الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْ: يُقَالُ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخِ، وَالتَّحْقِيرِ وَالتَّصْغِيرِ، وَالتَّهَكُّمِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِهِمْ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحسين، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا بَشِيرُ (1) بْنُ طَلْحَةَ الْخِزَامِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ دُرَيْك، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُنْيَه -رَفَعَ الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-قَالَ:"يُنْشِئُ اللَّهُ سَحَابَةً لِأَهْلِ النَّارِ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً، وَيُقَالُ: يَا أَهْلَ النَّارِ، أَيَّ شَيْءٍ تَطْلُبُونَ؟ فَيَذْكُرُونَ بِهَا سَحَابَ الدُّنْيَا فَيَقُولُونَ: نَسْأَلُ بَرْد الشَّرَابِ، فَتُمْطِرُهُمْ أَغْلَالًا تَزِيدُ فِي أَغْلَالِهِمْ، وَسَلَاسِلَ تَزِيدُ فِي سَلَاسِلِهِمْ، وَجَمْرًا يُلْهِبُ النَّارَ عَلَيْهِمْ". هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ (2) .
وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ. مِنْ دُونِ اللَّهِ} أَيْ: قِيلَ لَهُمْ: أَيْنَ الْأَصْنَامُ الَّتِي كُنْتُمْ تَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ هَلْ يَنْصُرُونَكُمُ الْيَوْمَ؟ {قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا} أَيْ: ذَهَبُوا فَلَمْ يَنْفَعُونَا، {بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا} أَيْ: جَحَدُوا عِبَادَتَهُمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الْأَنْعَامِ: 23] ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ} .
وَقَوْلُهُ: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ} أَيْ: تَقُولُ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ: هَذَا الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ جَزَاءٌ عَلَى فَرَحِكُمْ فِي الدُّنْيَا بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَمَرَحِكُمْ وَأَشَرِكُمْ وَبَطَرِكُمْ، {ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} أَيْ: فَبِئْسَ المْنزلُ والمَقِيلُ الَّذِي فِيهِ الْهَوَانُ وَالْعَذَابُ الشَّدِيدُ، لِمَنِ اسْتَكْبَرَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ، وَاتِّبَاعِ دَلَائِلِهِ وحُججه.
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ
(77) }
(1) في أ: "بشر".
(2)
ورواه الطبراني في الأوسط برقم (4846) وابن عدي في الكامل (6/394) من طريق أحمد بن منيع عن منصور به، وقال الطبراني:"لا يروى إلا بهذا الإسناد تفرد به منصور". وقال الهيثمي في المجمع (10/390) : "فيه من فيه ضعف قليل، وفيه من لم أعرفه".
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ
(78) }
يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا رَسُولَهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، بِالصَّبْرِ عَلَى تَكْذِيبِ مَنْ كَذَّبَهُ مِنْ قَوْمِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ مِنَ النَّصْرِ وَالظَّفَرِ عَلَى قَوْمِكَ، وَجَعَلَ الْعَاقِبَةَ لَكَ وَلِمَنِ اتَّبَعَكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، {فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} أَيْ: فِي الدُّنْيَا. وَكَذَلِكَ وَقَعَ، فَإِنَّ اللَّهَ أَقَرَّ أَعْيُنَهُمْ مِنْ كُبَرَائِهِمْ وَعُظَمَائِهِمْ، أُبِيدُوا فِي يَوْمِ بَدْرٍ. ثُمَّ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَكَّةَ وَسَائِرَ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فِي أَيَّامِ حَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم.
وَقَوْلُهُ: {أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} أَيْ: فَنُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ فِي الْآخِرَةِ.
ثُمَّ قَالَ مُسَلِّيًا لَهُ: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} كَمَا قَالَ فِي "سُورَةِ النِّسَاءِ" سَوَاءٌ، أَيْ: مِنْهُمْ مَنْ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ خَبَرَهُمْ وَقِصَصَهُمْ مَعَ قَوْمِهِمْ كَيْفَ كَذَّبُوهُمْ ثُمَّ كَانَتْ لِلرُّسُلِ الْعَاقِبَةُ وَالنُّصْرَةُ، {وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} وَهُمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ ذكر