الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
(48)
مَا يَنْظُرُونَ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50) }
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ اسْتِبْعَادِ الْكَفَرَةِ لِقِيَامِ السَّاعَةِ فِي قَوْلِهِمْ: {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ [إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ] } ؟ (1){يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا} [الشُّورَى: 18]، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{مَا يَنْظُرُونَ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ} أَيْ: مَا يَنْتَظِرُونَ (2) إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً، وَهَذِهِ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ-نَفْخَةُ الْفَزَعِ، يُنْفَخُ فِي الصُّورِ نَفْخَةَ الْفَزَعِ، وَالنَّاسُ فِي أَسْوَاقِهِمْ وَمَعَايِشِهِمْ يَخْتَصِمُونَ وَيَتَشَاجَرُونَ عَلَى عَادَتِهِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى إِسْرَافِيلَ فَنَفَخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةً يُطَوِّلُها ويَمُدُّها، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ إِلَّا أَصْغَى لَيْتًا، وَرَفَعَ لَيْتًا -وَهِيَ (3) صَفْحَةُ الْعُنُقِ-يَتَسَمَّعُ الصَّوْتَ مِنْ قِبَلِ السَّمَاءِ. ثُمَّ يُسَاقُ الْمَوْجُودُونَ مِنَ النَّاسِ إِلَى مَحْشَرِ الْقِيَامَةِ بِالنَّارِ، تُحِيطُ بِهِمْ مِنْ جَوَانِبِهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ:{فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً} أَيْ: عَلَى مَا يَمْلِكُونَهُ، الْأَمْرُ أَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ، {وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} .
وَقَدْ وَرَدَتْ هَاهُنَا آثَارٌ وَأَحَادِيثُ ذَكَرْنَاهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ (4) ثُمَّ يَكُونُ (5) بَعْدَ هَذَا نَفْخَةُ الصَّعْقِ، الَّتِي تَمُوتُ بِهَا الْأَحْيَاءُ كُلُّهُمْ مَا عَدَا الْحَيُّ الْقَيُّومُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ نَفْخَةُ الْبَعْثِ.
هَذِهِ هِيَ النَّفْخَةُ الثَّالِثَةُ (6)، وَهِيَ نَفْخَةُ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ لِلْقِيَامِ مِنَ الْأَجْدَاثِ وَالْقُبُورِ؛ وَلِهَذَا قَالَ:{فَإِذَا هُمْ مِنَ الأجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} والنَّسلان هُوَ: الْمَشْيُ السَّرِيعُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [الْمَعَارِجِ: 43] .
{قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} ؟ يَعْنُونَ: [مِنْ](7) قُبُورِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَعْتَقِدُونَ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا أَنَّهُمْ لَا يُبْعَثُونَ مِنْهَا، فَلَمَّا عَايَنُوا مَا كَذَّبُوهُ فِي مَحْشَرِهِمْ {قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} ، وَهَذَا لَا يَنْفِي عَذَابَهُمْ فِي قُبُورِهِمْ؛ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا بَعْدَهُ فِي الشِّدَّةِ كَالرُّقَادِ.
وَقَالَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ: يَنَامُونَ نَوْمَةً قَبْلَ الْبَعْثِ.
قَالَ قَتَادَةُ: وَذَلِكَ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ.
فَلِذَلِكَ يَقُولُونَ: {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} ، فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ أَجَابَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ -قَالَهُ غَيْرُ واحد من
(1) زيادة من أ.
(2)
في أ: "ما ينظرون".
(3)
في أ: "وهو".
(4)
عند تفسير الآية: 73 من سورة الأنعام.
(5)
في ت، س، أ:"ثم يكون".
(6)
في ت: "الثانية".
(7)
زيادة من ت.