الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعِبَادَةُ إِلَّا لَهُ وَحْدَهُ، {فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} أَيْ: فَكَيْفَ تَعْبُدُونَ مَعَهُ غَيْرَهُ؟ أَيْنَ يُذْهَبُ بِعُقُولِكُمْ؟! .
{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
(7)
وَإِذَا مَسَّ الإنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8) }
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ نَفْسِهِ تَعَالَى: أَنَّهُ (1) الْغَنِيُّ عَمَّا سِوَاهُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، كَمَا قَالَ مُوسَى:{إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} [إِبْرَاهِيمَ:8] .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: "يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا"(2) .
وَقَوْلُهُ {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} أَيْ: لَا يُحِبُّهُ وَلَا يَأْمُرُ بِهِ، {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} أَيْ: يُحِبُّهُ مِنْكُمْ وَيَزِدْكُمْ (3) مِنْ فَضْلِهِ.
{وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} أَيْ: لَا تَحْمِلُ نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا، بَلْ كُلٌّ مُطَالَبٌ بِأَمْرِ نَفْسِهِ، {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} أَيْ: فَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ.
وَقَوْلُهُ: {وَإِذَا مَسَّ الإنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ} أَيْ: عِنْدَ الْحَاجَةِ يَضْرَعُ وَيَسْتَغِيثُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإنْسَانُ كَفُورًا} [الْإِسْرَاءِ:67] . وَلِهَذَا قَالَ: {ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ} أَيْ: فِي حَالِ الرَّفَاهِيَةِ يَنْسَى ذَلِكَ الدُّعَاءَ وَالتَّضَرُّعَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَإِذَا مَسَّ الإنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ} [يُونُسَ:12] .
{وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} أَيْ: فِي حَالِ الْعَافِيَةِ يُشْرِكُ بِاللَّهِ، وَيَجْعَلُ لَهُ (4) أَنْدَادًا. {قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} أَيْ: قُلْ لِمَنْ هَذِهِ حَالُهُ وَطَرِيقَتُهُ وَمَسْلَكُهُ: تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا. وَهَذَا تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ وَوَعِيدٌ أَكِيدٌ، كَقَوْلِهِ:{قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ} [إِبْرَاهِيمَ:30]، وَقَوْلُهُ:{نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ} [لقمان:24] .
(1) في ت، أ:"بأنه".
(2)
صحيح مسلم برقم (2577) مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه.
(3)
في أ: "ويزيدكم".
(4)
في: "لله".