الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَفْسِيرُ سُورَةِ
فُصِّلَتْ
(1)
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ.
بسم الله الرحمن الرحيم
يَقُولُ تَعَالَى: {حم تَنزيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يَعْنِي: الْقُرْآنُ مُنَزَّلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{قُلْ نزلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} [النَّحْلِ: 102]، وَقَوْلِهِ:{وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} [الشُّعَرَاءِ: 192 -194] .
وَقَوْلُهُ: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} أَيْ: بُينت مَعَانِيهِ وَأُحْكِمَتْ أَحْكَامُهُ (2)، {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} أَيْ: فِي حَالِ كَوْنِهِ لَفْظًا عَرَبِيًّا، بَيِّنًا وَاضِحًا، فَمَعَانِيهِ مُفَصَّلَةٌ، وَأَلْفَاظُهُ وَاضِحَةٌ غَيْرُ مُشْكِلَةٍ، كَقَوْلِهِ:{كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هُودٍ: 1] أَيْ: هُوَ مُعْجِزٌ مِنْ حَيْثُ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ، {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فُصِّلَتْ: 42] .
وَقَوْلُهُ: {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} أَيْ: إِنَّمَا يَعْرِفُ هَذَا الْبَيَانَ وَالْوُضُوحَ العلماءُ الرَّاسِخُونَ، {بَشِيرًا وَنَذِيرًا} أَيْ: تَارَةً يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَارَةً يُنْذِرُ الْكَافِرِينَ، {فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} أَيْ: أَكْثَرُ قُرَيْشٍ، فَهُمْ لَا يَفْهَمُونَ مِنْهُ شَيْئًا مَعَ بَيَانِهِ وَوُضُوحِهِ.
{وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ} أَيْ: فِي غُلْفٍ مُغَطَّاةٍ {مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ} أَيْ: صَمَمٌ عَمَّا جِئْتَنَا بِهِ، {وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} فَلَا يَصِلُ إِلَيْنَا شَيْءٌ مِمَّا تَقُولُ، {فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ} أَيِ: اعْمَلْ أَنْتَ عَلَى طَرِيقَتِكَ، وَنَحْنُ عَلَى طَرِيقَتِنَا لَا نُتَابِعُكَ.
قَالَ الْإِمَامُ العَلَم عَبْدُ بْنُ حُمَيد فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِر عَنِ الْأَجْلَحِ، عَنِ الذَّيَّال بْنِ حَرْمَلة الْأَسَدِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنه، قَالَ: اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ يَوْمًا فَقَالُوا: انْظُرُوا أعْلَمكم بِالسِّحْرِ وَالْكِهَانَةِ وَالشِّعْرِ، فَلْيَأْتِ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي قَدْ فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، وَشَتَّتَ أَمْرَنَا، وَعَابَ دِينَنَا، فَلْيُكَلِّمْهُ وَلْنَنْظُرْ مَاذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ؟ فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُ أَحَدًا غَيْرَ عتبة ابن رَبِيعَةَ. فَقَالُوا: أَنْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ. فَأَتَاهُ عُتْبَةُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ عَبْدُ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: فَإِنْ كُنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ هَؤُلَاءِ خَيْرٌ مِنْكَ، فَقَدْ عَبَدُوا الْآلِهَةَ الَّتِي عِبْتَ، وَإِنْ كُنْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ خَيْرٌ مِنْهُمْ فَتَكَلَّمْ حتى نسمع
(1) في س: "تفسير حم السجدة".
(2)
في أ: "آياته".