الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، سَلْ هَذَا: لِمَ كَانَ يُغْلِقُ بَابَهُ دُونِي. وَإِنَّ الْكَافِرَ لَيَتَعَلَّقُ بِالْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ لَهُ: يَا مُؤْمِنُ، إِنَّ لِي عِنْدَكَ يَدًا، قَدْ عَرَفْتَ كَيْفَ كُنْتُ لَكَ فِي الدُّنْيَا؟ وَقَدِ احْتَجْتُ إِلَيْكَ الْيَوْمَ، فَلَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يَشْفَعُ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ حَتَّى يَرُدَّهُ إِلَى [مَنْزِلٍ دُونَ](1) مَنْزِلِهِ (2) ، وَهُوَ فِي النَّارِ. وَإِنَّ الْوَالِدَ لَيَتَعَلَّقُ بِوَلَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: يَا بُنَيَّ، أَيُّ وَالِدٍ كنتُ لَكَ؟ فَيُثْنِي خَيْرًا، فَيَقُولُ لَهُ: يَا بُنَيَّ إِنِّي قَدِ احْتَجْتُ إِلَى مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِنْ حَسَنَاتِكَ أَنْجُو بِهَا مِمَّا تَرَى. فَيَقُولُ لَهُ وَلَدُهُ: يَا أَبَتِ، مَا أَيْسَرَ مَا طَلَبْتَ، وَلَكِنِّي أَتَخَوَّفُ مِثْلَ مَا تَتَخَوَّفُ، فَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُعْطِيَكَ شَيْئًا، ثُمَّ يَتَعَلَّقُ بِزَوْجَتِهِ فَيَقُولُ: يَا فُلَانَةُ -أَوْ: يَا هَذِهِ-أَيُّ زَوْجٍ كُنْتُ لَكِ؟ فَتُثْنِي خَيْرًا، فَيَقُولُ لَهَا: إِنِّي أَطْلُبُ إِلَيْكِ حَسَنَةً وَاحِدَةً تَهَبِينَها لِي، لَعَلِّي أَنْجُو بِهَا مِمَّا تَرَيْنَ. قَالَ: فَتَقُولُ: مَا أَيْسَرَ مَا طَلَبْتَ. وَلَكِنِّي لَا أُطِيقُ أَنْ أُعْطِيَكَ شَيْئًا، إِنِّي أَتَخَوَّفُ مِثْلَ الَّذِي تَتَخَوَّفُ، يَقُولُ اللَّهُ:{وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا} (3) الْآيَةَ، وَيَقُولُ اللَّهُ:{لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا} [لُقْمَانَ: 33]، وَيَقُولُ تَعَالَى:{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ رحمه الله، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الطَّهْرَانِيِّ (4) ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمة، بِهِ.
ثُمَّ قَالَ: {إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ} (5) أَيْ: إِنَّمَا يَتَّعِظُ بِمَا جِئْتَ بِهِ أُولُو الْبَصَائِرِ وَالنُّهَى، الْخَائِفُونَ مِنْ رَبِّهِمْ، الْفَاعِلُونَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، {وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ} أَيْ: ومَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّمَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى نَفْسِهِ، {وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} أَيْ: وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ، وَسَيَجْزِي كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شرًّا فشر.
(1) زيادة من ت، أ.
(2)
في ت: "في منزلة دون منزلته".
(3)
زيادة من ت، س، أ.
(4)
في أ: "الطبراني".
(5)
في س: "ينذر".
{وَمَا يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ
(19)
وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ (20) وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الأحْيَاءُ وَلا الأمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22) إِنْ أَنْتَ إِلا نَذِيرٌ (23) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ (24) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (25) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (26) } .
يَقُولُ تَعَالَى: كَمَا لَا تَسْتَوِي هَذِهِ الْأَشْيَاءُ الْمُتَبَايِنَةُ الْمُخْتَلِفَةُ، كَالْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ لَا يَسْتَوِيَانِ، بَلْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَبَوْنٌ كَثِيرٌ، وَكَمَا لَا تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ، كَذَلِكَ لَا تَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ، وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَهُمُ الْأَحْيَاءُ، وَلِلْكَافِرِينَ وَهُمُ الْأَمْوَاتُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الْأَنْعَامِ: 122] ،