المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[صفة المحبة] ثم شرع المصنف في ذكر أمثلة من صفات الله - تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي

[عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ ‌[صفة المحبة] ثم شرع المصنف في ذكر أمثلة من صفات الله

[صفة المحبة]

ثم شرع المصنف في ذكر أمثلة من صفات الله تبارك وتعالى، منها ما دلَّ عليه الكتاب العزيز، ومنها ما دلت عليه السنة الصحيحة بنقل العدل عن العدل.

فقال: " مثل المحبة " وهذه من صفات الله عز وجل العظيمة الثابتة له في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإنَّ الله عز وجل يُحب عباده المؤمنين، ويُحب المتقين، ويُحب المتطهرين، ويُحب التوابين، ويُحب الأنبياء، ويحُب الصالحين، ويُحب الصلاح ويُحب أهله، ويُحب الخير ويُحب أهله.

وأهل السنة يثبتون هذه الصفة لله على الوجه اللائق بجلاله، ويثبتون آثارها ولوازمها. فمن لوازم محبة الله عز وجل لعبده: أن يثيبه، وأن يوفقه ويسدده ويعينه، وأن ينعم عليه.

بينما أهل البدع يعطلون الصفة ويكتفون بإثبات لازمها فيجعلونه معناها. فيقولون: محبة الله لعبده أي إنعامه عليه. فيجعلون الإنعام هو المحبة، هذا شأن من كان منهم لا يثبت الإرادة. أما من يثبت الإرادة فيجعل المحبة إرادة الإنعام.

ومثل هذا يقولونه في الرضا والرحمة ونحوها من الصفات.

وهذا باطل؛ لأنَّ فيه تعطيلاً لصفة الرب التي أثبتها لنفسه في كتابه، وأثبتها له رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم في سنته.

والله عز وجل يُحِبُّ ويُحَبُّ، كما قال سبحانه في القرآن:{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} 1 أي: يحب عباده المؤمنين، وعباده المؤمنون يحبونه.

وإذا آمن العبد بمحبة الله للمؤمنين، فينبغي عليه أن يسعى في نيلها، وأن

1 الآية 54 من سورة المائدة.

ص: 149

يبذل وسعه في تحصيلها، فإنه من السهل على كل لسان، ومن اليسير على كلِّ إنسان أن يقول: إني أحب الله. فاليهود قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه. لكن ليست العبرة بالدعاوى، بل لابد أن تظهر علامة المحبة على المحب.

ولمحبة الله علامة بيَّنها في كتابه، فقال جل وعلا:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} 1، ولهذا يسمي بعض أهل العلم هذه الآية: آية المحنة أي التي يمتحن الإنسان نفسه على ضوئها ليعلم مدى محبته لله، ولهذا قال بعض الحكماء:"ليس الشأن أن تُحِب، ولكن الشأن تُحَب"2. يعني أنَّ الشأن أن يحبك الله عز وجل. ولن ينال عبد محبة الله بمجرد الدعوى، بل لا يمكن أن ينالها إلا بالجد والعمل والسعي.

فعلى من آمن بأن الله يحب أن ينظر في الأعمال التي يحبها الله فيحبها، ويسعى في تطبيقها، وينظر في الأسباب التي تُنال بها محبة الله فيحبها، ويسعى في تحصيلها.

1 الآية 30 من سورة آل عمران.

2 انظر: تفسير ابن كثير " 1/338 "

ص: 150