المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جَدًّا، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَلَمَّا أَصْبَحُوا - تفسير ابن كثير - ت السلامة - جـ ٦

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ النُّورِ

- ‌(1)

- ‌(3) }

- ‌(4)

- ‌(6)

- ‌(11) }

- ‌(12)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(20) }

- ‌(21) }

- ‌(22) }

- ‌(26) }

- ‌(27) }

- ‌(28)

- ‌(30) }

- ‌(31) }

- ‌(32)

- ‌(35) }

- ‌(36) }

- ‌(37)

- ‌(39)

- ‌(41)

- ‌(44) }

- ‌(45) }

- ‌(53) }

- ‌(54) }

- ‌(55) }

- ‌(56)

- ‌(59)

- ‌(61) }

- ‌(62) }

- ‌(64) }

- ‌ الْفُرْقَانِ

- ‌(1)

- ‌(3) }

- ‌ 7

- ‌(12)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(20) }

- ‌(21)

- ‌(25)

- ‌(30)

- ‌(32) }

- ‌(33)

- ‌(35)

- ‌(41)

- ‌(44) }

- ‌(45)

- ‌(48)

- ‌(51)

- ‌(55) }

- ‌(56)

- ‌(61)

- ‌(63)

- ‌(68)

- ‌(72)

- ‌(75)

- ‌ الشُّعَرَاءِ

- ‌(1)

- ‌10

- ‌(20)

- ‌(23)

- ‌(29)

- ‌(38)

- ‌(40)

- ‌(49)

- ‌(60) }

- ‌(61)

- ‌(69)

- ‌(78)

- ‌(83) }

- ‌(84)

- ‌(90)

- ‌(105)

- ‌(111) }

- ‌(112)

- ‌(123)

- ‌(136) }

- ‌(137)

- ‌(141)

- ‌(153)

- ‌(160)

- ‌(176)

- ‌(181)

- ‌(184) }

- ‌(185)

- ‌(192)

- ‌(196)

- ‌(207)

- ‌(210)

- ‌(221)

- ‌ النَّمْلِ

- ‌(1)

- ‌(14) }

- ‌(15)

- ‌(20)

- ‌(22) }

- ‌(23)

- ‌(27)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(38)

- ‌(41)

- ‌(45)

- ‌(48)

- ‌(54)

- ‌(56)

- ‌(59)

- ‌(61) }

- ‌(63) }

- ‌(64) }

- ‌(65)

- ‌(67)

- ‌(71)

- ‌(76) }

- ‌(77)

- ‌(83)

- ‌(87)

- ‌(89)

- ‌(91)

- ‌(1)

- ‌ الْقَصَصِ

- ‌(6) }

- ‌7]

- ‌(10)

- ‌(14)

- ‌(18)

- ‌(20) }

- ‌(22)

- ‌(25)

- ‌(29)

- ‌(33)

- ‌(36)

- ‌(43) }

- ‌(44)

- ‌(48)

- ‌(51) }

- ‌(52)

- ‌(56)

- ‌(58)

- ‌(60)

- ‌(68)

- ‌(71)

- ‌(74)

- ‌(78) }

- ‌(79)

- ‌(83)

- ‌(85)

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(7) }

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(14) }

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(19)

- ‌(24)

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(31)

- ‌(38) }

- ‌(39)

- ‌(41)

- ‌(44)

- ‌(46) }

- ‌(47)

- ‌(50)

- ‌(53)

- ‌(56)

- ‌(61)

- ‌(64)

- ‌67]

- ‌ الرُّومِ

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(8)

- ‌ 11

- ‌(16) }

- ‌(17)

- ‌(20)

- ‌(22)

- ‌(24) }

- ‌(25) }

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌(38)

- ‌(41) }

- ‌(42) }

- ‌(43)

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(51) }

- ‌(52)

- ‌(54) }

- ‌(55)

- ‌ لُقْمَانَ

- ‌(1)

- ‌(8)

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(16)

- ‌(20)

- ‌(25)

- ‌(29)

- ‌(31)

- ‌(34) }

- ‌ السَّجْدَةِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(7)

- ‌(12)

- ‌(18)

- ‌(21)

- ‌(23)

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌ الْأَحْزَابِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(18)

- ‌(20) }

- ‌(23)

- ‌(25) }

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(30) }

- ‌(31) }

- ‌(35) }

- ‌(36) }

- ‌(37) }

- ‌(38) }

- ‌(41)

- ‌(44) }

- ‌(45)

- ‌(49) }

- ‌(50) }

- ‌(51) }

- ‌(52) }

- ‌(53)

- ‌(55) }

- ‌(56) }

- ‌(57)

- ‌(59)

- ‌(63)

- ‌(69) }

- ‌(70)

- ‌(72)

- ‌ سَبأ

- ‌(1)

- ‌(3)

- ‌(7) }

- ‌(8)

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(14) }

- ‌(15)

- ‌(18)

- ‌(20)

- ‌(22) }

- ‌(23) }

- ‌(24)

- ‌(28)

- ‌(31) }

- ‌(32)

- ‌(34)

- ‌(40)

- ‌(46) }

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(51)

- ‌ فَاطِرٍ

- ‌(1) }

- ‌(3)

- ‌(4)

- ‌(7)

- ‌(9)

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(15)

- ‌(19)

- ‌(27)

- ‌(29)

- ‌(31) }

- ‌(33)

- ‌(36)

- ‌(38) }

- ‌(39) }

- ‌(42)

- ‌(44) }

- ‌(45) }

- ‌{يس

- ‌(1)

- ‌(13)

- ‌(18)

- ‌(20)

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌(41)

- ‌(45)

- ‌(48)

- ‌(55)

- ‌(59)

- ‌(63)

- ‌(68)

- ‌(71)

- ‌(74)

- ‌(81)

الفصل: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جَدًّا، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَلَمَّا أَصْبَحُوا

هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جَدًّا، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَلَيْسَ فِي نَادِيهِمْ دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ، غَاظَ ذَلِكَ فِرْعَوْنَ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؛ لِمَا يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الدَّمَارِ، فَأَرْسَلَ سَرِيعًا فِي بِلَادِهِ حَاشِرِينَ، أَيْ: مَنْ يَحْشُرُ الجندَ وَيَجْمَعُهُ، كَالنُّقَبَاءِ والحُجَّاب، وَنَادَى فِيهِمْ:{إِنَّ هَؤُلاءِ} -يَعْنِي: بَنِي إِسْرَائِيلَ - {لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} أَيْ: لِطَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ.

{وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ} أَيْ: كُلَّ وَقْتٍ يَصِلُ لَنَا مِنْهُمْ مَا يَغِيظُنَا.

{وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} أَيْ: نَحْنُ كُلَّ وَقْتٍ نَحْذَرُ مِنْ غَائِلَتِهِمْ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْتَأْصِلَ شَأْفَتَهُمْ، وَأُبِيدَ خَضْرَاءَهُمْ. فَجُوزِيَ فِي نَفْسِهِ وَجُنْدِهِ بِمَا أَرَادَ لَهُمْ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} أَيْ: فَخَرَجُوا مِنْ هَذَا النَّعِيمِ إِلَى الْجَحِيمِ، وَتَرَكُوا تِلْكَ الْمَنَازِلَ الْعَالِيَةَ وَالْبَسَاتِينَ وَالْأَنْهَارَ وَالْأَمْوَالَ وَالْأَرْزَاقَ وَالْمُلْكَ وَالْجَاهَ الْوَافِرَ فِي الدُّنْيَا.

{كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} [الْأَعْرَافِ:137]، وَقَالَ تَعَالَى:{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [الْقَصَصِ:5، 6] .

{فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ ‌

(60) }

ص: 143

{فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ‌

(61)

قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68) } .

ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: أَنَّ فِرْعَوْنَ خَرَجَ فِي جَحْفَلٍ عَظِيمٍ وَجَمْعٍ كَبِيرٍ (1) ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مَمْلَكَةِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي زَمَانِهِ، أُولِي الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَالدُّوَلِ، مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْوُزَرَاءِ وَالْكُبَرَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ وَالْجُنُودِ، فأمَّا مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ، مِنْ أَنَّهُ خَرَجَ فِي أَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةِ أَلْفِ فَارِسٍ، مِنْهَا مِائَةُ أَلْفٍ عَلَى خَيْلٍ دُهْم، وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: فِيهِمْ ثَمَانِمِائَةِ أَلْفِ حِصَانٍ أَدْهَمَ، فَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ مُجَازَفَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَاللَّهُ، سبحانه وتعالى، أَعْلَمُ. وَالَّذِي أَخْبَرَ بِهِ هُوَ النَّافِعُ، وَلَمْ يُعَيِّنْ عِدَّتَهُمْ؛ إِذْ لَا فَائِدَةَ تَحْتَهُ، إِلَّا أَنَّهُمْ خَرَجُوا بِأَجْمَعِهِمْ.

{فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} أَيْ: وَصَلُوا إِلَيْهِمْ عِنْدَ شُرُوقِ الشَّمْسِ، وَهُوَ طُلُوعُهَا.

{فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} أَيْ: رَأَى كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ صَاحِبَهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ {قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} ، وَذَلِكَ أَنَّهُ انْتَهَى بِهِمُ السَّيْرُ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ، وَهُوَ بَحْرُ الْقُلْزُمِ، فَصَارَ أَمَامَهُمُ الْبَحْرُ، وَفِرْعَوْنُ قَدْ أَدْرَكَهُمْ بِجُنُودِهِ، فَلِهَذَا قَالُوا:{إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} أَيْ: لا يصل إليكم

(1) في أ "كثير".

ص: 143

شَيْءٌ مِمَّا تَحْذَرُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ، سُبْحَانَهُ، هُوَ الَّذِي أَمَرَنِي أَنْ أَسِيرَ هَاهُنَا بِكُمْ، وَهُوَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ.

وَكَانَ هَارُونُ، عليه السلام، فِي الْمُقَدِّمَةِ، وَمَعَهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، [وَمُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ وَمُوسَى، عليه السلام، فِي السَّاقَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: أَنَّهُمْ وَقَفُوا لَا يَدْرُونَ مَا يَصْنَعُونَ، وَجَعَلَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ](1) ، أَوْ مُؤْمِنُ آلَ فِرْعَوْنَ يَقُولُ لِمُوسَى، عليه السلام: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَاهُنَا أَمَرَكَ اللَّهُ أَنْ تَسِيرَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، وَاقْتَرَبَ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْقَلِيلُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ مُوسَى أَنْ يَضْرِبَ بِعَصَاهُ الْبَحْرَ، فَضَرَبَهُ، وَقَالَ: انْفَلِقْ بِإِذْنِ اللَّهِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا (2) مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ [بْنِ مُحَمَّدِ] (3) بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ: أَنَّ مُوسَى، عليه السلام، لَمَّا انْتَهَى إِلَى الْبَحْرِ قَالَ: يَا مَنْ كَانَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَالْمُكَوِّنُ لِكُلِّ شَيْءٍ، وَالْكَائِنُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، اجْعَلْ لَنَا مَخْرَجًا. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ:{أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ} .

وَقَالَ قَتَادَةُ: أَوْحَى اللَّهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ إِلَى الْبَحْرِ: أَنْ إِذَا ضَرَبَكَ مُوسَى بِعَصَاهُ فَاسْمَعْ لَهُ وَأَطِعْ، فَبَاتَ الْبَحْرُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَلَهُ اضْطِرَابٌ (4) ، وَلَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ جَانِبٍ يَضْرِبُهُ مُوسَى، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ مُوسَى قَالَ لَهُ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَيْنَ أَمَرَكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: أَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ الْبَحْرَ. قَالَ: فَاضْرِبْهُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: أَوْحَى اللَّهُ -فِيمَا ذُكِرَ لِي -إِلَى الْبَحْرِ: أَنْ إِذَا ضَرَبَكَ مُوسَى بِعَصَاهُ فَانْفَلِقْ لَهُ. قَالَ: فَبَاتَ الْبَحْرُ يَضْرِبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَرَقًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَانْتِظَارًا لِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى:{أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ} ، فَضَرَبَهُ بِهَا وَفِيهَا، (5) سُلْطَانُ اللَّهِ الَّذِي أَعْطَاهُ، فَانْفَلَقَ.

وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ كَنَّاهُ فَقَالَ: انْفَلِقْ عَلَيَّ أَبَا خَالِدٍ بِحَوْلِ اللَّهِ (6) .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} أَيْ: كَالْجَبَلِ الْكَبِيرِ. قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمْ.

وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: هُوَ الفَجّ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَارَ الْبَحْرُ اثْنَيْ عَشَرَ طَرِيقًا، لِكُلِّ سِبْطٍ طَرِيقٌ -وَزَادَ السُّدِّيُّ: وَصَارَ فِيهِ طَاقَاتٌ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَقَامَ الْمَاءُ عَلَى حَيْلِهِ كَالْحِيطَانِ، وَبَعَثَ اللَّهُ الرِّيحَ إِلَى قَعْرِ الْبَحْرِ فَلَفْحَتْهُ، فَصَارَ يَبَسا (7) كَوَجْهِ الْأَرْضِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى} [طه:77] .

وَقَالَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ: {وَأَزْلَفْنَا} أَيْ: هُنَالِكَ (8){الْآخَرِينَ} .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ:{وأزلفنا} أي: قربنا فرعون وجنوده

(1) زيادة من ف، أ.

(2)

في ف، أ:"عن".

(3)

زيادة من الجرح والتعديل (3/2/236) والدر المنثور (5/86) .

(4)

في أ: "اتكل".

(5)

في أ: "ففيها".

(6)

في ف، أ:"بإذن الله".

(7)

في أ: "يابسا".

(8)

في ف: "هناك".

ص: 144