الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإيمان بملك الموت وأن موسى عليه السلام فقأ عينه
…
[الإيمان بملك الموت وأن موسى فقأ عينه]
" ونؤمن بأنَّ ملك الموت أرسل إلى موسى عليه السلام فصكه ففقأ عينه، كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا ينكره إلا ضال مبتدع راد على الله ورسوله "
" ونؤمن بأن ملك الموت " أي: الملك الذي وكله الله عز وجل بقبض أرواح بني آدم، قال تعالى:{قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} 1، ولم يأت دليل صريح على اسمه، والقول بأنَّه عزرائيل ليس عليه دليل، وإنما جاء في بعض الإسرائيليات، فيكتفى بوصفه بأنَّه ملك الموت.
وفي هذا إشارة إلى الإيمان بملك الموت الذي وُكِّل بقبض الأرواح، والإيمان به هو من الإيمان بالملائكة، وهو ركن من أركان الإيمان الستة، وأصل من أصوله العظيمة.
والإيمان بالملائكة في الجملة يتناول أموراً أربعة ثبتت في الكتاب والسنة، هي:
1ـ الإيمان بأسمائهم: فنؤمن بالأسماء المجملة التي تتناول الملائكة عموماً، مثل: الملائكة، ورسل الله، وجند الله.
ونؤمن بالأسماء المفصلة لآحادهم وأفرادهم، مثل: جبريل، ومنكر ونكير، وإسرافيل، ومالك.
2ـ الإيمان بأعدادهم: فنؤمن إجمالاً بأنَّ عددهم كثير، لا يحصيهم إلا الذي خلقهم، قال تعالى:{وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَاّ هُوَ} 2. وكما ورد في حديث الإسراء:""فرُفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل، فقال: هذا البيت المعمور، يصلي فيه كلَّ يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم
…
" 3، وفي الحديث الآخر:""أطت السماء
1 الآية 11 من سورة السجدة.
2 الآية 31 من سورة المدثر.
3 أخرجه البخاري " رقم 3207 "، ومسلم " رقم 416 "
روحُق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع"إلا وملك واضعاً جبهته ساجداً لله "1.
ونؤمن بالأعداد التفصيلية للملائكة مما ثبت في الكتاب أو السنة، ومن ذلك قول الله تعالى:{عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} 2، وهؤلاء رؤوس الملائكة الذين هم خزنة جهنم، ويرأس الجميع مالك. وقوله تعالى:{وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} 3، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:""يؤتى بجهنم يومئذ ولها سبعون ألف زمام، مع كلِّ زمام سبعون ألف ملك يجرونها " 4.
3ـ الإيمان بأوصافهم: فنؤمن إجمالاً أنَّهم مخلوقون من نور، وأنَّ لهم أجنحة، كما قال تعالى:{جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} 5، وأنَّ لهم أعيناً كما في الحديث الذي أورده المصنف. وغير ذلك من الصفات الواردة في الكتاب والسنة.
ونؤمن بالصفات التفصيلية التي وردت، ومن ذلك ما رواه ابن مسعود:""أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل له ستمائة جناح " 6، ومنها: قول النبي صلى الله عليه وسلم:""أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش: إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة "7.
4ـ الإيمان بوظائفهم: فنؤمن إجمالاً بأنَّهم جند الله ورسله، لا يعصون
1 أخرجه الترمذي " رقم 2312 وقال: حسن غريب "، وابن ماجه " رقم 4190 "، وأحمد " 5/173 "، والحاكم " 2/554 وقال: صحيح الإسناد " وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي " رقم 1882 "
2 الآية 30 من سورة المدثر.
3 الآية 17من سورة الحاقة.
4 أخرجه مسلم " رقم 7093 "
5 الآية 1 من سورة فاطر.
6 أخرجه البخاري " رقم 4856، 4857 "، ومسلم " رقم 431 "
7 سبق تخريجه.
الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
ونؤمن بوظائفهم التفصيلية: كقبض الأرواح، والنزول بالوحي، والنفخ في الصور، وغيرها من الوظائف الثابتة في الكتاب والسنة.
" أرسل إلى موسى عليه السلام " ملك الموت يرسل إلى كل الناس بما فيهم الأنبياء عليهم السلام.
" فصكه ففقأ عينه " أي: أراد قبض روحه فضربه على وجهه ففقأ إحدى عينيه. وإذا قال قائل: لمَ فقأ عينه؟ نقول: إن كان سائل هذا السؤال سأله منتقداً ومعترضاً فهو سؤال محرم وباطل، وهو دخول من هذا السائل فيما لا يعنيه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:""من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " 1. وإن كان سؤاله من باب التعرف على الحكم أو بيان الأسباب فلا بأس من ذلك، لكن سواء علمنا هذا أو لم نعلم فليس للعبد أن يكذب أو يعترض. ولهذا قال المصنف:
" كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " فالحديث ثابت 2، وشأن المسلم مع الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتلقاها بالقبول والتصديق، فلا يعترض عليها ولا ينتقدها
" لا ينكره إلا ضال مبتدع راد على الله ورسوله " وهذا شأن الراد المكذب بهذا الخبر مع معرفته بثبوته
1 أخرجه الترمذي " رقم 2317 " وصححه الألباني في صحيح الجامع " رقم 5911 "
2 أخرجه البخاري " رقم 1339 "، ومسلم " رقم 6100 "