الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْ: مَهْمَا طَلَبُوا وَجَدُوا وَحَضَرَ كَمَا أَرَادُوا. {وَشَرَابٍ} أَيْ: مِنْ أَيِّ أَنْوَاعِهِ شَاءُوا أَتَتْهُمْ بِهِ الْخُدَّامُ {بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} [الْوَاقِعَةِ: 18]
{وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} أَيْ: عَنْ غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ فَلَا يَلْتَفِتْنَ إِلَى غَيْرِ بُعُولَتِهِنَّ {أَتْرَابٌ} أَيْ: مُتَسَاوِيَاتٌ فِي السِّنِّ وَالْعُمُرِ. هَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَالسُّدِّيِّ.
{هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ} أَيْ: هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ صِفَةِ الْجَنَّةِ الَّتِي (1) وَعَدَهَا لِعِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ الَّتِي (2) يَصِيرُونَ إِلَيْهَا بَعْدَ نُشُورِهِمْ وَقِيَامِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ وَسَلَامَتِهِمْ مِنَ النَّارِ.
ثُمَّ أَخْبَرَ عَنِ الْجَنَّةِ أَنَّهُ لَا فَرَاغَ لَهَا وَلَا انْقِضَاءَ وَلَا زَوَالَ وَلَا انْتِهَاءَ فَقَالَ: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النَّحْلِ: 96] وَكَقَوْلِهِ {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هُودٍ: 108] وَكَقَوْلِهِ {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [فُصِّلَتْ: 8] أَيْ: غَيْرُ مَقْطُوعٍ وَكَقَوْلِهِ: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ} [الرَّعْدِ: 35] وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا.
{هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ
(55)
جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58) هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ (59) قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60) قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (61) }
(1) في ت، س، أ:"الجنة هي التي".
(2)
في أ: "الذين".
{وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَارِ
(62)
أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأبْصَارُ (63) إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64) }
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَآلَ السُّعَدَاءِ ثَنّى بِذِكْرِ حَالِ الْأَشْقِيَاءِ وَمَرْجِعِهِمْ وَمَآبِهِمْ فِي دَارِ مَعَادِهِمْ وَحِسَابِهِمْ فَقَالَ: {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ} وَهُمُ: الْخَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ الْمُخَالِفُونَ لِرُسُلِ اللَّهِ {لَشَرَّ مَآبٍ} أَيْ: لَسُوءَ مُنْقَلَبٍ وَمَرْجِعٍ. ثُمَّ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: {جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا} أَيْ: يَدْخُلُونَهَا فَتَغْمُرُهُمْ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِمْ {فَبِئْسَ الْمِهَادُ. هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} أَمَّا الْحَمِيمُ فَهُوَ: الْحَارُّ الَّذِي قَدِ انْتَهَى حَرُّهُ وَأَمَّا الغَسَّاق فَهُوَ: ضِدُّهُ، وَهُوَ الْبَارِدُ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ مِنْ شِدَّةِ بَرْدِهِ الْمُؤْلِمِ وَلِهَذَا قَالَ:{وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} أَيْ: وَأَشْيَاءُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، الشَّيْءُ وَضِدُّهُ يُعَاقَبُونَ بِهَا.
قَالَ (1) الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعة حَدَّثَنَا دَرّاج عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ (2) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ (3) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "لَوْ أَنَّ دَلْوًا مِنْ غَسَّاق يُهَرَاقُ فِي الدُّنْيَا لأنتن أهل الدنيا"(4)
(1) في ت: "روى".
(2)
في ت: "بسنده".
(3)
في أ: "سعيد رضي الله عنه".
(4)
المسند (3/28) .