الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَوْلُهُ: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} : إِخْبَارٌ عَنْ خَدَمهم وحَشَمهم فِي الْجَنَّةِ كَأَنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ الرَّطْبُ، الْمَكْنُونُ فِي حُسْنِهِمْ وَبَهَائِهِمْ (1) وَنَظَافَتِهِمْ وَحُسْنِ مَلَابِسِهِمْ، كَمَا قَالَ {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} [الْوَاقِعَةِ: 17، 18] .
وَقَوْلُهُ: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} أَيْ: أَقْبَلُوا يَتَحَادَثُونَ وَيَتَسَاءَلُونَ عَنْ أَعْمَالِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَهَذَا كَمَا يَتَحَادَثُ أَهْلُ الشَّرَابِ عَلَى شَرَابِهِمْ إِذَا أَخَذَ فِيهِمُ الشَّرَابُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ.
{قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} أَيْ: قَدْ كُنَّا فِي الدَّارِ الدُّنْيَا وَنَحْنُ بَيْنَ أَهْلِنَا خَائِفِينَ مِنْ رَبِّنَا مُشْفِقِينَ مِنْ عَذَابِهِ وَعِقَابِهِ، {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} أَيْ: فَتَصَدَّقَ عَلَيْنَا وَأَجَارَنَا مِمَّا نَخَافُ.
{إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ} أَيْ: نَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ فَاسْتَجَابَ [اللَّهُ](2) لَنَا وَأَعْطَانَا سُؤْلَنَا، {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}
وَقَدْ وَرَدَ فِي هَذَا الْمَقَامِ حَدِيثٌ، رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ فَقَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ دِينَارٍ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ اشْتَاقُوا إِلَى الْإِخْوَانِ، فَيَجِيءُ سَرِيرُ هَذَا حَتَّى يُحَاذِيَ سَرِيرَ هَذَا، فَيَتَحَدَّثَانِ، فَيَتَّكِئُ هَذَا وَيَتَّكِئُ هَذَا، فَيَتَحَدَّثَانِ بِمَا كَانَ فِي الدُّنْيَا، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: يَا فُلَانُ، تَدْرِي أَيَّ يَوْمٍ غَفَرَ اللَّهُ لَنَا؟ يَوْمَ كُنَّا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فَدَعَوْنَا اللَّهَ عز وجل-فَغَفَرَ لَنَا".
ثُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْرِفُهُ يُرْوَى إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ (3) .
قُلْتُ: وَسَعِيدُ بْنُ دِينَارٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ مَجْهُولٌ، وَشَيْخُهُ الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ جِهَةِ حِفْظِهِ، وَهُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ ثِقَةٌ فِي نَفْسِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأوْدِيّ، حَدَّثَنَا وَكيع، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَرَأَتْ هَذِهِ الْآيَةَ:{فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ مُنَّ عَلَيْنَا وَقِنَا عَذَابَ السَّمُومِ، إِنَّكَ أَنْتَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ. قِيلَ لِلْأَعْمَشِ: فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: نَعَمْ (4) .
{فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ
(29)
أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31) }
(1) في م: "وبياضهم".
(2)
زيادة من أ.
(3)
مسند البزار برقم (3553)"كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (10/421) : "رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن دينار والربيع بن صبيح وهما ضعيفان وقد وثقا".
(4)
ورواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي في شعيب الإيمان كما في الدر المنثور للسيوطي (7/634) .
{أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ
(32)
أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34) }