الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ مَأْخَذُ الْمَاءِ. قَالَ قَتَادَةُ: وَقَرَأَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ (1) : وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ كَأَنَّكُمْ خَالِدُونَ".
وَفِي الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ: {لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} أَيْ: لِكَيْ تُقِيمُوا فِيهَا أَبَدًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِحَاصِلٍ لَكُمْ، بَلْ زَائِلٌ عَنْكُمْ، كَمَا زَالَ عَمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، رحمه الله: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلان، حَدَّثَنِي عَوْن بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، رضي الله عنه، لَمَّا رَأَى مَا أَحْدَثَ الْمُسْلِمُونَ فِي الغُوطة مِنَ الْبُنْيَانِ وَنَصْبِ الشَّجَرِ، قَامَ فِي مَسْجِدِهِمْ فَنَادَى: يَا أَهْلَ دِمَشْقَ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا تَسْتَحْيُونَ! أَلَا تَسْتَحْيُونَ! تَجْمَعُونَ مَا لَا تَأْكُلُونَ، وَتَبْنُونَ مَا لَا تَسْكُنُونَ، وَتَأْمُلُونَ مَا لَا تُدْرِكُونَ، إِنَّهُ كَانَتْ قَبْلَكُمْ (2) قُرُونٌ، يَجْمَعُونَ فَيُرْعُونَ، وَيَبْنُونَ فَيُوثِقُونَ (3) ، وَيَأْمُلُونَ فَيُطِيلُونَ، فَأَصْبَحَ أَمَلُهُمْ غُرُورًا، وَأَصْبَحَ جَمْعُهُمْ بُورًا، وَأَصْبَحَتْ مَسَاكِنُهُمْ (4) قُبُورًا، أَلَا إِنَّ عَادًا مَلَكَتْ مَا بَيْنَ عَدَنَ وَعُمَانَ خَيْلًا وَرِكَابًا، فَمَنْ يَشْتَرِي مِنِّي مِيرَاثَ عَادٍ بِدِرْهَمَيْنِ؟.
وَقَوْلُهُ: {وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} وَصَفَهُمْ بِالْقُوَّةِ وَالْغِلْظَةِ وَالْجَبَرُوتِ.
{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} أَيِ: اعْبُدُوا رَبَّكُمْ، وَأَطِيعُوا رَسُولَكُمْ.
ثُمَّ شَرَعَ يُذَكِّرُهُمْ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: {وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ. أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ. وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} أَيْ: إِنْ كَذَّبْتُمْ وَخَالَفْتُمْ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ بِالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، فَمَا نَفَعَ فِيهِمْ.
{قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ
(136) }
(1) في ف: "الكوفيين".
(2)
في ف: "قد كانت قبلكم" وفي أ: "قد كانت لكم".
(3)
في أ: "فيوبقون".
(4)
في ف: "منازلهم".
{إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ
(137)
وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (138) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (139) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (140) }
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ جَوَابِ قَوْمِ هُودٍ لَهُ، بَعْدَمَا حَذَّرَهُمْ وَأَنْذَرَهُمْ، وَرَغَّبَهُم وَرَهَّبَهُمْ، وبيَّن لَهُمُ الْحَقَّ وَوَضَّحَهُ:{قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ} أَيْ: لَا نَرْجِعُ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ، {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} [هُودٍ:53] وَهَكَذَا الْأَمْرُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الْبَقَرَةِ:6] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ} [يُونُسَ:96، 97] .
وَقَوْلُهُمْ: {إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ} : قَرَأَ بَعْضُهُمْ: "إِنْ هَذَا إِلَّا خَلْق" بِفَتْحِ الْخَاءِ وَتَسْكِينِ