المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[صفة البغض] " والبغض " أي: ومن أوصافه الثابتة له سبحانه: - تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي

[عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ ‌[صفة البغض] " والبغض " أي: ومن أوصافه الثابتة له سبحانه:

[صفة البغض]

" والبغض " أي: ومن أوصافه الثابتة له سبحانه: البغض، فهو سبحانه يبغض الكفر والكافرين، والعصيان والعصاة.

ومن أدلة ثبوت هذه الصفة قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنَّ الله إذا أحب عبداً دعا جبريل، فقال: إني أحب فلاناً فأَحِبَّه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إنَّ الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبداً دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلاناً فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إنَّ الله يبغض فلاناً فأبغضوه، فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض"1.

وهذا الحديث العظيم، هو في بيان شأن ومقام الذين يحبهم الله من عباده ـ وأسأل الله عز وجل أن يجعلني وإياكم منهم بمنه وكرمه ـ فهو سبحانه ينادي في السماء: يا جبريل إني أحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل لحب الله تعالى له، ثم ينادي جبريل في أهل السماء: يا أهل السماء إنَّ الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يطرح له القبول في الأرض. وهذا هو معنى قول الله تبارك وتعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً} 2.

وإذا أبغض الله عبداً نادى جبريل: إني أبغض فلاناً فأبغضه. فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إنَّ الله يبغض فلاناً فأبغضوه، فيبغضه أهل السماء، ثم تطرح له البغضاء في الأرض.

فهناك أهل محبة وأهل بغضاء، وإذا آمن العبد بذلك فعليه أن يعرف

1 أخرجه مسلم " رقم 6647 "

2 الآية 96 من سورة مريم.

ص: 158

الأوصاف والأشخاص الذين يحبهم الله، وقد جاء في الحديث الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم:"أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله"1. فهذا الحديث من تحقيق الإيمان بصفة الحب وصفة البغض لله سبحانه وتعالى؛ لأن العبد مأمور أن يحب ما يحبه الله، وأن يبغض ما يبغضه الله.

إذا علمنا هذا، عرفنا الانقطاع الشاسع الكبير الذي وقع فيه الجهمية ومن تأثر بهم، الذين يقولون: إنَّ الله لا يُحب ولا يبغض ولا يرضى ولا يسخط. فما أضرَّ تعطيل صفات الله تبارك وتعالى أو تعطيل شيء منها على عبادة الإنسان وسلوكه، فكم أوجد فيهم هذا المعتقد من الانحرافات التعبدية والسلوكية

فعقيدة الجهمية كما أنها انحراف في المعتقد هي كذلك انحراف في العبادة والسلوك، وبحسب ما يقع فيه العبد من التعطيل لصفات الله تعالى يكون الخلل في عبادته وسلوكه، إذ كلامهم الباطل في صفات الله تعالى قطع عليهم الطريق لتحصيل الآثار التي تقع من العبد إثر إيمانه بهذه الصفات العظيمة. ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله:"تجد أضعف الناس بصيرة أهل الكلام الباطل المذموم الذي ذمه السلف؛ لجهلهم بالنصوص ومعانيها وتمكن الشبه الباطلة من قلوبهم، وإذا تأملت حال العامة الذين ليسوا مؤمنين عند أكثرهم رأيتهم أتم بصيرة وأقوى إيماناً وأعظم تسليماً للوحي وانقياداً للحق" 2 لأنهم على السنة والفطرة.

1 أخرجه أحمد " 4/286 "، والطيالسي " رقم 747 "، وابن أبي شيبة " رقم 34338 "، وصححه الألباني في الصحيحة " رقم 1728 "

2 مدارج السالكين " 1/125 "

ص: 159