المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بِطُولِهِ. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْيَمَانِ: كَانَ أَبُو فَاطِمَةَ هَذَا مَوْلًى - تفسير ابن كثير - ت السلامة - جـ ٧

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ الصَّافَّاتِ

- ‌(1)

- ‌ 6]

- ‌(11)

- ‌(20)

- ‌(25)

- ‌(27)

- ‌(38)

- ‌(50)

- ‌(52)

- ‌(62)

- ‌(71)

- ‌(77)

- ‌(83)

- ‌(88)

- ‌(99)

- ‌(103)

- ‌(114)

- ‌(127)

- ‌(133)

- ‌(149)

- ‌(154)

- ‌(161)

- ‌(171)

- ‌(180)

- ‌ ص

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(12)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(26) }

- ‌(27)

- ‌(30)

- ‌(34)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(45)

- ‌(49)

- ‌(55)

- ‌(62)

- ‌(65)

- ‌(71)

- ‌(84)

- ‌(86)

- ‌ الزُّمَرِ

- ‌(1)

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(9) }

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(13)

- ‌(19)

- ‌(21) }

- ‌(22) }

- ‌(23) }

- ‌(24)

- ‌(27)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(46)

- ‌(48) }

- ‌(49)

- ‌(53)

- ‌(57)

- ‌(60)

- ‌(67) }

- ‌(68)

- ‌(71)

- ‌(73)

- ‌(75) }

- ‌(1)

- ‌ غَافِرِ

- ‌(4)

- ‌(7) }

- ‌(8)

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(17) }

- ‌(18)

- ‌(21)

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(30)

- ‌(34)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(47)

- ‌(50) }

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(59) }

- ‌(60) }

- ‌(61)

- ‌(66) }

- ‌(67)

- ‌(69)

- ‌(77) }

- ‌(78) }

- ‌(79)

- ‌ فُصِّلَتْ

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(9)

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(19)

- ‌(21)

- ‌(25)

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌(37)

- ‌(39) }

- ‌(40)

- ‌(44)

- ‌(46) }

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌ الشُّورَى

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(13)

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(19)

- ‌(23)

- ‌(25)

- ‌(29)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(40)

- ‌(44) }

- ‌(45)

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(51) }

- ‌(52)

- ‌ الزُّخْرُفِ

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(15)

- ‌(21)

- ‌(23)

- ‌(26)

- ‌(34)

- ‌(36)

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(60) }

- ‌(66)

- ‌(74)

- ‌(81)

- ‌ الدُّخَانِ

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(17)

- ‌(19)

- ‌(34)

- ‌(38)

- ‌(40)

- ‌(51)

- ‌ الْجَاثِيَةِ

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(21)

- ‌(23) }

- ‌(24)

- ‌ 27]

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌ الْأَحْقَافِ

- ‌(1)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(26)

- ‌(29)

- ‌(33)

- ‌(1)

- ‌ مُحَمَّدٍ

- ‌(4)

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(20)

- ‌(24)

- ‌(29) }

- ‌(30)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌ الْفَتْحِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌8

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(18)

- ‌(20)

- ‌(24) }

- ‌(25)

- ‌(27)

- ‌(29) }

- ‌ الْحُجُرَاتِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(5) }

- ‌(6)

- ‌(9)

- ‌(11) }

- ‌(12) }

- ‌(13) }

- ‌(14)

- ‌قَ

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(23)

- ‌(30)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌ الذَّارِيَاتِ

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(15)

- ‌(24)

- ‌(31)

- ‌(38)

- ‌(47)

- ‌(52)

- ‌ الطُّورِ

- ‌(1)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(29)

- ‌(32)

- ‌(35)

- ‌(44)

- ‌ النَّجْمِ

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(19)

- ‌(27)

- ‌(33)

- ‌(42)

- ‌(45)

- ‌(56)

- ‌ الْقَمَرِ

- ‌(1)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(18)

- ‌(23)

- ‌(28)

- ‌(33)

- ‌(41)

- ‌(47)

- ‌(50)

- ‌ الرَّحْمَنِ

- ‌(1)

- ‌(14)

- ‌(17)

- ‌(26)

- ‌(31)

- ‌(37)

- ‌(41)

- ‌(46)

- ‌(54)

- ‌(62)

- ‌(68)

- ‌(1)

- ‌الْوَاقِعَةَ

- ‌ 13

- ‌(17)

- ‌(27)

- ‌(41)

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(63)

- ‌(75)

- ‌(77)

- ‌(83)

- ‌(88)

- ‌ الْحَدِيدِ

- ‌(1)

الفصل: بِطُولِهِ. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْيَمَانِ: كَانَ أَبُو فَاطِمَةَ هَذَا مَوْلًى

بِطُولِهِ. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْيَمَانِ: كَانَ أَبُو فَاطِمَةَ هَذَا مَوْلًى لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ‌

(1)

.

وَقَالَ [الْإِمَامُ](2) أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاك بْنِ حَرْبٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَة يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كَنَحْوٍ مِنْ صَلَاتِكُمُ الَّتِي تُصَلُّونَ الْيَوْمَ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يُخَفِّفُ. كَانَتْ صَلَاتُهُ أَخَفَّ مِنْ صَلَاتِكُمْ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ "‌

‌الْوَاقِعَةَ

" وَنَحْوَهَا مِنَ السُّوَرِ (3) .

بسم الله الرحمن الرحيم

{إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) } .

الْوَاقِعَةُ: مِنْ أَسْمَاءِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَحَقُّقِ كَوْنِهَا وَوُجُودِهَا، كَمَا قَالَ:{فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} [الْحَاقَّةِ: 15]

وَقَوْلُهُ: {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} أَيْ: لَيْسَ لِوُقُوعِهَا إِذَا أَرَادَ اللَّهُ كَوْنَهَا صَارِفٌ يَصْرِفُهَا، وَلَا دَافِعٌ يَدْفَعُهَا، كَمَا قَالَ:{اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ} [الشُّورَى:47]، وَقَالَ:{سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ. لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ} [الْمَعَارِجِ:1، 2]، وَقَالَ تَعَالَى:{وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الْأَنْعَامِ: 73] .

وَمَعْنَى {كَاذِبَة} -كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ-: لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: لَيْسَ فِيهَا مثنوية ولا

(1) تاريخ دمشق (ق 294)"مصورة معهد المخطوطات" وكذا رواه حجاج بن المنهال عن السري بن يحيى فقال: عن أبي فاطمة: أخرجه البيهقي في شعب الإيمان برقم (2498) وقد أعمل الزيلعي رحمه الله هذا الحديث بأربع علل تلاجح بعدها ضعفه: الأولى: الانقطاع كما ذكره الدارقطني وابن أبي حاتم في علله نقلا عن أبيه. الثانية: نكارة متنه قاله الإمام أحمد. الثالثة: ضعف رواته: السري بن يحيى وشجاع كما ذكره ابن الجوزي. الرابعة: الاضطراب فمنهم من يقول: أبو طيبة بالطاء المهملة ومنهم من يقول: أبو ظبية بالظاء المعجمة. ومنهم من يقول: أبو فاطمة ومنهم من يقول: شجاع ومنهم من يقول: أبو شجاع وقد اجتمع على ضعفه: الإمام أحمد وأبو حاتم وابنه والدارقطني والبيهقي وابن الجوزي تلويحا وتصريحا والله أعلم.

(2)

زيادة من م.

(3)

المسند (5/104) .

ص: 513

ارْتِدَادٌ وَلَا رَجْعَةٌ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَالْكَاذِبَةُ: مَصْدَرٌ كَالْعَاقِبَةِ وَالْعَافِيَةِ.

وَقَوْلُهُ: {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} أَيْ: تَحْفُضُ (1) أَقْوَامًا إِلَى أَسْفَلِ سَافِلِينَ إِلَى الْجَحِيمِ، وَإِنْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا أَعِزَّاءَ. وَتَرْفَعُ آخَرِينَ إِلَى أَعْلَى عِلِّيِّينَ، إِلَى النَّعِيمِ الْمُقِيمِ، وَإِنْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا وُضَعَاءَ. وَهَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمَا.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُصْعَبٍ الْمَعْنَى، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ، عَنِ أَبِيهِ، عَنْ سِمَاك، عَنْ عِكْرِمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} تَخْفِضُ أُنَاسًا وَتَرْفَعُ آخَرِينَ.

وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ (2) الْعَتَكِيُّ، عَنْ عثمان بن سراقة، ابن خالة عمر بن الْخَطَّابِ:{خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} [قَالَ (3) ] : السَّاعَةُ خَفَضَتْ أَعْدَاءَ اللَّهِ إِلَى النَّارِ، وَرَفَعَتْ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ إِلَى الْجَنَّةِ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: تَخْفِضُ رِجَالًا كَانُوا فِي الدُّنْيَا مُرْتَفِعِينَ، وَتَرْفَعُ رِجَالًا كَانُوا فِي الدُّنْيَا مَخْفُوضِينَ.

وَقَالَ السُّدِّيّ: خَفَضَتِ الْمُتَكَبِّرِينَ، وَرَفَعَتِ الْمُتَوَاضِعِينَ.

وَقَالَ العَوْفِيّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} أَسْمَعَتِ الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: خَفَضَتْ فَأَسْمَعَتِ الْأَدْنَى، وَرَفَعَتْ فَأَسْمَعَتِ الْأَقْصَى. وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ.

وَقَوْلُهُ: {إِذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا} أَيْ: حُرِّكَتْ تَحْرِيكًا فَاهْتَزَّتْ وَاضْطَرَبَتْ بِطُولِهَا وَعَرْضِهَا. وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ فِي قَوْلِهِ:{إِذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا} أَيْ: زُلْزِلَتْ زِلْزَالًا [شَدِيدًا](4) .

وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: تُرَجُّ بِمَا فِيهَا كَرَجِّ الْغِرْبَالِ بِمَا فِيهِ.

وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزَّلْزَلَةِ: 1]، وَقَالَ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الْحَجِّ: 1] .

وَقَوْلُهُ: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} أَيْ: فُتِّتَتْ فَتًّا (5) . قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وعِكْرِمَة، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمْ.

وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: صَارَتِ الْجِبَالُ كَمَا قَالَ [اللَّهُ](6) تَعَالَى: {كَثِيبًا مَهِيلا} [الْمُزَّمِّلِ: 14] .

وَقَوْلُهُ: {فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه:{هَبَاءً مُنْبَثًّا}

(1) في م: "تخفض".

(2)

في أ: "عبد الله".

(3)

زيادة من م.

(4)

زيادة من م.

(5)

في م: "تفتيتا".

(6)

زيادة من أ.

ص: 514

كرهَج الْغُبَارِ يَسْطَعُ ثُمَّ يَذْهَبُ، فَلَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ.

وَقَالَ العَوْفِيّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} : الْهَبَاءُ الَّذِي يَطِيرُ مِنَ النَّارِ، إِذَا اضْطَرَمَتْ (1) يَطِيرُ مِنْهُ الشَّرَرُ، فَإِذَا وَقَعَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الْمُنْبَثُّ: الَّذِي ذَرَّتْهُ الرِّيحُ وَبَثَّتْهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: {هَبَاءً مُنْبَثًّا} كَيَبِيسِ الشَّجَرِ الَّذِي تَذْرُوهُ (2) الرِّيَاحُ.

وَهَذِهِ الْآيَةُ كَأَخَوَاتِهَا الدَّالَةِ عَلَى زَوَالِ الْجِبَالِ عَنْ أَمَاكِنِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَذَهَابِهَا وَتَسْيِيرِهَا وَنَسْفِهَا -أَيْ قَلْعِهَا-وَصَيْرُورَتِهَا كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ.

وَقَوْلُهُ: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً} أَيْ: يَنْقَسِمُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ: قَوْمٌ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، وَهُمُ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ شِقِّ آدَمَ الْأَيْمَنِ، وَيُؤْتَوْنَ كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ، وَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ. قَالَ السُّدِّيّ: وَهُمْ جُمْهُورُ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وَآخَرُونَ عَنْ يَسَارِ الْعَرْشِ، وَهُمُ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ شِقِّ آدَمَ الْأَيْسَرِ، وَيُؤْتَوْنَ كُتُبَهُمْ بِشَمَائِلِهِمْ، وَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، وَهُمْ عَامَّةُ أَهْلِ النَّارِ -عِيَاذًا بِاللَّهِ مِنْ صَنِيعِهِمْ-وَطَائِفَةٌ سَابِقُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُمْ أَخَصُّ وَأَحْظَى وَأَقْرَبُ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ الَّذِينَ هُمْ سَادَتُهُمْ، فِيهِمُ الرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ، وَهُمْ أَقَلُّ عَدَدًا مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ؛ وَلِهَذَا قَالَ:{فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ. وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ. وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} وَهَكَذَا قَسَّمَهُمْ إِلَى هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ فِي آخِرِ السُّورَةِ وَقْتَ احْتِضَارِهِمْ، وَهَكَذَا ذَكَرَهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} الْآيَةَ [فَاطِرٍ:32] ، وَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الظَّالِمِ لِنَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.

قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَابِرٍ الجُعْفِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً} قَالَ: هِيَ الَّتِي فِي سُورَةِ الْمَلَائِكَةِ: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} .

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هَذِهِ الْأَزْوَاجُ الثَّلَاثَةُ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي آخِرِ السُّورَةِ وَفِي سُورَةِ الْمَلَائِكَةِ.

وَقَالَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً} قَالَ: أَصْنَافًا ثَلَاثَةً.

وَقَالَ (3) مُجَاهِدٌ: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً} [قَالَ](4) : يَعْنِي: فِرَقًا ثَلَاثَةً. وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْران: أَفْوَاجًا ثَلَاثَةً. وَقَالَ عُبَيد اللَّهِ (5) العتكي، عن عثمان بن سراقة ابن خالة عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ:{وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً} اثْنَانِ في الجنة، وواحد في النار.

(1) في م: "اضطربت".

(2)

في م: "تذراه".

(3)

في أ: "عن".

(4)

زيادة من م.

(5)

في أ: "عبد الله".

ص: 515

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ سِمَاك، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} [التَّكْوِيرِ: 7] قَالَ: الضُّرَبَاءُ، كُلُّ رَجُلٍ مِنْ قَوْمٍ كَانُوا يَعْمَلُونَ عَمَلَهُ، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ:{وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً. فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ. وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ. وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} قَالَ: هُمُ الضُّرَبَاءُ (1) .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ الْغَنَوِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَلَا (2) هَذِهِ الْآيَةَ:{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ} (3)، {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ} (4) فَقَبَضَ بِيَدِهِ قَبْضَتَيْنِ فَقَالَ:"هَذِهِ لِلْجَنَّةِ (5) وَلَا أُبَالِي، وَهَذِهِ لِلنَّارِ (6) وَلَا أُبَالِي"(7) .

وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَة، حَدَّثَنَا خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أنه قَالَ:"أَتَدْرُونَ مَنِ السَّابِقُونَ إِلَى ظِلِّ يَوْمِ الْقِيَامَةِ؟ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "الَّذِينَ إِذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ، وَإِذَا سُئِلُوهُ بَذَلُوهُ، وَحَكَمُوا لِلنَّاسِ كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ"(8) .

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَأَبُو حَرْزَةَ يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} : هُمُ الْأَنْبِيَاءُ، عليهم السلام. وَقَالَ السُّدِّيّ: هُمْ أَهْلُ عِلِّيِّينَ. وَقَالَ ابْنِ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} ، قَالَ: يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، سَبَقَ إِلَى مُوسَى، وَمُؤْمِنُ آلِ "يس"، سَبَقَ إِلَى عِيسَى، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، سَبَقَ إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الْفَلَّاسُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَدَائِنِيِّ الْبَزَّازِ، عَنْ شُعَيْب بْنِ الضَّحَّاكِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيح بِهِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَذَكَرَ مُحَمَّدُ (9) بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا مِهْرَان، عَنْ خَارِجَةَ، عَنْ قُرَّة، َ عَنِ ابْنِ سِيرين:{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} الَّذِينَ صَلَّوْا لِلْقِبْلَتَيْنِ.

وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ (10) مِنْ حَدِيثِ خَارِجَةَ، بِهِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ وقَتَادَةُ: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} أَيْ: مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ.

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ:{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ. أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} ثُمَّ قَالَ: أَوَّلُهُمْ رَوَاحًا إِلَى الْمَسْجِدِ، وَأَوَّلُهُمْ خُرُوجًا فِي سَبِيلِ الله.

(1) سيأتي تخريج الحديث عند الآية: 7 من سورة التكوير.

(2)

في أ: "قرأ".

(3)

في م، أ:"وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين".

(4)

في م، أ:"وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال".

(5)

في م، أ:"هذه في الجنة".

(6)

في م، أ:"وهذه في النار".

(7)

المسند (5/239) والحسن لم يسمع من معاذ.

(8)

المسند (6/67) .

(9)

في أ: "وذكر عن محمد".

(10)

في أ: "ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير".

ص: 516