الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البيهقي من حديث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ أُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ
وأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ لَهُ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِرُوَاتِهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّمَا تَكُونُ الشُّفْعَةُ فِي الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ وَلَمْ يَرَوُا الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ شَيْءٍ) وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شَرِكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ رَبَعَةٌ أَوْ حَائِطٌ
الحديث رواه مسلم
قال القارىء فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَثْبُتُ إِلَّا فِيمَا لَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ كَالْأَرَاضِيِ وَالدُّورِ وَالْبَسَاتِينِ دُونَ مَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ كَالْأَمْتِعَةِ وَالدَّوَابِّ
وهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ انْتَهَى
واحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ سَمُرَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَبِحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالشُّفْعَةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فِي الْأَرَضِينَ وَالدُّورِ
رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي الْمُسْنَدِ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ عَنْ عُبَادَةَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ
(وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ) وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ
وعَنْ أَحْمَدَ تَثْبُتُ فِي الْحَيَوَانَاتِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْمَنْقُولَاتِ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَدِيثِ بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ معلول بالإرسال
(اللُّقَطَةُ الشَّيْءُ يُلْتَقَطُ وَهُوَ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ
وَالْمُحَدِّثِينَ)
وقَالَ عِيَاضٌ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ
وقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْفَائِقِ اللُّقَطَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْعَامَّةُ تُسَكِّنُهَا كَذَا قَالَ وَقَدْ جَزَمَ الْخَلِيلُ بِأَنَّهَا بِالسُّكُونِ
قَالَ وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ اللَّاقِطُ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ الْقِيَاسُ وَلَكِنِ الَّذِي سُمِعَ مِنَ الْعَرَبِ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ اللُّغَةِ والحديث الفتح
كَذَا فِي الْفَتْحِ والضَّالُّ فِي الْحَيَوَانِ كَاللُّقَطَةِ في غيره
[1374]
قَوْلُهُ (عَنْ سُوَيْدٍ) بِالتَّصْغِيرِ (بْنِ غَفْلَةَ) بِفَتْحِ المعجمة والفاء
أَبُو أُمَيَّةَ الْجُعْفِيُّ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ فِي زَمَنِهِ رَجُلًا وَأَعْطَى الصَّدَقَةَ فِي زَمَنِهِ وَلَمْ يَرَهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ إِنَّهُ صَلَّى خَلْفَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ وَإِنَّمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ حِينَ نَفَضُوا أَيْدِيَهُمْ مِنْ دَفْنِهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ شَهِدَ الْفُتُوحَ وَنَزَلَ الْكُوفَةَ وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ ثَمَانِينَ أَوْ بَعْدَهَا (قَالَ خَرَجْتُ) أَيْ فِي غَزَاةٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ (مَعَ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَبَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ مُخَضْرَمٌ أَيْضًا (وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ) هُوَ الْبَاهِلِيُّ يُقَالُ لَهُ صُحْبَةٌ وَيُقَالُ لَهُ سَلْمَانُ الْخَيْلِ لِخِبْرَتِهِ بِهَا وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى بَعْضِ الْمَغَازِي فِي فُتُوحِ الْعِرَاقِ فِي عَهْدِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ (قَالَا) أَيْ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَسَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ (دَعْهُ) وفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أَلْقِهِ (تَأْكُلُهُ السِّبَاعُ) كَأَنَّهُ كَانَ مِنَ الْجِلْدِ أَوْ مِثْلِهِ مِمَّا يَأْكُلُهُ السباع (لأخذته ولأستمتعن بِهِ) وفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَلَكِنْ إِنْ وَجَدْتُ صَاحِبَهُ وَإِلَّا اسْتَمْتَعْتُ بِهِ (فَقَدِمْتُ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) وفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَلَمَّا رَجَعْنَا حَجَجْنَا فَمَرَرْتُ بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ (فَقَالَ أَحْسَنْتَ) أَيْ فِيمَا فَعَلْتَ (وَقَالَ أَحْصِ) أَمْرٌ مِنَ الْإِحْصَاءِ (عِدَّتَهَا) أَيْ عَدَدَهَا (وَوِعَاءَهَا) الْوِعَاءُ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ مَا يُجْعَلُ فِيهِ الشَّيْءُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِلْدٍ أَوْ خَزَفٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (وَوِكَاءَهَا) الْوِكَاءُ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ الْخَيْطُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الصرة وغيرهما
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ ومسلم
[1372]
قَوْلُهُ (ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا) فِي النِّهَايَةِ الْوِكَاءُ هُوَ الْخَيْطُ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ الصُّرَّةُ وَالْكِيسُ وَنَحْوُهُمَا
(وَوِعَاءَهَا) تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ (وَعِفَاصَهَا) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ وِعَاءَهَا
فِي الْفَائِقِ الْعِفَاصُ الْوِعَاءُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ اللُّقَطَةُ مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٍ أو غير ذلك
قال بن
عَبْدِ الْمَلَكِ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِمَعْرِفَتِهَا لِيُعْلَمَ صِدْقَ وَكَذِبَ مَنْ يَدَّعِيهَا
فِي شَرْحِ السُّنَّةِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ اعْرِفْ عِفَاصَهَا فِي أَنَّهُ لَوْ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى اللُّقْطَةَ وَعَرَّفَ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا هَلْ يَجِبُ الدَّفْعُ إِلَيْهِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وأحمد إلا أَنَّهُ يَجِبُ الدَّفْعُ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ إِذْ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ
وقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله إِذَا عَرَّفَ الرَّجُلُ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَالْعَدَدَ وَالْوَزْنَ وَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ وَإِلَّا فَبِبَيِّنَةٌ
لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُ فِي الصفة بأن يسمع الملتقط بصفها فَعَلَى هَذَا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا لِئَلَّا تَخْتَلِطَ بِمَالِهِ اخْتِلَاطًا لَا يُمْكِنُهُ التَّمْيِيزُ إِذَا جَاءَ مَالِكُهَا
انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ
قُلْتُ قَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعَدَدِهَا وَوِعَائِهَا وَوِكَائِهَا فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ
وقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إِنْ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهُ جَازَ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُ الصِّفَةَ
وقَالَ الْخَطَّابِيُّ إن صحت هذه اللقطة لَمْ يَجُزْ مُخَالَفَتُهَا وَهِيَ فَائِدَةُ
قَوْلِهِ اعْرِفْ عِفَاصَهَا إِلَخْ
وإِلَّا فَالِاحْتِيَاطُ مَعَ مَنْ لَمْ يَرَ الرَّدَّ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ قَالَ وَيُتَأَوَّلُ قَوْلُهُ اعْرِفْ عِفَاصَهَا
عَلَى أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ لِئَلَّا تَخْتَلِطَ بِمَالِهِ أَوْ لِتَكُونَ الدَّعْوَى فِيهَا مَعْلُومَةً
قَالَ الْحَافِظُ قَدْ صَحَّتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَيْهَا انْتَهَى
قُلْتُ قَدْ ذَكَرَ وَجْهَ صِحَّةِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي الْفَتْحِ مَنْ شَاءَ الْوُقُوفَ عَلَى ذَلِكَ فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِ
(فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا) أَيْ مَالِكُ اللُّقَطَةِ (فَأَدِّهَا إِلَيْهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ مِلْكِ مَالِكِ اللُّقْطَةِ خِلَافًا لِمَنْ أَبَاحَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ بِلَا ضَمَانٍ (فَضَالَّةُ الْغَنَمِ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ غَاوِيَتُهَا أَوْ مَتْرُوكَتُهَا مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ مَا حُكْمُهَا (هِيَ لَكَ) أَيْ إِنْ أَخَذْتَهَا وَعَرَّفْتَهَا وَلَمْ تَجِدْ صَاحِبَهَا فَإِنَّ لَكَ أَنْ تَمْلِكَهَا (أَوْ لِأَخِيكَ) يُرِيدُ بِهِ صَاحِبَهَا
والْمَعْنَى إِنْ أَخَذْتَهَا فَظَهَرَ مَالِكُهَا فَهُوَ لَهُ أَوْ تَرَكْتَهَا فَاتَّفَقَ أَنْ صادفهافهو أَيْضًا لَهُ
وقِيلَ مَعْنَاهُ إِنْ لَمْ تَلْتَقِطْهَا يَلْتَقِطْهَا غَيْرُكَ (أَوْ لِلذِّئْبِ) بِالْهَمْزَةِ وَإِبْدَالِهِ
أَيْ إِنْ تَرَكْتَ أَخَذَهَا الذِّئْبُ وفِيهِ تَحْرِيضٌ عَلَى الْتِقَاطِهَا
قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ تَرَكْتَهَا وَلَمْ يَتَّفِقْ أن يأخذها غيرك يأكله الذئب غالبا
بِذَلِكَ عَلَى جَوَازِ الْتِقَاطِهَا وَتَمَلُّكِهَا وَعَلَى مَا هُوَ الْعِلَّةُ لَهَا وَهِيَ كَوْنُهَا مُعَرَّضَةً لِلضَّيَاعِ لِيَدُلَّ عَلَى اطِّرَادِ هَذَا الْحُكْمِ فِي كُلِّ حَيَوَانٍ يَعْجِزُ عَنِ الرَّعْيِ بِغَيْرِ رَاعٍ (احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ) أَيْ خَدَّاهُ (أَوِ احْمَرَّ وَجْهُهُ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (مَالَكَ وَلَهَا) أَيْ شَيْءٌ لَكَ وَلَهَا
قِيلَ مَا شَأْنُكَ مَعَهَا أَيْ اتْرُكْهَا وَلَا تَأْخُذْهَا مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا الْحِذَاءُ بِالْمَدِّ النَّعْلُ وَالسِّقَاءُ بِالْكَسْرِ الْقِرْبَةُ وَالْمُرَادُ هُنَا بَطْنُهَا وَكُرُوشُهَا فَإِنَّ فِيهِ رُطُوبَةً يَكْفِي أَيَّامًا كَثِيرَةً مِنَ الشُّرْبِ
فَإِنَّ الْإِبِلَ قَدْ يَتَحَمَّلُ مِنَ الظماء ما لا يتحمله سواء مِنَ الْبَهَائِمِ ثُمَّ أَرَادَ أَنَّهَا تَقْوَى عَلَى الْمَشْيِ وَقَطْعِ الْأَرْضِ وَعَلَى قَصْدِ الْمِيَاهِ وَوُرُودِهَا ورعي الشجر
وَالِامْتِنَاعِ عَنِ السِّبَاعِ الْمُفْتَرِسَةِ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) فِي حَاشِيَةِ النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بِالْوَاوِ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ بَعْضُ الْقَرَائِنِ انْتَهَى
قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا فِي هَذِهِ الْحَاشِيَةِ (وَالْجَارُودُ بْنُ الْمُعَلَّى وَعِيَاضُ بْنُ حِمَارٍ وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) أَمَّا حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ
وأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِغَيْرِ الْوَاوِ عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِالْوَاوِ فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ
وَأَمَّا حَدِيثُ الْجَارُودِ فَأَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ عَنْهُ
قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرْقُ النَّارِ
وأَمَّا حَدِيثُ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وأبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ
وأَمَّا حَدِيثُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فأخرجه أحمد وأبو داود وبن مَاجَهْ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ لَا يَأْوِي الضَّالَّةَ إِلَّا ضَالٌّ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ (وَحَدِيثُ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا تَكْرَارٌ
قَوْلُهُ (رَخَّصُوا فِي اللُّقَطَةِ إِذَا عَرَّفَهَا سَنَةً فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا
وهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ) وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا وَمَا فِي مَعْنَاهُ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَاسْتَنْفِقْهَا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ يَتَصَرَّفُ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ غَنِيًّا أَمْ فَقِيرًا
وعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِنْ كَانَ غَنِيًّا تَصَدَّقَ بِهَا وَإِنْ صَاحِبَهَا تَخَيَّرَ بَيْنَ إِمْضَاءِ الصَّدَقَةِ أَوْ تَغْرِيمِهِ
قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ إِلَّا إِنْ كَانَ يَأْذَنْ الْإِمَامُ فَيَجُوزُ لِلْغَنِيِّ كَمَا فِي قِصَّةِ أُبَيِّ بن كعب
وبهذا قال عمر وعلي وبن مسعود وبن عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ
(وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ يُعَرِّفُهَا سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْكُوفَةِ) اسْتَدَلَّ لَهُمْ بِحَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حمار وفيه وإن لم يجيء صَاحِبُهَا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ
رواه أحمد وبن مَاجَهْ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُلْتَقِطَ يَمْلِكُ اللُّقْطَةَ بَعْدَ أَنْ
يُعَرِّفَ بِهَا حَوْلًا
وهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا وَبِهِ قَالَتِ الْهَادَوِيَّةُ
واسْتَدَلُّوا عَلَى اشْتِرَاطِ الْفَقْرِ بِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَهُوَ مَالُ اللَّهِ
قَالُوا وَمَا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ إِنَّمَا يَتَمَلَّكُهُ مَنْ يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَةَ
وذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهَا فِي نَفْسِهِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ سَوَاءٌ كَانَ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ الشَّامِلَةِ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ كَقَوْلِهِ فَاسْتَمْتِعْ بِهَا وفِي لَفْظٍ فَهِيَ كَسَبِيلِ مَالِكَ
وفِي لَفْظٍ فَاسْتَنْفِقْهَا
وفِي لَفْظٍ فَهِيَ لَكَ
وأَجَابُوا عَنْ دَعْوَى أَنَّ الْإِضَافَةَ (يعني إضافة المال إن الله في قوله فهو مال الله) تدل عَلَى الصَّرْفِ إِلَى الْفَقِيرِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا تُضَافُ إِلَى اللَّهِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ الله الذي أتاكم انْتَهَى
(وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَنْتَفِعُ بِهَا وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا) وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ كَمَا عَرَفْتَ (لِأَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَصَابَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعَرِّفَهَا ثُمَّ يَنْتَفِعَ بِهَا
وكَانَ أُبَيٌّ كَثِيرَ الْمَالِ مِنْ مَيَاسِيرِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَخْ) أَخْرَجَ حَدِيثَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ هَذَا التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ
ومَيَاسِيرُ جَمْعُ مُوسِرٍ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْيُسْرُ بِالضَّمِّ وَبِضَمَّتَيْنِ وَالْيَسَارُ وَالْمُسَارَّةُ وَالْمَيْسَرَةُ مُثَلَّثَةُ السِّينِ السُّهُولَةُ وَالْغِنَى وَأَيْسَرَ إيسَارًا وَيُسْرَى صَارَ ذَا غِنًى فَهُوَ مُوسِرٌ جَمْعُهُ مَيَاسِيرُ انْتَهَى
وقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَكَانَ أُبَيٌّ كَثِيرَ الْمَالِ قَدِ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ حَيْثُ اسْتَشَارَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي صَدَقَتِهِ فَقَالَ اجْعَلْهَا فِي فُقَرَاءِ أَهْلِكَ
فَجَعَلَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَحَسَّانَ وَغَيْرِهِمَا
والْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْحَالِ
وقَوْلُ الشَّافِعِيِّ بَعْدَ ذَلِكَ حِينَ فُتِحَتِ الْفُتُوحُ كَذَا فِي التَّلْخِيصِ (فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْكُلَهَا) وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْغَنِيِّ أَنْ يَنْتَفِعَ بِاللُّقَطَةِ
وأَجَابَ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ جَوَازِهِ بِأَنَّهُ إِنَّمَا جَازَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ الِانْتِفَاعُ بِهَا لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ أَذِنَ لَهُ بالانتفاع بها وإذا يأذن الْإِمَامُ يَجُوزُ لِلْغَنِيِّ الِانْتِفَاعُ بِاللُّقَطَةِ
قُلْتُ هَذَا الْجَوَابُ إِنَّمَا يَتَمَشَّى إِذَا ثَبَتَ عَدَمُ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِاللُّقَطَةِ لِلْغَنِيِّ بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ (فَلَوْ كَانَتِ اللُّقَطَةُ لَمْ تَحِلَّ إِلَّا لِمَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ لَمْ تَحِلَّ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَصَابَ دِينَارًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَرَّفَهُ فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهُ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْكُلَهُ) يَأْتِي تَخْرِيجُ حَدِيثِ عَلِيٍّ هَذَا عَنْ قَرِيبٍ
(وكان
عَلِيٌّ لَا تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ) وَهَذَا أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِاللُّقَطَةِ لِلْغَنِيِّ
(وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا كَانَتِ اللُّقَطَةُ يَسِيرَةً أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا وَلَا يُعَرِّفَهَا إِلَخْ) أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ رَخَّصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَصَا وَالسَّوْطِ وَالْحَبْلِ وَأَشْبَاهِهِ يَلْتَقِطُهُ الرَّجُلُ يَنْتَفِعُ بِهِ
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا
أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى فِيهِ إِبَاحَةُ الْمُحَقَّرَاتِ فِي الْحَالِ انْتَهَى
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي إِسْنَادِهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ
وفِي التَّقْرِيبِ صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ وفِي الخلاصة وثقة وكيع وبن معين وبن عَدِيٍّ وَغَيْرُهُمْ
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ شَيْخٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ
وقَوْلُهُ وَأَشْبَاهُهُ يَعْنِي كُلَّ شَيْءٍ يَسِيرٍ
وقَوْلُهُ يَنْتَفِعُ بِهِ
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِمَا يُوجَدُ فِي الطُّرُقَاتِ مِنَ الْمُحَقَّرَاتِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْرِيفٍ وَقِيلَ إِنَّهُ يَجِبُ التَّعْرِيفُ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
لِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ والْجَوْزَجَانِيُّ وَاللَّفْظُ لِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ مَرْفُوعًا مَنِ الْتَقَطَ لُقَطَةً يَسِيرَةً حَبْلًا أَوْ دِرْهَمًا أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ فَلْيُعَرِّفْهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ فَلْيُعَرِّفْهُ سِتَّةَ أَيَّامٍ
زَادَ الطَّبَرَانِيُّ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَلْيَتَصَدَّقْ بِهَا وفِي إِسْنَادِهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْلَى وَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِضَعْفِهِ وَلَكِنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ لَهُ بن خزيمة متابعة
وروى عن جماعة وزعم بن حزم أنه مجهول وزعم هو وبن الْقَطَّانِ أَنَّ يَعْلَى وَحَكِيمَةَ الَّتِي رَوَتْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَعْلَى مَجْهُولَانِ
قَالَ الْحَافِظُ وَهُوَ عَجَبٌ مِنْهُمَا لِأَنَّ يَعْلَى صَحَابِيٌّ مَعْرُوفُ الصُّحْبَةِ قال بن رَسْلَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ مَعْمُولًا بِهِ لِأَنَّ رِجَالَ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ وَلَيْسَ فِيهِ مُعَارَضَةٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِتَعْرِيفِ سَنَةٍ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ سَنَةً هُوَ الْأَصْلُ الْمَحْكُومُ بِهِ عَزِيمَةً وَتَعْرِيفُ الثَّلَاثِ رُخْصَةً تَيْسِيرًا لِلْمُلْتَقِطِ لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ الْيَسِيرَ يَشُقُّ عَلَيْهِ التَّعْرِيفُ سَنَةً مَشَقَّةً عَظِيمَةً بِحَيْثُ يُؤَدِّي إِلَى أَنَّ أَحَدًا لَا يَلْتَقِطُ الْيَسِيرَ والرخصة لا تعارض العظيمة بَلْ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ بَقَاءِ حُكْمِ الْأَصْلِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ
ويُؤَيِّدُ تَعْرِيفَ الثَّلَاثِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ عَلِيًّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِدِينَارٍ وَجَدَهُ فِي السُّوقِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَرِّفْهُ ثَلَاثًا
فَفَعَلَ فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُهُ فَقَالَ كُلْهُ
انْتَهَى
وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يُقَيَّدَ مُطْلَقُ الِانْتِفَاعِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِالتَّعْرِيفِ بِالثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْحَقِيرِ إِلَّا بَعْدَ التَّعْرِيفِ بِهِ ثَلَاثًا حَمْلًا
لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْحَقِيرُ مَأْكُولًا فَإِنْ كَانَ مَأْكُولًا جَازَ أَكْلُهُ وَلَمْ يَجِبِ التَّعْرِيفُ بِهِ أَصْلًا كالتمرة ونحوها لحديث أنس المذكورة لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ بَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ أَكْلِ التَّمْرَةِ إِلَّا خَشْيَةَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ
وَلَوْلَا ذلك لأكلها وقد روى بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا وَجَدَتْ تَمْرَةً فَأَكَلَتْهَا وَقَالَتْ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْفَسَادَ
قَالَ فِي الفتح يعني أنها لو تركتها فلو تُؤْخَذْ فَتُؤْكَلْ لَفَسَدَتْ
قَالَ وَجَوَازُ الْأَكْلِ هُوَ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ انْتَهَى
ويُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ يُقَيَّدُ حَدِيثُ التَّمْرَةِ بِحَدِيثِ التَّعْرِيفِ ثَلَاثًا كَمَا قُيِّدَ بِهِ حَدِيثُ الِانْتِفَاعِ وَلَكِنَّهَا لَمْ تَجْرِ لِلْمُسْلِمِينَ عَادَةٌ بِمِثْلِ ذَلِكَ
وأَيْضًا الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَأَكَلْتُهَا أَيْ فِي الْحَالِ
وَيَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يُرِيدَ صلى الله عليه وسلم لَأَكَلْتُهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ بِهَا ثَلَاثًا
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مِقْدَارِ التَّعْرِيفِ بِالْحَقِيرِ فَحَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالنَّاصِرِ وَالْقَاسِمِيَّةِ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُعَرَّفُ بِهِ سَنَةً كَالْكَثِيرِ وَحَكَى عَنِ الْمُؤَيَّدِ بِاللَّهِ وَالْإِمَامِ يَحْيَى وَأَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُعَرَّفُ بِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم عَرِّفْهَا سَنَةً
قَالُوا وَلَمْ يُفَصِّلْ
واحْتَجَّ الْآخَرُونَ بِحَدِيثِ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ وَحَدِيثِ عَلِيٍّ وَجَعَلُوهُمَا مُخَصِّصِيْنِ لِعُمُومِ حَدِيثِ التَّعْرِيفِ سَنَةً وَهُوَ الصَّوَابُ لِمَا سَلَفَ
قَالَ الْإِمَامُ الْمَهْدِيُّ قُلْتُ الْأَقْوَى تَخْصِيصُهُ بِمَا مَرَّ لِلْحَرَجِ انْتَهَى يَعْنِي تَخْصِيصَ حَدِيثِ السَّنَةِ بِحَدِيثِ التَّعْرِيفِ ثَلَاثًا انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ
[1373]
قَوْلُهُ (عَنْ بُسْرٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ السِّينِ المهملة (بن سعيد) المدني العابد مولى بن الْحَضْرَمِيِّ ثِقَةٌ جَلِيلٌ مِنَ الثَّانِيَةِ (فَإِنِ اعْتُرِفَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ اللُّقَطَةِ (فَأَدِّهَا) أَيْ أَدِّ إِلَى رَبِّهَا الْمُعْتَرِفِ (ثُمَّ كُلْهَا) أَيْ بَعْدَ التَّعْرِيفِ إِلَى سَنَةٍ وفِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَأْكُلَ اللُّقَطَةَ وَيَتَصَرَّفَ فِيهَا وَإِنْ كَانَ غنيا لإطلاقا الْحَدِيثِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَهَا
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ إِلَخْ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ بِعَيْنِهَا فَهِيَ مكررة وليس في تكرارها فائدة