المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[خروج المسيح الدجال] - تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي

[عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌[خروج المسيح الدجال]

ثلاثة أقسام، هي:

1 ـ قسم ظهر وانقضى.

2ـ قسم ظهر ولا يزال يظهر ويتتابع. وهذان القسمان خاصان بالعلامات الصغرى.

3 ـ قسم لم يظهر بعد.

ص: 322

[خروج المسيح الدجال]

" ونؤمن بأنَّ الدجال خارج في هذه الأمة لا محالة، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح عنه "

أي: إنَّ خروجه حق، ولن تقوم الساعة حتى يخرج.

والدجال مأخوذ من الدجَلِ وهو الكذب والافتراء، فهو أعظم الناس كذباً وأشدهم افتراء وإفكاً على الله، يصرف الناس بكذبه عن دين الله تعالى.

ويسمى: المسيح الدجال لأنَّ عينه اليمنى ممسوحة طافية، قال النبي صلى الله عليه وسلم:""الدجال ممسوح العين، مكتوب بين عينيه كافر. ثم تهجاها: ك ف ر. يقرؤه كلُّ مسلم " 1 فهو أعور، وهذه علامة على نقصه، يراها كلُّ أحد. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:""ألا إنَّه أعور، وإنَّ ربكم ليس بأعور " 2، فكيف يصدق أنه رب وفيه مثل هذه العلامة.

وقد أخذ العلماء من هذا الحديث أنَّ الله عز وجل موصوف بأنَّ له عينين اثنتين؛ لأنَّ العور في اللغة: وجود عينين إحداهما طافية، ونفيه يدل على.

1 أخرجه مسلم " رقم 7292 "

2 أخرجه البخاري " رقم 7131 "، ومسلم " رقم 7290 "

ص: 322

وجود عينين مبصرتين لا عيب فيهما ولا نقص.

وخروج الدجال فتنة عظيمة، بل هي أعظم الفتن، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:""ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال " 1.

ولخطورة فتنته وعظمها كان كلُّ نبي يحذر أمته منه، فقال صلى الله عليه وسلم:""ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الدجال " 2، وأمرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بالتعوذ من فتنته في كلِّ صلاة فقال:""إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع. يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال "3.

ومن الإيمان بالدجال: الإيمان بكلِّ أمر يتعلق به صحت به السنة. ومن نصحِ النبي صلى الله عليه وسلم لأمته أن بيَّن لنا صفته وعلامته، وذكر لنا أخباره وأحواله وأعماله، وقد أكثر صلى الله عليه وسلم من ذكره حتى بلغت أحاديثه حد التواتر.

ويدَّعي عند خروجه أنَّه رب العالمين، ويصدِّقه أقوام كثيرون، ويتبعه خلق عديدون، ويخرج معه من يهود أصبهان سبعون ألفاً، ويُمكِّنه الله عز وجل من بعض مقدوراته ابتلاء وامتحاناً للناس، فيمر بالمدن والقرى يدعو أهلها لاتباعه واعتقاد أنَّه الرب، فإن استجابوا له أمر السماء أن تمطر عليهم فتمطر، وأمر الأرض أن تنبت فتنبت وتخرج كنوزها، وتغدو ماشيتهم على أتم ما يكون من السمن وضرعها أحسن ما يكون من الدر. وإن امتنعوا أجدبت أرضهم وتضرروا ضرراً بالغاً. ومعه جنة ونار، فمن آمن به أدخله جنته،

1 أخرجه مسلم " رقم 7321 "

2 أخرجه البخاري " رقم 7131 "، ومسلم " رقم 7290 "

3 أخرجه مسلم " رقم 1324 "

ص: 323

ومن امتنع أدخله ناره. وقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم من ابتلي به أن يدخل ناره فقال صلى الله عليه وسلم:"" فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه ناراً، فإنه ماء عذب طيب " 1.

ويمكث في الناس أربعين يوماً، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أيامه هذه فقال:"" أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم. فقال الصحابة: فذلك اليوم الذي كسنة، أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره " 2. وفي هذا دليل على حرص الصحابة على الخير، إذ سألوا عن أمر دينهم، ولو كان غيرهم ربما سأل كيف ينام.

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم " أنَّ رجلاً ـ هو من خير الناس يومئذ ـ يأتي الدجال فيقول: أيها الناس هذا الدجال الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأمر الدجال به فيشج، فيقول: خذوه وشجوه، فيوسع ظهره وبطنه ضرباً، فيقول: أو ما تؤمن بي؟ فيقول: أنت المسيح الكذاب. فيؤمر به فيؤشر بالمئشار من مفرقه، حتى يفرق بين رجليه. ثم يمشي الدجال بين القطعتين، ثم يقول له: قم. فيستوي قائماً. فيقول له: أتؤمن بي؟ فيقول: ما ازددت فيك إلا بصيرة. ثم يقول: يا أيها الناس إنَّه لا يفعل بأحد بعدي من الناس. فيأخذه الدجال ليذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاساً، فلا يستطيع إليه سبيلاً. فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به، فيحسب الناس إنما قذفه إلى النار، وإنما ألقي في الجنة "3.

فهذه بعض الفتن التي تحصل من هذا الدجال، وعلى العبد المؤمن أن يحذر هذه الفتنة وأن يتقي أسبابها، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:""من

1 أخرجه البخاري " رقم 3450 "، ومسلم " رقم 7296 "

2 أخرجه مسلم " رقم 7299 "

3 أخرجه البخاري " رقم 1882 "، ومسلم " رقم 7303 " واللفظ له.

ص: 324