الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ (1) السَّهْمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي الْمِقْدَامِ -مَوْلَى آلِ عُثْمَانَ-عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ (2) [رضي الله عنهما] (3) -رَفَعَ الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مِنْ أَحَبِّ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى النَّاسِ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَغْنَى النَّاسِ فَلْيَكُنْ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ أَوْثَقَ [مِنْهُ] (4) بِمَا فِي يَدَيْهِ، وَمِنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ"(5) .
وَقَوْلُهُ: {قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} أَيْ: عَلَى طَرِيقَتِكُمْ، وَهَذَا تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ. . {إِنِّي عَامِلٌ} أَيْ: عَلَى طَرِيقَتِي وَمَنْهَجِي، {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} أَيْ: سَتَعْلَمُونَ غَبَّ ذَلِكَ وَوَبَالِهِ {مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} أَيْ: فِي الدُّنْيَا، {وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ} أَيْ: دَائِمٌ مُسْتَمِرٌّ، لَا مَحِيدَ لَهُ عَنْهُ. وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
(1) في أ: "بكير".
(2)
في ت: "وروى ابن أبي حاتم بإسناده إلى ابن عباس".
(3)
زيادة من ت.
(4)
زيادة من ت، س، أ.
(5)
ورواه أبو نعيم في الحلية (3/218) من طرق عن أبي المقدام به، ورواه ابن عدي في الكامل (5/241) من طريق شيبان عن عيسى ابن ميمون عن محمد بن كعب القرظي به.
{إِنَّا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ
(41)
اللَّهُ يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) } .
يَقُولُ تَعَالَى مُخَاطِبًا رَسُولَهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ} يَعْنِي: الْقُرْآنَ {لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ} أَيْ: لِجَمِيعِ الْخَلْقِ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ لِتُنْذِرَهُمْ بِهِ، {فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ} أَيْ: فَإِنَّمَا يَعُودُ نَفْعُ ذَلِكَ إِلَى نَفْسِهِ، {وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} أَيْ: إِنَّمَا يَرْجِعُ وَبَالُ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ، {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} أَيْ: بِمُوَكَّلٍ أَنْ يَهْتَدُوا، {إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [هُودٍ:12] ، {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [الرَّعْدِ:40] .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ بِأَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِي الْوُجُودِ بِمَا يَشَاءُ، وَأَنَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ الْوَفَاةَ الْكُبْرَى، بِمَا يُرْسِلُ مِنَ الْحَفَظَةِ الَّذِينَ يَقْبِضُونَهَا مِنَ الْأَبْدَانِ، وَالْوَفَاةَ الصُّغْرَى عِنْدَ الْمَنَامِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} [الْأَنْعَامِ:61، 60]، فَذَكَرَ الْوَفَاتَيْنِ: الصُّغْرَى ثُمَّ الْكُبْرَى. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ ذَكَرَ الْكُبْرَى ثُمَّ الصُّغْرَى؛ وَلِهَذَا قَالَ: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهَا تَجْتَمِعُ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى، كَمَا وَرَدَ بِذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ مَنْدَهْ وَغَيْرُهُ. وَفِي صَحِيحَيِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ (1) بْنِ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه،
(1) في أ: "عبد الله".