الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُجَاهِدٌ: شَبِيهَةٌ بِالْهَرْوَلَةِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يُسَفَّهُونَ.
{وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأوَّلِينَ
(71)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (72) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (74) }
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ كَانُوا ضَالِّينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى. وَذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ أَرْسَلَ فِيهِمْ مُنْذِرِينَ، يُنْذِرُونَ بَأْسَ اللَّهِ، وَيُحَذِّرُونَهُمْ سَطْوَتَهُ وَنِقْمَتَهُ، مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ وَعَبَدَ غَيْرَهُ، وَأَنَّهُمْ تَمَادَوْا عَلَى مُخَالَفَةِ رُسُلِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ. فَأَهْلَكَ الْمُكَذِّبِينَ وَدَمَّرَهُمْ، وَنَجَّى الْمُؤْمِنِينَ وَنَصَرَهُمْ وَظَفَّرَهُمْ، وَلِهَذَا قَالَ:{فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ. إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ}
{وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ
(77)
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ (78) سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (80) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (81) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ (82) }
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى عَنْ أَكْثَرِ الْأَوَّلِينَ أَنَّهُمْ ضَلُّوا عَنْ سَبِيلِ النَّجَاةِ، شَرَعَ يُبَيِّنُ ذَلِكَ مُفَصَّلًا فَذَكَرَ نُوحًا، عليه السلام، وَمَا لَقِيَ مِنْ قَوْمِهِ مِنَ التَّكْذِيبِ، وَأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَنْ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ، [فَإِنَّهُ](1) لَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ تَكْذِيبُهُمْ، وَكُلَّمَا دَعَاهُمُ ازْدَادُوا نُفْرَةً، فَدَعَى رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ، فَغَضِبَ اللَّهُ لِغَضَبِهِ عَلَيْهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ:{وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ} أَيْ: فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (2) لَهُ. {وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} ، وَهُوَ التَّكْذِيبُ وَالْأَذَى، {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَمْ تَبْقَ إِلَّا ذُرِّيَّةُ نُوحٍ عليه السلام.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ:{وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} قَالَ: النَّاسُ كُلُّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ [عليه السلام](3) .
وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سُمْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ:{وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} قَالَ: "سَامٌ، وَحَامٌ وَيَافِثُ".
وَقَالَ (4) الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ؛ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ (5) صلى الله عليه وسلم قَالَ:"سَامٌ أَبُو الْعَرَبِ، وَحَامٌ أَبُو الْحَبَشِ، وَيَافِثُ أَبُو الرُّومِ".
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ بِشْرِ بْنِ مُعَاذٍ الْعَقَدِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ سعيد -وهو ابن أبي عروبة-
(1) زيادة من ت.
(2)
في ت، أ:"المجيبون كنا له".
(3)
زيادة من ت، أ.
(4)
في ت: "وروى".
(5)
في ت: "النبي"