الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ عِكْرِمَةُ فِي قَوْلِهِ (1){لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} : يَعْنِي: أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سُلْطَانًا، فَلَا يَنْبَغِي لِلشَّمْسِ أَنْ تَطْلُعَ بِاللَّيْلِ.
وَقَوْلُهُ: {وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} : يَقُولُ: لَا يَنْبَغِي إِذَا كَانَ الليلُ أَنْ يَكُونَ لَيْلٌ آخَرُ حَتَّى يَكُونَ النَّهَارُ، فَسُلْطَانُ الشَّمْسِ بِالنَّهَارِ، وَسُلْطَانُ الْقَمَرِ بِاللَّيْلِ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا حَتَّى يَجِيءَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا. وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} يَطْلُبَانِ حَثِيثِيْنِ، يَنْسَلِخُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ.
وَالْمَعْنَى فِي هَذَا: أَنَّهُ لَا فَتْرَةَ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَعْقُبُ الْآخَرَ بِلَا مُهْلَةٍ وَلَا تَرَاخٍ؛ لِأَنَّهُمَا مُسَخَّرَانِ دَائِبَيْنِ يَتَطَالَبَانِ طَلَبًا حثِيثًا.
وَقَوْلُهُ: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} يَعْنِي: اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، كُلُّهُمْ يَسْبَحُونَ، أَيْ: يَدُورُونَ فِي فَلَكِ السَّمَاءِ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وعِكْرِمة، وَالضَّحَّاكُ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيِّ. (2)
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: فِي فَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا، بَلْ مُنْكَرٌ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ: فِي فَلْكَةٍ كفَلْكَة المغْزَل.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الفَلَك كَحَدِيدِ الرَّحَى، أَوْ كَفَلْكَةِ الْمِغْزَلِ، لَا يَدُورُ الْمِغْزَلُ إِلَّا بها، ولا تدور إلا به.
(1) زيادة من أ.
(2)
في ت: "قاله ابن عباس وغيره".
{وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ
(41)
وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) إِلا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44) }
يَقُولُ تَعَالَى: وَدَلَالَةٌ لَهُمْ أَيْضًا عَلَى قُدْرَتِهِ تَعَالَى: تَسْخِيرُهُ الْبَحْرَ لِيَحْمِلَ (1) السُّفُنَ، فَمِنْ ذَلِكَ -بَلْ أَوَّلُهُ-سَفِينَةُ نُوحٍ، عليه السلام، الَّتِي أَنْجَاهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، الَّذِينَ لَمْ يَبْقَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ غَيْرُهُمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ:{وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ} أَيْ: آبَاءَهُمْ، {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} أَيْ: فِي السَّفِينَةِ [الْمُوقَرَةِ](2) الْمَمْلُوءَةِ مِنَ الْأَمْتِعَةِ وَالْحَيَوَانَاتِ، الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَحْمِلَ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمَشْحُونُ: المُوقَر. وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ، [وَالضَّحَّاكُ](3) وَالسُّدِّيُّ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ، وَابْنُ زَيْدٍ: وَهِيَ سَفِينَةُ نُوحٍ، عليه السلام.
وَقَوْلُهُ: {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ} : قَالَ العَوْفي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعْنِي بِذَلِكَ: الْإِبِلُ، فَإِنَّهَا سُفُنُ الْبَرِّ يَحْمِلُونَ عَلَيْهَا وَيَرْكَبُونَهَا. وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ -فِي رِوَايَةِ-عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَداد، وَغَيْرِهِمْ. (4)
وَقَالَ السُّدِّيُّ -فِي رِوَايَةٍ-: هِيَ الأنعام.
(1) في أ: "ليحمل فيه".
(2)
زيادة من ت، أ.
(3)
زيادة من أ.
(4)
في ت: "عكرمة وغيره".