْمَوْتَى لَا صَبَاحَ عِنْدَهُمْ وَلَا مَسَاءَ
قَالَ وَهَذَا فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ وَاضِحٌ
فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ الْمُخْلِصُ فَيَحْتَمِلُ فِي حَقِّهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فِي الْجُمْلَةِ
ثُمَّ هُوَ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الشُّهَدَاءِ لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ وَأَرْوَاحُهُمْ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ
ويَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ فَائِدَةُ الْعَرْضِ فِي حَقِّهِمْ تَبْشِيرُ أَرْوَاحِهِمْ بِاسْتِقْرَارِهَا فِي الْجَنَّةِ مُقْتَرِنَةً بِأَجْسَادِهَا
فَإِنَّ فِيهِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مَا هِيَ فِيهِ الْآنَ انْتَهَى
(إِنْ كَانَ) أَيْ الْمَيِّتُ (مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ التَّقْدِيرُ
إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمَقْعَدٌ مِنْ مَقَاعِدِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَالْجَنَّةُ
أَيْ فَالْمَعْرُوضُ الْجَنَّةُ (هَذَا) أَيْ الْمَقْعَدُ الْمَعْرُوضُ عَلَيْكَ (مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثُكَ اللَّهُ إِلَخْ) قَالَ بن التِّينِ مَعْنَاهُ أَيْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَالْمَعْنَى حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَى ذَلِكَ الْمَقْعَدِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إِلَى اللَّهِ فَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ
والْأَوَّلُ أَظْهَرُ انْتَهَى
ويُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ بِلَفْظِ ثُمَّ يُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ الَّذِي تُبْعَثُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ