الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي كَيْدِكَ ورَدّ مَا جِئْتَ بِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ مُؤَيِّدُكَ وَنَاصِرُكَ، ومظهرٌ دِينَكَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ وَعَانَدَهُ فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ.
{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
(71)
قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (72) وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (73) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (74) وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (75) }
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الْمُشْرِكِينَ، فِي سُؤَالِهِمْ عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَاسْتِبْعَادِهِمْ وُقُوعَ ذَلِكَ:{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} قَالَ اللَّهُ مُجِيبًا لَهُمْ: {قُلْ} يَا مُحَمَّدُ {عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ} . [قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنْ يَكُونَ قَرُبَ -أَوْ: أَنْ يُقَرَّبَ -لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ](1) . وَهَكَذَا (2) قَالَ مُجَاهِدٌ، وَالضَّحَّاكُ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ.
وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا} [الْإِسْرَاءِ: 51]، وَقَالَ تَعَالَى {يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [الْعَنْكَبُوتِ: 54] .
وَإِنَّمَا دَخَلَتِ "اللَّامُ" فِي قَوْلِهِ: {رَدِفَ لَكُمْ} ؛ لِأَنَّهُ ضُمن مَعْنَى "عَجِل لَكُمْ" كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: {عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ} : عَجِلَ لَكُمْ.
ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ} أَيْ: فِي إِسْبَاغِهِ نعمَه عَلَيْهِمْ مَعَ ظُلْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ لَا يَشْكُرُونَهُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا الْقَلِيلُ مِنْهُمْ، {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ} أَيْ: يَعْلَمُ السَّرَائِرَ وَالضَّمَائِرَ، كَمَا يَعْلَمُ الظَّوَاهِرَ، {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ} [الرَّعْدِ: 10] ، {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طَهَ: 7] ، {أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [هُودٍ: 5] .
ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى بِأَنَّهُ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَأَنَّهُ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ -وَهُوَ مَا غَابَ عَنِ الْعِبَادِ وَمَا شَاهَدُوهُ -فَقَالَ:{وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي: وَمَا مِنْ شَيْءٍ، {فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: 70] .
(1) زيادة من ف، أ.
(2)
في ف: "وعنده".