الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنَ الْبَحْرِ وَأَدْنَيْنَاهُمْ إِلَيْهِ.
{وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ} أَيْ: أَنْجَيْنَا مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنْ مَعَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ فَلَمْ يَهْلَكْ (1) مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَأُغْرِقَ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ رَجُلٌ (2) إِلَّا هَلَكَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحسين، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ ابْنُ أَبَى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ -أَنَّ مُوسَى، عليه السلام، حِينَ أَسْرَى بِبَنِي إِسْرَائِيلَ بَلَغَ فِرْعَوْنَ ذَلِكَ، فَأَمَرَ بِشَاةٍ فَذُبِحَتْ، ثُمَّ قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا يُفْرَغُ مِنْ سَلْخِهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ إِلَيَّ سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الْقِبْطِ. فَانْطَلَقَ مُوسَى حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْبَحْرِ، فَقَالَ لَهُ: انْفَرِقْ. فَقَالَ الْبَحْرُ: لَقَدِ اسْتَكْبَرْتَ يَا مُوسَى، وَهَلِ انْفَرَقْتُ (3) لِأَحَدٍ مِنْ وَلَدِ (4) آدَمَ فَأَنْفَرِقُ (5) لَكَ؟ قَالَ: وَمَعَ مُوسَى رَجُلٌ عَلَى حِصَانٍ لَهُ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ: أَيْنَ أمرتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أُمِرْتُ إِلَّا بِهَذَا الْوَجْهِ [يَعْنِي: الْبَحْرَ، فَأَقْحَمَ فَرَسَهُ، فَسَبَحَ بِهِ فَخَرَجَ، فَقَالَ: أَيْنَ أُمِرْتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أُمِرْتُ إِلَّا بِهَذَا الْوَجْهِ](6) . قَالَ: وَاللَّهِ مَا كَذَبت وَلَا كُذبت. ثُمَّ اقْتَحَمَ الثَّانِيَةَ فَسَبَحَ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَيْنَ أُمِرْتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أُمِرْتُ إِلَّا بِهَذَا الْوَجْهِ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا كَذَبت (7) وَلَا كُذبت. قَالَ: فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ، فَضَرَبَهُ مُوسَى بِعَصَاهُ، فَانْفَلَقَ، فَكَانَ فِيهِ اثْنَا عَشَرَ طَرِيقًا، لِكُلِّ سِبْطٍ طَرِيقٌ يَتَرَاءَوْنَ، فَلَمَّا خَرَجَ أَصْحَابُ مُوسَى وتَتَامّ أصحابُ فِرْعَوْنَ، الْتَقَى الْبَحْرُ عَلَيْهِمْ فَأَغْرَقَهُمْ.
وَفِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: فَلَمَّا خَرَج آخِرُ أَصْحَابِ مُوسَى، وَتَكَامَلَ أَصْحَابُ فِرْعَوْنَ، اضْطَمَّ عَلَيْهِمُ الْبَحْرُ، فَمَا رُئِيَ سَوَادٌ أَكْثَرُ مِنْ يَوْمِئِذٍ، وَغَرَقَ فِرْعَوْنُ لَعَنَهُ اللَّهُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} أَيْ: فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْعَجَائِبِ وَالنَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ لِعِبَادِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ؛ لَدَلَالَةٌ وَحُجَّةٌ قَاطِعَةٌ وَحِكْمَةٌ بَالِغَةٌ، {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ.
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ
(69)
إِذْ قَالَ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) } .
هَذَا إِخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى (8) عَنْ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ وَخَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ إِمَامِ الْحُنَفَاءِ، أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، أَنْ يَتْلُوَهُ عَلَى أُمَّتِهِ، لِيَقْتَدُوا بِهِ فِي الْإِخْلَاصِ وَالتَّوَكُّلِ، وَعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَالتَّبَرُّؤِ مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى آتَى إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ، أَيْ: مِنْ صِغَرِهِ إِلَى كِبَرِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ وَقْتِ نَشَأ وشَب، أَنْكَرَ عَلَى قَوْمِهِ عِبَادَةَ الْأَصْنَامِ مَعَ اللَّهِ، عز وجل، فَقَالَ:{لأبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ} ؟
(1) في أ: "نهلك".
(2)
في ف: "رجل منهم".
(3)
في ف، أ:"فرقت".
(4)
في أ: "بني".
(5)
في أ: "فأفرق".
(6)
زيادة من ف، أ.
(7)
في أ: "ما كذب".
(8)
في أ: "عز وجل".