الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَكَ شَيْئًا أَبَدًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَلْ يَقَعُ مَا أَوْقَعَتْ هَذَا فِي الْمُمَلَّكَةِ
وأَمَّا الْمُخَيَّرَةُ فَإِذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا يَقَعُ عِنْدَهُ ثَلَاثٌ وَإِنْ أَنْكَرَهَا الزَّوْجُ
هَذَا تَفْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ كما ذكره بن أَبِي زَيْدٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَقَعُ فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ عَلَى مَا نَوَى الزَّوْجُ فَإِنْ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ
وإِنْ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ
وفِي اخْتِيَارِي يَقَعُ وَاحِدَةً بَائِنَةً
وإِنْ نَوَى الزَّوْجُ ثَلَاثًا
وعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَقَعُ رَجْعِيَّةً فِي الْمُمَلَّكَةِ والمخيرة كليهما
وهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ انْتَهَى مَا فِي الْمُحَلَّى (وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ) وَلَمْ يَذْكُرْ التِّرْمِذِيُّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ عَرَفْتَ قَوْلَهُ آنِفًا وَهُوَ أَنَّهُ يَقَعُ عِنْدَهُ رَجْعِيَّةً فِي الْمُمَلَّكَةِ وَالْمُخَيَّرَةِ كِلْتَيْهِمَا
(بَاب مَا جَاءَ فِي الْخِيَارِ الْمُرَادُ بِهِ التَّخْيِيرُ)
وَهُوَ جَعْلُ الطَّلَاقِ إِلَى الْمَرْأَةِ فَإِنْ لَمْ تَمْتَثِلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا قَالَهُ الْعَيْنِيُّ
[1179]
قَوْلُهُ (خَيَّرَنَا) وفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ خَيَّرَ نِسَاءَهُ (أَفَكَانَ طَلَاقًا) اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ أَيْ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا لِأَنَّهُنَّ اخْتَرْنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ
قَوْلُهُ (وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْخِيَارِ إِلَخْ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَبِقَوْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها يَقُولُ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَهُوَ أَنَّ مَنْ خَيَّرَ زَوْجَتَهُ فَاخْتَارَتْهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ طَلَاقٌ
لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا هَلْ يَقَعُ طَلْقَةً وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً أَوْ بَائِنًا أَوْ يَقَعُ ثَلَاثًا
وحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ إِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنِ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَوَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ إِنْ اخْتَارَتْ
نَفْسَهَا فَثَلَاثٌ وَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ
وعن عمرو بن مَسْعُودٍ إِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَعَنْهُمَا رَجْعِيَّةٌ وَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَلَا شَيْءَ
ويُؤَيِّدُ قَوْلَ الْجُمْهُورِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ التَّخْيِيرَ تَرْدِيدٌ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَلَوْ كَانَ اخْتِيَارُهَا لِزَوْجِهَا طَلَاقًا لَاتَّحَدَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اخْتِيَارَهَا لِنَفْسِهَا بِمَعْنَى الْفِرَاقِ وَاخْتِيَارَهَا لِزَوْجِهَا بِمَعْنَى الْبَقَاءِ فِي العصمة
وقد أخرج بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ زَاذَانَ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عَلِيٍّ فَسُئِلَ عَنِ الْخِيَارِ فَقَالَ سَأَلَنِي عَنْهُ عُمَرُ
فَقُلْتُ إِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فواحدة بائنة وإن اختارت زوجها فواحدة رجعية
قَالَ لَيْسَ كَمَا قُلْتُ
إِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَلَا شَيْءَ قَالَ فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا مِنْ مُتَابَعَتِهِ فَلَمَّا وُلِّيتُ رَجَعْتُ إِلَى مَا كُنْتُ أَعْرِفُ
قَالَ عَلِيٌّ وَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَ فَذَكَرَ مِثْلَ مَا حَكَاهُ عنه الترمذي
وأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَلِيٍّ نَظِيرَ مَا حَكَاهُ عَنْهُ زَاذَانُ مِنَ اخْتِيَارِهِ
وأَخَذَ مَالِكٌ بِقَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَتْبَاعِهِ لِكَوْنِهَا إِذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا يَقَعُ ثَلَاثًا بِأَنَّ مَعْنَى الْخِيَارِ بَتُّ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إِمَّا الْأَخْذُ وَإِمَّا التَّرْكُ فَلَوْ قُلْنَا إِذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا تَكُونُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً لَمْ يُعْمَلْ بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ إِنَّهَا تَكُونُ بَعْدُ فِي أَسْرِ الزَّوْجِ وَتَكُونُ كَمَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَاخْتَارَ غَيْرَهُمَا
وأخذ أبو حنيفة بقول عمر وبن مَسْعُودٍ فِيمَا إِذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا
فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ إِلَّا إِيرَادُ السَّابِقِ
وقَالَ الشَّافِعِيُّ التَّخْيِيرُ كِنَايَةٌ فَإِذَا خَيَّرَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ وَأَرَادَ بِذَلِكَ تَخْيِيرَهَا بَيْنَ أَنْ تَطْلُقَ مِنْهُ وَبَيْنَ أَنْ تَسْتَمِرَّ فِي عِصْمَتِهِ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَأَرَادَتْ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ طَلُقَتْ
فَلَوْ قَالَتْ لَمْ أُرِدْ بِاخْتِيَارِ نَفْسِي الطَّلَاقَ صُدِّقَتْ
ويُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ فِي التَّخْيِيرِ بِالتَّطْلِيقِ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ جَزْمًا
نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ شَيْخُنَا حَافِظُ الْوَقْتِ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَنَبَّهَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى اشْتِرَاطِ ذِكْرِ النَّفْسِ فِي التَّخْيِيرِ
فَلَوْ قَالَ مَثَلًا اخْتَارِي
فَقَالَتْ اخْتَرْتُ لَمْ يَكُنْ تَخْيِيرًا بَيْنَ الطَّلَاقِ وَعَدَمِهِ
وهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ مَحِلَّهُ الْإِطْلَاقُ
فَلَوْ قَصَدَ ذَلِكَ بِهَذَا اللَّفْظِ سَاغَ
وقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَيْضًا إِنْ قَالَ اخْتَارِي يَنْوِي بِهِ الطَّلَاقَ فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَيَقَعُ بَائِنًا
فَلَوْ لَمْ يَنْوِ فَهُوَ بَاطِلٌ
وكَذَا لَوْ قَالَ اخْتَارِي فَقَالَتِ اخْتَرْتُ
فَلَوْ نَوَى فَقَالَتِ اخْتَرْتُ نَفْسِي وَقَعَتْ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ
وقَالَ الْخَطَّابِيُّ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ
فَاخْتَرْنَاهُ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلَاقًا أَنَّهَا لَوْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا لَكَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا
ووَافَقَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا
أَنَّ نَفْسَ ذَلِكَ الِاخْتِيَارِ يَكُونُ طَلَاقًا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى نُطْقٍ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الطَّلَاقِ
قَالَ وَهُوَ مُقْتَبَسٌ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ
قَالَ الْحَافِظُ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ أَنَّ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إِنْشَاءِ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ لِأَنَّ فِيهَا