المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ - تفسير ابن كثير - ت السلامة - جـ ٧

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ الصَّافَّاتِ

- ‌(1)

- ‌ 6]

- ‌(11)

- ‌(20)

- ‌(25)

- ‌(27)

- ‌(38)

- ‌(50)

- ‌(52)

- ‌(62)

- ‌(71)

- ‌(77)

- ‌(83)

- ‌(88)

- ‌(99)

- ‌(103)

- ‌(114)

- ‌(127)

- ‌(133)

- ‌(149)

- ‌(154)

- ‌(161)

- ‌(171)

- ‌(180)

- ‌ ص

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(12)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(26) }

- ‌(27)

- ‌(30)

- ‌(34)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(45)

- ‌(49)

- ‌(55)

- ‌(62)

- ‌(65)

- ‌(71)

- ‌(84)

- ‌(86)

- ‌ الزُّمَرِ

- ‌(1)

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(9) }

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(13)

- ‌(19)

- ‌(21) }

- ‌(22) }

- ‌(23) }

- ‌(24)

- ‌(27)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(46)

- ‌(48) }

- ‌(49)

- ‌(53)

- ‌(57)

- ‌(60)

- ‌(67) }

- ‌(68)

- ‌(71)

- ‌(73)

- ‌(75) }

- ‌(1)

- ‌ غَافِرِ

- ‌(4)

- ‌(7) }

- ‌(8)

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(17) }

- ‌(18)

- ‌(21)

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(30)

- ‌(34)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(47)

- ‌(50) }

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(59) }

- ‌(60) }

- ‌(61)

- ‌(66) }

- ‌(67)

- ‌(69)

- ‌(77) }

- ‌(78) }

- ‌(79)

- ‌ فُصِّلَتْ

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(9)

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(19)

- ‌(21)

- ‌(25)

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌(37)

- ‌(39) }

- ‌(40)

- ‌(44)

- ‌(46) }

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌ الشُّورَى

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(13)

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(19)

- ‌(23)

- ‌(25)

- ‌(29)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(40)

- ‌(44) }

- ‌(45)

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(51) }

- ‌(52)

- ‌ الزُّخْرُفِ

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(15)

- ‌(21)

- ‌(23)

- ‌(26)

- ‌(34)

- ‌(36)

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(60) }

- ‌(66)

- ‌(74)

- ‌(81)

- ‌ الدُّخَانِ

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(17)

- ‌(19)

- ‌(34)

- ‌(38)

- ‌(40)

- ‌(51)

- ‌ الْجَاثِيَةِ

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(21)

- ‌(23) }

- ‌(24)

- ‌ 27]

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌ الْأَحْقَافِ

- ‌(1)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(26)

- ‌(29)

- ‌(33)

- ‌(1)

- ‌ مُحَمَّدٍ

- ‌(4)

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(20)

- ‌(24)

- ‌(29) }

- ‌(30)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌ الْفَتْحِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌8

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(18)

- ‌(20)

- ‌(24) }

- ‌(25)

- ‌(27)

- ‌(29) }

- ‌ الْحُجُرَاتِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(5) }

- ‌(6)

- ‌(9)

- ‌(11) }

- ‌(12) }

- ‌(13) }

- ‌(14)

- ‌قَ

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(23)

- ‌(30)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌ الذَّارِيَاتِ

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(15)

- ‌(24)

- ‌(31)

- ‌(38)

- ‌(47)

- ‌(52)

- ‌ الطُّورِ

- ‌(1)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(29)

- ‌(32)

- ‌(35)

- ‌(44)

- ‌ النَّجْمِ

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(19)

- ‌(27)

- ‌(33)

- ‌(42)

- ‌(45)

- ‌(56)

- ‌ الْقَمَرِ

- ‌(1)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(18)

- ‌(23)

- ‌(28)

- ‌(33)

- ‌(41)

- ‌(47)

- ‌(50)

- ‌ الرَّحْمَنِ

- ‌(1)

- ‌(14)

- ‌(17)

- ‌(26)

- ‌(31)

- ‌(37)

- ‌(41)

- ‌(46)

- ‌(54)

- ‌(62)

- ‌(68)

- ‌(1)

- ‌الْوَاقِعَةَ

- ‌ 13

- ‌(17)

- ‌(27)

- ‌(41)

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(63)

- ‌(75)

- ‌(77)

- ‌(83)

- ‌(88)

- ‌ الْحَدِيدِ

- ‌(1)

الفصل: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ

{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ ‌

(51)

يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53) هُدًى وَذِكْرَى لأولِي الألْبَابِ (54) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإبْكَارِ (55) إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56) }

قَدْ أَوْرَدَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} سُؤَالًا فَقَالَ: قَدْ عُلِم أَنَّ بَعْضَ الْأَنْبِيَاءِ، عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَتَلَهُ قَوْمُهُ بِالْكُلِّيَّةِ كَيَحْيَى وَزَكَرِيَّا (1) وَشَعْيَاءَ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ إِمَّا مُهَاجِرًا كَإِبْرَاهِيمَ (2) ، وَإِمَّا إِلَى السَّمَاءِ كَعِيسَى (3) ، فَأَيْنَ النُّصْرَةُ فِي الدُّنْيَا؟ ثُمَّ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِجَوَابَيْنِ (4) .

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ خَرَجَ عَامًّا، وَالْمُرَادُ بِهِ الْبَعْضُ، قَالَ: وَهَذَا سَائِغٌ فِي اللُّغَةِ.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّصْرِ الِانْتِصَارُ لَهُمْ مِمَّنْ آذَاهُمْ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِمْ أَوْ فِي غَيْبَتِهِمْ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ، كَمَا فُعِلَ بِقَتَلَةِ يَحْيَى وَزَكَرِيَّا (5) وَشَعْيَاءَ، سُلِّطَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ مَنْ أَهَانَهُمْ وَسَفَكَ دِمَاءَهُمْ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ النُّمْرُوذَ أَخَذَهُ اللَّهُ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ، وَأَمَّا الَّذِينَ رَامُوا صَلْبَ الْمَسِيحِ، عليه السلام، مِنَ الْيَهُودِ، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الرُّومَ فَأَهَانُوهُمْ وَأَذَلُّوهُمْ، وَأَظْهَرَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. ثُمَّ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ سَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ إِمَامًا عَادِلًا وَحَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَقْتُلُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ وَجُنُودَهُ مِنَ الْيَهُودِ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ فَلَا يَقْبَلُ إِلَّا الْإِسْلَامَ. وَهَذِهِ نُصْرَةٌ عَظِيمَةٌ، وَهَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ فِي قَدِيمِ الدَّهْرِ وَحَدِيثِهِ: أَنَّهُ يَنْصُرُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا، وَيُقِرُّ أَعْيُنَهُمْ مِمَّنْ آذَاهُمْ، فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْحَرْبِ"(6) وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "إِنِّي لِأَثْأَرُ لِأَوْلِيَائِي كَمَا يَثْأَرُ اللَّيْثُ الْحِرِبُ"(7) ؛ وَلِهَذَا أَهْلَكَ تَعَالَى قَوْمَ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ، وَأَصْحَابَ الرَّسِّ، وَقَوْمَ لُوطٍ، وَأَهْلَ (8) مَدْيَنَ، وَأَشْبَاهَهُمْ وَأَضْرَابَهُمْ مِمَّنْ كَذَّبَ الرُّسُلَ وَخَالَفَ الْحَقَّ. وَأَنْجَى اللَّهُ مِنْ بَيْنِهِمُ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمْ يُهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدًا وَعَذَّبَ الْكَافِرِينَ، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدًا (9) .

قَالَ السُّدِّيُّ: لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ رَسُولًا قَطُّ إِلَى قَوْمٍ فَيَقْتُلُونَهُ، أَوْ قَوْمًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَدْعُونَ إِلَى الْحَقِّ فَيُقْتَلُونَ، فَيَذْهَبُ ذَلِكَ الْقَرْنُ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ لَهُمْ مَنْ يَنْصُرُهُمْ، فَيَطْلُبُ بِدِمَائِهِمْ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا. قَالَ: فَكَانَتِ (10) الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُؤْمِنُونَ يُقْتَلُونَ فِي الدنيا، وهم منصورون فيها.

(1) في ت، أ:"كيحيى بن زكريا"

(2)

في أ: "كإبراهيم عليه السلام".

(3)

في أ: "كعيسى عليه السلام".

(4)

تفسير الطبري (24/48) .

(5)

في ت "يحيى بن زكريا".

(6)

صحيح البخاري برقم (6502) .

(7)

لم أجده بهذا اللفظ وقد رواه أبو نعيم في الحلية (1/11) موقوفا على ابن عباس: "وأنا الثائر لأوليائي يوم القيامة".

(8)

في أ: "وأصحاب".

(9)

في س: "واحدا".

(10)

في ت، س:"وكانت".

ص: 150

وَهَكَذَا نَصَرَ اللَّهُ [سُبْحَانَهُ](1) نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ وَنَاوَأَهُ، وَكَذَّبَهُ وَعَادَاهُ، فَجَعَلَ كَلِمَتَهُ هِيَ الْعُلْيَا، وَدِينَهُ هُوَ الظَّاهِرَ عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ. وَأَمَرَهُ بِالْهِجْرَةِ مِنْ بَيْنِ ظَهْرَانَيْ قَوْمِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَجَعَلَ لَهُ فِيهَا أَنْصَارًا وَأَعْوَانًا، ثُمَّ مَنَحَهُ أَكْتَافَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَنَصْرَهُ عَلَيْهِمْ وَخَذَلَهُمْ لَهُ، وَقَتَلَ صَنَادِيدَهُمْ، وَأَسَرَ سَرَاتَهُمْ، فَاسْتَاقَهُمْ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ، ثُمَّ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِأَخْذِهِ الْفِدَاءَ مِنْهُمْ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ فَتَحَ [عَلَيْهِ](2) مَكَّةَ، فَقَرَّتْ عَيْنُهُ بِبَلَدِهِ، وَهُوَ الْبَلَدُ الْمُحَرَّمُ الْحَرَامُ الْمُشَرَّفُ الْمُعَظَّمُ، فَأَنْقَذَهُ اللَّهُ بِهِ مِمَّا كَانَ فِيهِ مِنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ، وَفَتَحَ لَهُ الْيَمَنَ، وَدَانَتْ لَهُ جَزِيرَةُ (3) الْعَرَبِ بِكَمَالِهَا، وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا. ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ، تَعَالَى، إِلَيْهِ لِمَا لَهُ عِنْدَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ الْعَظِيمَةِ، فَأَقَامَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ خُلَفَاءَ بَعْدَهُ، فَبَلَّغُوا عَنْهُ دِينَ اللَّهِ، وَدَعَوْا عِبَادَ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ. وَفَتَحُوا الْبِلَادَ وَالرَّسَاتِيقَ وَالْأَقَالِيمَ وَالْمَدَائِنَ وَالْقُرَى وَالْقُلُوبَ، حَتَّى انْتَشَرَتِ الدَّعْوَةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا. ثُمَّ لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ قَائِمًا مَنْصُورًا ظَاهِرًا إِلَى قِيَامِ (4) السَّاعَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ} أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَكُونُ النُّصْرَةُ أَعْظَمَ وَأَكْبَرَ وَأَجَلَّ.

قَالَ مُجَاهِدٌ: الْأَشْهَادُ: الْمَلَائِكَةُ.

وَقَوْلُهُ: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: {وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ} .

وَقَرَأَ آخَرُونَ: "يَوْمُ" بِالرَّفْعِ، كَأَنَّهُ فَسَّرَهُ بِهِ {وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِين} ، وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ {مَعْذِرَتُهُم} أَيْ: لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ عُذْرٌ وَلَا فِدْيَةٌ، {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ} أَيِ: الْإِبْعَادُ وَالطَّرْدُ مِنَ الرَّحْمَةِ، {وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} وَهِيَ النَّارُ. قَالَهُ السُّدِّيُّ، بِئْسَ الْمَنْزِلُ وَالْمَقِيلُ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} أَيْ: سُوءُ الْعَاقِبَةِ.

وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى} وَهُوَ مَا بَعَثَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالنُّورِ، {وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ} أَيْ: جَعَلْنَا لَهُمُ الْعَاقِبَةَ، وَأَوْرَثْنَاهُمْ (5) بِلَادَ فِرْعَوْنَ وَأَمْوَالَهُ وَحَوَاصِلَهُ وَأَرْضَهُ، بِمَا صَبَرُوا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَاتِّبَاعِ رَسُولِهِ مُوسَى، عليه السلام، وَفِي الْكِتَابِ الَّذِي أُورِثُوهُ -وَهُوَ التَّوْرَاةُ- {هُدًى وَذِكْرَى لأولِي الألْبَابِ} وَهِيَ: الْعُقُولُ الصَّحِيحَةُ السَّلِيمَةُ.

وَقَوْلُهُ: {فَاصْبِرْ} أَيْ: يَا مُحَمَّدُ، {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ} أَيْ: وَعَدْنَاكَ أَنَّا سَنُعْلِي كَلِمَتَكَ، وَنَجْعَلُ الْعَاقِبَةَ لَكَ وَلِمَنِ اتَّبَعَكَ، وَاللَّهُ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ. وَهَذَا الَّذِي أَخْبَرْنَاكَ بِهِ حَقٌّ لَا مِرْيَةَ فِيهِ وَلَا شَكَّ.

وَقَوْلُهُ: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} هَذَا تَهْيِيجٌ لِلْأُمَّةِ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ، {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ} أَيْ: فِي أَوَاخِرِ النَّهَارِ وَأَوَائِلِ اللَّيْلِ، {وَالإبْكَارِ} وَهِيَ أَوَائِلُ النَّهَارِ وَأَوَاخِرُ اللَّيْلِ.

وَقَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ} أَيْ: يَدْفَعُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ، وَيَرُدُّونَ الْحُجَجَ الصَّحِيحَةَ بِالشُّبَهِ الْفَاسِدَةِ بِلَا بُرْهَانٍ وَلَا حُجَّةٍ مِنَ اللَّهِ، {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ}

(1) زيادة من أ.

(2)

زيادة من ت، وفي أ:"عليهم".

(3)

في ت: "جزائر".

(4)

في ت: "يوم".

(5)

في ت: "وأورثنا بني إسرائيل".

ص: 151