المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَالْأَحْ‌ ‌قَ افُ، وَالْقِتَالُ، وَالْفَتْحُ، وَالْحُجُرَاتُ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْحِزْبُ الْمُفَصَّلُ كَمَا - تفسير ابن كثير - ت السلامة - جـ ٧

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ الصَّافَّاتِ

- ‌(1)

- ‌ 6]

- ‌(11)

- ‌(20)

- ‌(25)

- ‌(27)

- ‌(38)

- ‌(50)

- ‌(52)

- ‌(62)

- ‌(71)

- ‌(77)

- ‌(83)

- ‌(88)

- ‌(99)

- ‌(103)

- ‌(114)

- ‌(127)

- ‌(133)

- ‌(149)

- ‌(154)

- ‌(161)

- ‌(171)

- ‌(180)

- ‌ ص

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(12)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(26) }

- ‌(27)

- ‌(30)

- ‌(34)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(45)

- ‌(49)

- ‌(55)

- ‌(62)

- ‌(65)

- ‌(71)

- ‌(84)

- ‌(86)

- ‌ الزُّمَرِ

- ‌(1)

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(9) }

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(13)

- ‌(19)

- ‌(21) }

- ‌(22) }

- ‌(23) }

- ‌(24)

- ‌(27)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(46)

- ‌(48) }

- ‌(49)

- ‌(53)

- ‌(57)

- ‌(60)

- ‌(67) }

- ‌(68)

- ‌(71)

- ‌(73)

- ‌(75) }

- ‌(1)

- ‌ غَافِرِ

- ‌(4)

- ‌(7) }

- ‌(8)

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(17) }

- ‌(18)

- ‌(21)

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(30)

- ‌(34)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(47)

- ‌(50) }

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(59) }

- ‌(60) }

- ‌(61)

- ‌(66) }

- ‌(67)

- ‌(69)

- ‌(77) }

- ‌(78) }

- ‌(79)

- ‌ فُصِّلَتْ

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(9)

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(19)

- ‌(21)

- ‌(25)

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌(37)

- ‌(39) }

- ‌(40)

- ‌(44)

- ‌(46) }

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌ الشُّورَى

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(13)

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(19)

- ‌(23)

- ‌(25)

- ‌(29)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(40)

- ‌(44) }

- ‌(45)

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(51) }

- ‌(52)

- ‌ الزُّخْرُفِ

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(15)

- ‌(21)

- ‌(23)

- ‌(26)

- ‌(34)

- ‌(36)

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(60) }

- ‌(66)

- ‌(74)

- ‌(81)

- ‌ الدُّخَانِ

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(17)

- ‌(19)

- ‌(34)

- ‌(38)

- ‌(40)

- ‌(51)

- ‌ الْجَاثِيَةِ

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(21)

- ‌(23) }

- ‌(24)

- ‌ 27]

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌ الْأَحْقَافِ

- ‌(1)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(26)

- ‌(29)

- ‌(33)

- ‌(1)

- ‌ مُحَمَّدٍ

- ‌(4)

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(20)

- ‌(24)

- ‌(29) }

- ‌(30)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌ الْفَتْحِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌8

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(18)

- ‌(20)

- ‌(24) }

- ‌(25)

- ‌(27)

- ‌(29) }

- ‌ الْحُجُرَاتِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(5) }

- ‌(6)

- ‌(9)

- ‌(11) }

- ‌(12) }

- ‌(13) }

- ‌(14)

- ‌قَ

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(23)

- ‌(30)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌ الذَّارِيَاتِ

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(15)

- ‌(24)

- ‌(31)

- ‌(38)

- ‌(47)

- ‌(52)

- ‌ الطُّورِ

- ‌(1)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(29)

- ‌(32)

- ‌(35)

- ‌(44)

- ‌ النَّجْمِ

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(19)

- ‌(27)

- ‌(33)

- ‌(42)

- ‌(45)

- ‌(56)

- ‌ الْقَمَرِ

- ‌(1)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(18)

- ‌(23)

- ‌(28)

- ‌(33)

- ‌(41)

- ‌(47)

- ‌(50)

- ‌ الرَّحْمَنِ

- ‌(1)

- ‌(14)

- ‌(17)

- ‌(26)

- ‌(31)

- ‌(37)

- ‌(41)

- ‌(46)

- ‌(54)

- ‌(62)

- ‌(68)

- ‌(1)

- ‌الْوَاقِعَةَ

- ‌ 13

- ‌(17)

- ‌(27)

- ‌(41)

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(63)

- ‌(75)

- ‌(77)

- ‌(83)

- ‌(88)

- ‌ الْحَدِيدِ

- ‌(1)

الفصل: وَالْأَحْ‌ ‌قَ افُ، وَالْقِتَالُ، وَالْفَتْحُ، وَالْحُجُرَاتُ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْحِزْبُ الْمُفَصَّلُ كَمَا

وَالْأَحْ‌

‌قَ

افُ، وَالْقِتَالُ، وَالْفَتْحُ، وَالْحُجُرَاتُ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْحِزْبُ الْمُفَصَّلُ كَمَا قَالَهُ الصَّحَابَةُ، رضي الله عنهم. فَتَعَيَّنَ أَنَّ أَوَّلَهُ سُورَةُ "ق" وَهُوَ الَّذِي قُلْنَاهُ ‌

(1)

، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ ضَمْرة بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيد اللَّهِ (2) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقرأ فِي الْعِيدِ؟ قَالَ: بِقَافٍ، وَاقْتَرَبَتْ.

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، بِهِ (3) . وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ فُلَيْحٍ (4) عَنْ ضَمْرَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ (5)، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ قَالَ: سَأَلَنِي عُمَرُ، فَذَكَرَهُ (6) .

حَدِيثٌ آخَرُ: وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ (7) بْنِ زُرَارة، عَنْ أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ قَالَتْ: لَقَدْ كَانَ تَنُّورنا وَتَنُّورُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاحِدًا سَنَتَيْنِ، أَوْ سَنَةً وَبَعْضَ سَنَةٍ، وَمَا أَخَذْتُ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} إِلَّا عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَقْرَؤُهَا كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ إِذَا خَطَبَ النَّاسَ.

رَوَاهُ مُسْلِمٌ [أَيْضًا](8) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ، بِهِ (9) .

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عن خُبَيْبٍ (10) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْنٍ، عَنِ ابْنَةِ الْحَارِثِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَتْ: مَا حَفِظْتُ "ق" إِلَّا مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَخْطُبُ بِهَا كُلَّ جُمُعَةٍ. قَالَتْ: وَكَانَ تَنُّورُنَا وَتَنُّورُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاحِدًا.

وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، بِهِ (11) .

وَالْقَصْدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ بِهَذِهِ السُّورَةِ فِي الْمَجَامِعِ الْكِبَارِ، كَالْعِيدِ وَالْجُمَعِ، لِاشْتِمَالِهَا عَلَى ابْتِدَاءِ الْخَلْقِ وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَالْمَعَادِ وَالْقِيَامِ، وَالْحِسَابِ، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ.

{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (5) }

(1) في أ: "قدمناه".

(2)

في م: "عبد الله".

(3)

المسند (5/217) وصحيح مسلم برقم (891) ، وسنن أبي داود برقم (1154) وسنن الترمذي برقم (534) وسنن النسائي (3/183) وسنن ابن ماجه برقم (1282) .

(4)

في م، أ:"مالك".

(5)

في م: "عبد الله".

(6)

صحيح مسلم برقم (891) .

(7)

في م، أ:"أسعد".

(8)

زيادة من م.

(9)

المسند (6/435) وصحيح مسلم برقم (873) .

(10)

في م، أ:"حبيب".

(11)

سنن أبي داود برقم (1100) وصحيح مسلم برقم (873) وسنن النسائي (2/157) لكنه ليس من هذا الطريق.

ص: 393

{ق} : حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْهِجَاءِ الْمَذْكُورَةِ (1) فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ، كَقَوْلِهِ:(ص، ن، الم، حم، طس) وَنَحْوِ ذَلِكَ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ. وَقَدْ أَسْلَفْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا، فِي أَوَّلِ "سُورَةِ الْبَقَرَةِ" بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُمْ قَالُوا {ق} : جَبَلٌ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ الْأَرْضِ، يُقَالُ لَهُ جَبَلُ قَافٍ. وَكَأَنَّ هَذَا -وَاللَّهُ أَعْلَمُ-مِنْ خُرَافَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَخَذَهَا عَنْهُمْ بَعْضُ النَّاسِ، لَمَّا رَأَى مِنْ جَوَازِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ فِيمَا (2) لَا يُصَدَّقُ وَلَا يُكَذَّبُ. وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا وَأَمْثَالَهُ وَأَشْبَاهَهُ مِنَ اخْتِلَاقِ بَعْضِ زَنَادِقَتِهِمْ، يُلَبِّسُونَ بِهِ عَلَى النَّاسِ أَمْرَ دِينِهِمْ، كَمَا افْتُرِيَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ -مَعَ جَلَالَةِ قَدْرِ عُلَمَائِهَا وَحُفَّاظِهَا وَأَئِمَّتِهَا-أَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا بِالْعَهْدِ مِنْ قِدَمٍ، فَكَيْفَ بِأُمَّةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَ طُولِ الْمَدَى، وَقِلَّةِ الْحُفَّاظِ النُّقَّادِ فِيهِمْ، وَشُرْبِهِمُ الْخُمُورَ (3) ، وَتَحْرِيفِ عُلَمَائِهِمُ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَتَبْدِيلِ كُتُبِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ! وَإِنَّمَا أَبَاحَ الشَّارِعُ الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ:"وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَا حَرَجَ" فِيمَا قَدْ يُجَوِّزُهُ الْعَقْلُ، فَأَمَّا فِيمَا تُحيله الْعُقُولُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْبُطْلَانِ، وَيَغْلِبُ عَلَى الظُّنُونِ كَذِبُهُ، فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ أَكْثَرَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، وَكَذَا طَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْخَلَفِ، مِنَ الْحِكَايَةِ عَنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، وَلَيْسَ بِهِمُ احْتِيَاجٌ إِلَى أَخْبَارِهِمْ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، حَتَّى إِنَّ الْإِمَامَ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، رحمه الله، أَوْرَدَ هَاهُنَا أَثَرًا غَرِيبًا لَا يَصِحُّ سَنَدُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ:

حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيِّ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ هَذِهِ الْأَرْضِ بَحْرًا مُحِيطًا، ثُمَّ خَلَقَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ جَبَلًا يُقَالُ لَهُ "ق" السَّمَاءُ الدُّنْيَا مَرْفُوعَةٌ عَلَيْهِ. ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ الْجَبَلِ أَرْضًا مِثْلَ تِلْكَ الْأَرْضِ سَبْعَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ خَلَقَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ بَحْرًا مُحِيطًا بِهَا، ثُمَّ خَلَقَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ جَبَلًا يُقَالُ لَهُ "ق" السَّمَاءُ الثَّانِيَةُ مَرْفُوعَةٌ عَلَيْهِ، حَتَّى عَدَّ سَبْعَ أَرْضِينَ، وَسَبْعَةَ أَبْحُرٍ، وَسَبْعَةَ أجبل، وسبع سموات. قَالَ: وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} [لُقْمَانَ: 27] .

فَإِسْنَادُ هَذَا الْأَثَرِ فِيهِ انْقِطَاعٌ، وَالَّذِي رَوَاهُ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{ق} قَالَ: هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، عز وجل.

وَالَّذِي ثَبَتَ عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّهُ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْهِجَاءِ، كَقَوْلِهِ:(ص، ن، حم، طس، الم) وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذِهِ تُبْعِد مَا تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَقِيلَ: الْمُرَادُ "قضِي الْأَمْرُ واللهِ"، وَأَنَّ قَوْلَهُ:{ق} دَلَّتْ عَلَى الْمَحْذُوفِ مِنْ بقية الكلم (4) كقول

(1) في م: "الذي تقدم ذكرها".

(2)

في م: "مما".

(3)

في أ: "الخمر".

(4)

في م، أ:"الكلمة".

ص: 394

الشاعر: قلت لها: قفي فقلت: قَافْ

وَفِي هَذَا التَّفْسِيرِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْحَذْفَ فِي الْكَلَامِ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَيْهِ، وَمِنْ أَيْنَ يُفْهَمُ هَذَا مِنْ ذِكْرِ هَذَا الْحَرْفِ؟.

وَقَوْلُهُ: {وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} أَيِ: الْكَرِيمُ الْعَظِيمُ الذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ.

وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَابِ الْقَسَمِ مَا هُوَ؟ فَحَكَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بَعْضِ النُّحَاةِ أَنَّهُ قوله: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ}

وَفِي هَذَا نَظَرٌ، بَلِ الْجَوَابُ هُوَ مَضْمُونُ الْكَلَامِ بَعْدَ الْقَسَمِ، وَهُوَ إِثْبَاتُ النُّبُوَّةِ، وَإِثْبَاتُ الْمَعَادِ، وَتَقْرِيرُهُ وَتَحْقِيقُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْقَسَمُ مُتَلَقًّى لَفْظًا، وَهَذَا كَثِيرٌ فِي أَقْسَامِ الْقُرْآنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ:{ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} [ص: 1، 2]، وَهَكَذَا قَالَ هَاهُنَا:{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ} أَيْ: تَعَجَّبُوا مِنْ إِرْسَالِ رَسُولٍ إِلَيْهِمْ مِنَ الْبَشَرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ} [يُونُسَ: 2] أَيْ: وَلَيْسَ هَذَا بِعَجِيبٍ؛ فَإِنَّ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ.

ثُمَّ قَالَ مُخْبِرًا عَنْهُمْ فِي عَجَبِهِمْ أَيْضًا مِنَ الْمَعَادِ وَاسْتِبْعَادِهِمْ لِوُقُوعِهِ: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} أَيْ: يَقُولُونَ: أَإِذَا مِتْنَا وَبَلِينَا، وَتَقَطَّعَتِ الْأَوْصَالُ مِنَّا، وَصِرْنَا تُرَابًا، كَيْفَ يُمْكِنُ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى هَذِهِ الْبِنْيَةِ وَالتَّرْكِيبِ؟ {ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} أَيْ: بَعِيدُ الْوُقُوعِ، وَمَعْنَى هَذَا: أَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ اسْتِحَالَتَهُ وَعَدَمَ إِمْكَانِهِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى رَادًّا عَلَيْهِمْ: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ} أَيْ: مَا تَأْكُلُ مِنْ أَجْسَادِهِمْ فِي الْبِلَى، نَعْلَمُ ذَلِكَ وَلَا يَخْفَى عَلَيْنَا أَيْنَ تَفَرَّقَتِ الْأَبْدَانُ؟ وَأَيْنَ ذَهَبَتْ؟ وَإِلَى أَيْنَ صَارَتْ؟ {وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} أَيْ: حَافِظٌ لِذَلِكَ، فَالْعِلْمُ شَامِلٌ، وَالْكِتَابُ أَيْضًا فِيهِ كُلُّ الْأَشْيَاءِ مَضْبُوطَةٌ.

قَالَ العوْفِي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ} أَيْ: مَا تَأْكُلُ مِنْ لُحُومِهِمْ وَأَبْشَارِهِمْ، وَعِظَامِهِمْ وَأَشْعَارِهِمْ. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وقَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَغَيْرُهُمْ.

ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى سَبَبَ كُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ وَاسْتِبْعَادِهِمْ مَا لَيْسَ بِبَعِيدٍ فَقَالَ: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} أَيْ: وَهَذَا حَالُ كُلِّ مَنْ خَرَجَ عَنِ الْحَقِّ، مَهْمَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ. وَالْمَرِيجُ: الْمُخْتَلِفُ الْمُضْطَرِبُ الْمُلْتَبِسُ الْمُنْكَرُ خِلَالَهُ، كَقَوْلِهِ:{إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} [الذَّارِيَاتِ: 8، 9] .

ص: 395