المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَقَالَ فِي آخِرِ السُّورَةِ: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى - تفسير ابن كثير - ت السلامة - جـ ٦

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ النُّورِ

- ‌(1)

- ‌(3) }

- ‌(4)

- ‌(6)

- ‌(11) }

- ‌(12)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(20) }

- ‌(21) }

- ‌(22) }

- ‌(26) }

- ‌(27) }

- ‌(28)

- ‌(30) }

- ‌(31) }

- ‌(32)

- ‌(35) }

- ‌(36) }

- ‌(37)

- ‌(39)

- ‌(41)

- ‌(44) }

- ‌(45) }

- ‌(53) }

- ‌(54) }

- ‌(55) }

- ‌(56)

- ‌(59)

- ‌(61) }

- ‌(62) }

- ‌(64) }

- ‌ الْفُرْقَانِ

- ‌(1)

- ‌(3) }

- ‌ 7

- ‌(12)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(20) }

- ‌(21)

- ‌(25)

- ‌(30)

- ‌(32) }

- ‌(33)

- ‌(35)

- ‌(41)

- ‌(44) }

- ‌(45)

- ‌(48)

- ‌(51)

- ‌(55) }

- ‌(56)

- ‌(61)

- ‌(63)

- ‌(68)

- ‌(72)

- ‌(75)

- ‌ الشُّعَرَاءِ

- ‌(1)

- ‌10

- ‌(20)

- ‌(23)

- ‌(29)

- ‌(38)

- ‌(40)

- ‌(49)

- ‌(60) }

- ‌(61)

- ‌(69)

- ‌(78)

- ‌(83) }

- ‌(84)

- ‌(90)

- ‌(105)

- ‌(111) }

- ‌(112)

- ‌(123)

- ‌(136) }

- ‌(137)

- ‌(141)

- ‌(153)

- ‌(160)

- ‌(176)

- ‌(181)

- ‌(184) }

- ‌(185)

- ‌(192)

- ‌(196)

- ‌(207)

- ‌(210)

- ‌(221)

- ‌ النَّمْلِ

- ‌(1)

- ‌(14) }

- ‌(15)

- ‌(20)

- ‌(22) }

- ‌(23)

- ‌(27)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(38)

- ‌(41)

- ‌(45)

- ‌(48)

- ‌(54)

- ‌(56)

- ‌(59)

- ‌(61) }

- ‌(63) }

- ‌(64) }

- ‌(65)

- ‌(67)

- ‌(71)

- ‌(76) }

- ‌(77)

- ‌(83)

- ‌(87)

- ‌(89)

- ‌(91)

- ‌(1)

- ‌ الْقَصَصِ

- ‌(6) }

- ‌7]

- ‌(10)

- ‌(14)

- ‌(18)

- ‌(20) }

- ‌(22)

- ‌(25)

- ‌(29)

- ‌(33)

- ‌(36)

- ‌(43) }

- ‌(44)

- ‌(48)

- ‌(51) }

- ‌(52)

- ‌(56)

- ‌(58)

- ‌(60)

- ‌(68)

- ‌(71)

- ‌(74)

- ‌(78) }

- ‌(79)

- ‌(83)

- ‌(85)

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(7) }

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(14) }

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(19)

- ‌(24)

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(31)

- ‌(38) }

- ‌(39)

- ‌(41)

- ‌(44)

- ‌(46) }

- ‌(47)

- ‌(50)

- ‌(53)

- ‌(56)

- ‌(61)

- ‌(64)

- ‌67]

- ‌ الرُّومِ

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(8)

- ‌ 11

- ‌(16) }

- ‌(17)

- ‌(20)

- ‌(22)

- ‌(24) }

- ‌(25) }

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌(38)

- ‌(41) }

- ‌(42) }

- ‌(43)

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(51) }

- ‌(52)

- ‌(54) }

- ‌(55)

- ‌ لُقْمَانَ

- ‌(1)

- ‌(8)

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(16)

- ‌(20)

- ‌(25)

- ‌(29)

- ‌(31)

- ‌(34) }

- ‌ السَّجْدَةِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(7)

- ‌(12)

- ‌(18)

- ‌(21)

- ‌(23)

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌ الْأَحْزَابِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(18)

- ‌(20) }

- ‌(23)

- ‌(25) }

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(30) }

- ‌(31) }

- ‌(35) }

- ‌(36) }

- ‌(37) }

- ‌(38) }

- ‌(41)

- ‌(44) }

- ‌(45)

- ‌(49) }

- ‌(50) }

- ‌(51) }

- ‌(52) }

- ‌(53)

- ‌(55) }

- ‌(56) }

- ‌(57)

- ‌(59)

- ‌(63)

- ‌(69) }

- ‌(70)

- ‌(72)

- ‌ سَبأ

- ‌(1)

- ‌(3)

- ‌(7) }

- ‌(8)

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(14) }

- ‌(15)

- ‌(18)

- ‌(20)

- ‌(22) }

- ‌(23) }

- ‌(24)

- ‌(28)

- ‌(31) }

- ‌(32)

- ‌(34)

- ‌(40)

- ‌(46) }

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(51)

- ‌ فَاطِرٍ

- ‌(1) }

- ‌(3)

- ‌(4)

- ‌(7)

- ‌(9)

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(15)

- ‌(19)

- ‌(27)

- ‌(29)

- ‌(31) }

- ‌(33)

- ‌(36)

- ‌(38) }

- ‌(39) }

- ‌(42)

- ‌(44) }

- ‌(45) }

- ‌{يس

- ‌(1)

- ‌(13)

- ‌(18)

- ‌(20)

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌(41)

- ‌(45)

- ‌(48)

- ‌(55)

- ‌(59)

- ‌(63)

- ‌(68)

- ‌(71)

- ‌(74)

- ‌(81)

الفصل: وَقَالَ فِي آخِرِ السُّورَةِ: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى

وَقَالَ فِي آخِرِ السُّورَةِ: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} ، إِلَى أَنْ قَالَ:{وَهَذَا كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الْأَنْعَامِ: 155]، وَقَالَتِ الْجِنُّ:{إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى [مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ] } [الْأَحْقَافِ: 30](1) وَقَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أَنْزَلَ [اللَّهُ](2) عَلَى مُوسَى. وَقَدْ عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ لِذَوِي الْأَلْبَابِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فِيمَا أَنْزَلَ مِنَ الْكُتُبِ الْمُتَعَدِّدَةِ عَلَى أَنْبِيَائِهِ أَكْمَلَ وَلَا أَشْمَلَ وَلَا أَفْصَحَ وَلَا أَعْظَمَ وَلَا أَشْرَفَ مِنَ الْكِتَابِ الذِي أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم (3) ، وَهُوَ الْقُرْآنُ، وَبَعْدَهُ فِي الشَّرَفِ وَالْعَظَمَةِ الْكِتَابُ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ، عليه السلام، وَهُوَ التَّوْرَاةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا:{إِنَّا أَنزلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ} [الْمَائِدَةِ: 44] . وَالْإِنْجِيلُ إِنَّمَا نَزَلَ مُتَمِّمًا لِلتَّوْرَاةِ ومُحلا لِبَعْضِ مَا حُرّم عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أَيْ: فِيمَا تُدَافِعُونَ بِهِ الْحَقَّ وَتُعَارِضُونَ بِهِ مِنَ الْبَاطِلِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ} أَيْ: فَإِنْ لَمْ يُجِيبُوكَ عَمَّا قُلْتَ لَهُمْ وَلَمْ يَتَّبِعُوا الْحَقَّ {فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} أَيْ: بِلَا دَلِيلٍ وَلَا حُجَّةٍ {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} أَيْ: بِغَيْرِ حُجَّةٍ مَأْخُوذَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} .

وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ} قَالَ مُجَاهِدٌ: فَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: بَيَّنَّا لَهُمُ الْقَوْلَ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: يَقُولُ تَعَالَى: أخبَرَهم كَيْفَ صُنع بِمَنْ مَضَى وَكَيْفَ هُوَ صَانِعٌ، {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} .

قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ: {وَصَّلْنَا لَهُمُ} يَعْنِي: قُرَيْشًا. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، لَكِنْ قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَة، عَنْ رِفَاعَةَ -رِفَاعَةُ هَذَا هُوَ ابْنُ قَرَظَة القُرَظيّ، وَجَعَلَهُ ابْنُ مَنْدَهْ: رِفَاعَةَ بْنَ سَمَوْأَلٍ، خَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، وَهُوَ الَّذِي طَلَّقَ تَمِيمَةَ بِنْتَ وَهْبٍ الَّتِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ بَاطَا، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ (4) -قَالَ: نَزَلَتْ {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ} فِي عَشَرَةٍ أَنَا أَحَدُهُمْ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِهِ (5) .

{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ ‌

(52)

وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54) وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55) } .

(1) زيادة من أ.

(2)

زيادة من ف.

(3)

في ف، أ:"صلوات الله وسلامه عليه".

(4)

أسد الغابة لابن الأثير (2/228) .

(5)

تفسير الطبري (20/56) ورواه اللطبراني في المعجم الكبير (5/53) من طريق حماد بن سلمة به.

ص: 243

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْعُلَمَاءِ الْأَوْلِيَاءِ (1) مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالْقُرْآنِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [الْبَقَرَةِ: 121]، وَقَالَ:{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} [آلِ عِمْرَانَ: 199]، وَقَالَ:{إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا} [الْإِسْرَاءِ: 107، 108]، وَقَالَ:{وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ. وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [الْمَائِدَةِ: 82، 83] .

قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: نَزَلَتْ فِي سَبْعِينَ مِنَ الْقِسِّيسِينَ بَعَثَهُمُ النَّجَاشِيُّ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ عَلَيْهِمْ:{يس. وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} حَتَّى خَتَمَهَا، فَجَعَلُوا يَبْكُونَ وَأَسْلَمُوا، وَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ الْأُخْرَى:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ. وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ} يَعْنِي: مِنْ قَبْلِ هَذَا الْقُرْآنِ كُنَّا مُسْلِمِينَ، أَيْ: مُوَحِّدِينَ مُخْلِصِينَ لِلَّهِ مُسْتَجِيبِينَ لَهُ.

قَالَ اللَّهُ: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} أَيْ: هَؤُلَاءِ الْمُتَّصِفُونَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ ثُمَّ بِالثَّانِي [يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِإِيمَانِهِمْ بِالرَّسُولِ الْأَوَّلِ ثُمَّ بِالثَّانِي](2) ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {بِمَا صَبَرُوا} أَيْ: عَلَى اتِّبَاعِ الْحَقِّ؛ فإنَّ تجشُّم مِثْلِ هَذَا شَدِيدٌ عَلَى النُّفُوسِ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثَةٌ يُؤتَونَ أجْرهم مَرّتَين: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ ثُمَّ آمَنَ بِي، وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ، ورَجُل كَانَتْ لَهُ أمَة فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فتزوَّجها"(3) .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيلَحيني، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعة، عَنْ سُلَيْمَانَ (4) بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: إِنِّي لتحتَ رَاحِلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ، فَقَالَ قَوْلًا حَسَنًا جَمِيلًا وَقَالَ فِيمَا قَالَ:"مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، وَلَهُ مَا لَنَا وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا، [ومَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَهُ أَجْرُهُ، وَلَهُ مَا لَنَا وَعَلَيْهِ ما علينا] "(5)(6) .

وقوله {وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} أَيْ: لَا يُقَابِلُونَ السَّيِّئَ (7) بِمِثْلِهِ، وَلَكِنْ يَعْفُونَ وَيَصْفَحُونَ. {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} أَيْ: وَمِنَ الَّذِي رَزَقَهُمْ مِنَ الْحَلَالِ يُنْفِقُونَ عَلَى خَلْق اللَّهِ فِي النَّفَقَاتِ الْوَاجِبَةِ لِأَهْلِهِمْ وَأَقَارِبِهِمْ، وَالزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ مِنَ التَّطَوُّعَاتِ، وَصَدَقَاتِ النَّفْلِ والقربات.

(1) في ت، ف:"الألباء" وفي أ: "الألباب".

(2)

زيادة من ت، ف، أ.

(3)

صحيح البخاري برقم (97) وصحيح مسلم برقم (154) .

(4)

في، أ:"سليم".

(5)

زيادة من ف، أ، ومسند أحمد.

(6)

المسند (5/259) .

(7)

في ت، ف، أ:"يقابلون على السيئ".

ص: 244