الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسمعها من يليه إلا الثقلين " 1.
وإنما كان عذاب القبر خفياً لأنَّه لو كان أمراً ظاهراً لما كان الإيمان به إيمان غيب، والإيمان النافع المنجي إنما هو إيمان الغيب.
ونعيم القبر ـ أيضاً ـ حق، فالناس بين منعم ومعذب، فالمنعمون هم أهل الإيمان والطاعة، والمعذبون أهل الكفر والعصيان. قال تعالى:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} 2.
[فتنة القبر]
" وكذلك الإيمان بمسألة منكر ونكير "
بعد أن فرغ المصنف من ذكر عذاب القبر أشار هنا إلى فتنة القبر، وأنَّ الناس يفتنون في قبورهم، فكلُّ عبد يدخل قبره يسأل، ويكون هذا السؤال فور إدراجه قبره والفراغ من دفنه، ولهذا""كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل " 3.
وقد بيَّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأسئلة، وهذا من تمام نصحه لأمته. فالامتحان واقع، والأسئلة محددة.
فيأتيه ملكان ويسألانه ثلاثة أسئلة: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فأهل الإيمان الذين حققوا هذه الأمور في الدنيا واعتنوا بها يثبتهم الله، وأما الكافر
1 أخرجه البخاري " رقم 1338 "
2 الآية 27 من سورة إبراهيم.
3 أخرجه أبو داود " رقم 3221 "، والحاكم في المستدرك " 1/526 "، والبيهقي في الكبرى " 4/56 "، والضياء في المختارة " 1/528 " وصححه الألباني في صحيح الجامع " رقم 945 "
والظالم فيضله الله، كما قال تعالى:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} 1.
وقد وُفِق شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله توفيقاً عظيماً، ونصح للناس نصحاً بالغاً عندما أفرد هذه الأسئلة الثلاثة في رسالة عمَّ نفعها وشاع ذكرها وانتشرت بين الناس، منهم من حفظها، ومنهم من قرأها غير مرة، ومنهم من درسها مرات، وتُرجمت إلى لغات كثيرة.
ومن نصحه رحمه الله وشدة عنايته بهذه الأصول الثلاثة أنَّه كتبها بأكثر من أسلوب، كتبها لطلبة العلم، وكتبها للعوام وللصبيان، كلٌّ باللهجة التي تناسبه، ووقفت على نسخة من الأصول الثلاثة كتبها الشيخ بلهجة العوام، حتى إنَّه كتب:" وإذا قيل: وش ربك؟ قل ربي الله ".
وبعض المبتدعة الذين أعمت البدع قلوبهم يحذرون من هذه الرسالة ويقولون: هذه كتب الوهابية. مع أنها ليس فيها إلا أجوبة هذه الأسئلة التي يسأل عنها كلُّ عبد في قبره، ولم نسمع إلى يومنا هذا أحداً وجَّه انتقاداً علمياً على هذه الرسالة.
وقد جاء في بيان عظم هذه الأصول الثلاثة أحاديث كثيرة، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم:""ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً " 2. وقال صلى الله عليه وسلم:""من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله. رضيت بالله رباً، وبمحمد رسولاً، وبالإسلام ديناً، غفر له ذنبه " 3. فعند كلِّ أذان يشرع للعبد أن
1 الآية 27 من سورة إبراهيم.
2 أخرجه مسلم " رقم 150 "
3 أخرجه مسلم " رقم 849 "