المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الإيمان بعذاب القبر] - تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي

[عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌[الإيمان بعذاب القبر]

تركت عجائز بالمدينة ما تصلي واحدة منهنَّ صلاة إلا سألت ربها عز وجل أن يوردها حوض محمد صلى الله عليه وسلم " 1. فأسال الله لنا جميعاً ذلك، وأن يسقينا منه بمنه وكرمه.

ص: 285

[الإيمان بعذاب القبر]

" والإيمان بعذاب القبر حق واجب وفرض لازم، رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وأبو أيوب، وزيد بن ثابت، وأنس بن مالك، وأبو هريرة، وأبو بكرة، وأبو رافع، وعثمان بن أبي العاص، وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأختها أسماء، وغيرهم "

بدأ المصنف رحمه الله بذكر الشفاعة والحوض ثم رجع إلى عذاب القبر وفتنته، وهو بهذا لم يراع الترتيب، ولذا عطفه بالواو ـ بخلاف ما سبق ـ فإنه ذكر الإيمان بالشفاعة ثم عطف عليه الإيمان بالحوض بـ " ثم " الدالة على الترتيب.

والإيمان بعذاب القبر من مسائل الإيمان باليوم الآخر؛ لأنَّ ضابطه الجامع هو: الإيمان بكلِّ ما يكون بعد الموت، مما ثبت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وعذاب القبر حق، دل عليه الكتاب العزيز وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فنؤمن به ولا ننكره. أمَّا أرباب العقول الفاسدة الذين لا يؤمنون إلا بما شهدت به عقولهم فإنَّهم يجحدونه، ويبنون ذلك على عقول مجردة، حتى قال بعضهم: حُفِرت بعض القبور فما رأينا شيئاً.

1 أخرجه ابن المبارك في الزهد " رقم 1609 "، وأحمد " 3/230 "، وابن أبي عاصم في السنة " رقم 698 ".قال الحافظ ابن حجر في الفتح " 11/ 476 ":" وسنده صحيح ". وقال الألباني: إسناده صحيح على شرط مسلم.

ص: 285

وقد اقتصر المصنف رحمه الله على ذكر أدلة السنة ـ وهي متواترة كما نص على ذلك غير واحد من أهل العلم ـ 1، لكن في القرآن آيات تدل عليه، منها قول الله تعالى:{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} 2، فيعرضون على النار صباحاً ومساءً قبل يوم القيامة، وهذا بلا شك في القبر.

وفي الآية دليل على أنَّ عذاب الكفار في القبر مستمر إلى يوم القيامة، وإذا قامت فعذابهم أشد وأبقى.

أمَّا عصاة الموحدين من أهل الكبائر فعذابهم على قدر كبائرهم ولا يكون مستمراً. فقد""مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه بقبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير: أمَّا أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة. ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين، فغرز في كلِّ قبر واحدة. قالوا: يا رسول الله: لم فعلت هذا؟ قال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا " 3.

وقد اقتضت حكمة الله أن لا يكون عذاب القبر ظاهراً، إذ لو كان ظاهراً لما تدافن الناس، قال صلى الله عليه وسلم:""إنَّ هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه " 4.

فإذا عُذِّبَ الميت في قبره صاح صيحة يسمعها كلُّ من يليه إلا الثقلين، قال النبي صلى الله عليه وسلم:""ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه، فيصيح صيحة

1 منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى " 13/35 "، وابن أبي العز في شرح الطحاوية " ص 399 "

2 الآية 46 من سورة غافر.

3 أخرجه البخاري " رقم 218 "، ومسلم " رقم 675 "

4 أخرجه مسلم " رقم 7142 "

ص: 286