الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ أَبُو مِجْلَز: ليتفقَّدَنّ أقوامٌ حَسَنات كَانَتْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، فَيُقَالُ لَهُمْ:{أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا}
وَقَوْلُهُ: {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} فَجُوزُوا مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِمْ، فَكَمَا نَعَّموا أَنْفُسَهُمْ وَاسْتَكْبَرُوا عَنِ اتِّبَاعِ الْحَقِّ، وَتَعَاطَوُا الْفِسْقَ وَالْمَعَاصِيَ، جَازَاهُمُ اللَّهُ بِعَذَابِ الْهُونِ، وَهُوَ الْإِهَانَةُ وَالْخِزْيُ وَالْآلَامُ الْمُوجِعَةُ، وَالْحَسَرَاتُ الْمُتَتَابِعَةُ وَالْمُنَازِلُ فِي الدَّرَكَاتِ الْمُفْظِعَةِ، أَجَارَنَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.
{وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
(21)
قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) } .
يَقُولُ تَعَالَى مُسَلِّيًا لِنَبِيِّهِ فِي تَكْذِيبِ مَنْ كَذَّبَهُ مِنْ قَوْمِهِ: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ} وَهُوَ هُودٌ، عليه السلام، بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى عَادٍ الْأُولَى، وَكَانُوا يَسْكُنُونَ الْأَحْقَافَ -جَمْعُ حقْف وَهُوَ: الْجَبَلُ مِنَ الرَّمْلِ-قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الْأَحْقَافُ: الْجَبَلُ وَالْغَارُ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنه: الْأَحْقَافُ: وَادٍ بِحَضْرَمَوْتَ، يُدْعَى بُرْهوت، تُلْقَى فِيهِ أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: ذُكر لَنَا أَنَّ عَادًا كَانُوا حَيًّا بِالْيَمَنِ أَهْلَ رَمْلٍ مُشْرِفِينَ عَلَى الْبَحْرِ بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا: الشِّحْر.
قَالَ ابْنُ مَاجَهْ: "بَابُ إِذَا دَعَا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ": حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَرْحَمُنَا اللَّهُ، وَأَخَا عَادٍ"(1) .
وَقَوْلُهُ: {وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} يَعْنِي: وَقَدْ أَرْسَلَ اللَّهُ إِلَى مَنْ حَول بِلَادِهِمْ مِنَ الْقُرَى مُرْسَلِينَ وَمُنْذِرِينَ، كَقَوْلِهِ:{فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا} [الْبَقَرَةِ: 66]، وَكَقَوْلِهِ:{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأنزلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [فُصِّلَتْ: 13، 14](2)(3) أَيْ: قَالَ لَهُمْ هُودٌ ذَلِكَ، فَأَجَابَهُ قَوْمُهُ قَائِلِينَ:{أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا} أَيْ: لِتَصُدَّنَا {عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}
(1) سنن ابن ماجه (3852) وقال البوصيري في الزوائد (3/204) : "هذا إسناد صحيح وله شواهد في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي بن كعب".
(2)
في م: "تولوا"، وهو خطأ.
(3)
في ت، م، أ، هـ:"إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم"، والصواب ما أثبتناه.
اسْتَعْجَلُوا عَذَابَ اللَّهِ وَعُقُوبَتَهُ، اسْتِبْعَادًا مِنْهُمْ وُقُوعَهُ، كَقَوْلِهِ:{يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا} [الشُّورَى: 18] .
{قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ} (1) أَيِ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُسْتَحِقِّينَ لِتَعْجِيلِ الْعَذَابِ فَيَفْعَلُ (2) ذَلِكَ بِكُمْ، وَأَمَّا أَنَا فَمِنْ شَأْنِي أَنِّي أُبْلِغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ، {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} أَيْ: لَا تَعْقِلُونَ وَلَا تَفْهَمُونَ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} أَيْ: لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ مُسْتَقْبِلَهُمْ، اعْتَقَدُوا أَنَّهُ عَارِضٌ مُمْطِرٌ، فَفَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا بِهِ (3) ، وَقَدْ كَانُوا مُمْحِلِينَ مُحْتَاجِينَ إِلَى الْمَطَرِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} أَيْ: هُوَ الْعَذَابُ الَّذِي قُلْتُمْ: {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}
{تُدَمِّرُ} أَيْ: تُخَرِّبُ {كُلِّ شَيْءٍ} مِنْ بِلَادِهِمْ، مِمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْخَرَابُ {بِأَمْرِ رَبِّهَا} أَيْ: بِإِذْنِ اللَّهِ لَهَا فِي ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ:{مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذَّارِيَاتِ: 42] أَيْ: كَالشَّيْءِ الْبَالِي. وَلِهَذَا قَالَ: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ} أَيْ: قَدْ بَادُوا كُلُّهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ وَلَمْ تَبْقَ لَهُمْ بَاقِيَةٌ، {كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} أَيْ: هَذَا حُكْمُنَا فِيمَنْ كَذَّبَ رُسُلَنَا، وَخَالَفَ أَمْرَنَا.
وَقَدْ وَرَدَ حَدِيثٌ فِي قِصَّتِهِمْ وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا مِنْ غَرَائِبِ الْحَدِيثِ وَأَفْرَادِهِ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الحُبَاب، حَدَّثَنِي أَبُو الْمُنْذِرِ سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّحْوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُود، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ الْحَارِثِ الْبَكْرِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ أَشْكُو الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَرَرْتُ بالرَبْذَة، فَإِذَا عَجُوزٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ مُنْقَطِعٌ بِهَا، فَقَالَتْ لِي: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّ لِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاجَةً، فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغِي إِلَيْهِ؟ قَالَ: فَحَمَلْتُهَا فَأَتَيْتُ بِهَا الْمَدِينَةَ، فَإِذَا الْمَسْجِدُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ، وَإِذَا رَايَةٌ سَوْدَاءُ تَخْفُقُ، وَإِذَا بِلَالٌ مُتَقَلِّدٌ السَّيْفَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ قَالُوا: يُرِيدُ أَنْ يَبْعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَجْهًا. قَالَ: فَجَلَسْتُ، فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ -أَوْ قَالَ: رَحْلَهُ-فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لِي، فَدَخَلْتُ فَسَلَّمْتُ، فَقَالَ:"هَلْ كَانَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ تَمِيمٍ شَيْءٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَكَانَتْ لَنَا الدَّبَرَةُ (4) عَلَيْهِمْ، وَمَرَرْتُ بِعَجُوزٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ مُنْقَطِعٍ، بِهَا فَسَأَلَتْنِي أَنْ أَحْمِلَهَا إِلَيْكَ، وَهَا هِيَ بِالْبَابِ: فَأَذِنَ لَهَا فَدَخَلَتْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ تَمِيمٍ حَاجِزًا فَاجْعَلِ الدَّهْنَاءَ، فَحَمِيَتِ الْعَجُوزُ وَاسْتَوْفَزَتْ، وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِلَى أَيْنَ يُضْطَرُّ مُضْطَرُّكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ مَثَلِي مَا قَالَ الْأَوَّلُ: "مِعْزَى حَمَلَت حَتْفَها"، حَمَلْتُ هَذِهِ وَلَا أَشْعُرُ أَنَّهَا كَانَتْ لِي خَصْمًا، أَعُوذُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنْ أَكُونَ كَوَافِدِ عَادٍ. قَالَ: "هِيهْ، وَمَا وَافِدُ عَادٍ؟ " -وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنْهُ، وَلَكِنْ يَسْتَطْعِمُهُ (5) -قُلْتُ: إِنْ عَادًا قُحِطُوا فَبَعَثُوا وَافِدًا لَهُمْ يُقَالُ لَهُ: قَيل، فَمَرَّ بِمُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ شَهْرًا يَسْقِيهِ الْخَمْرَ وَتُغَنِّيهِ جَارِيَتَانِ يُقَالُ لَهُمَا "الْجَرَادَتَانِ"-فَلَمَّا مَضَى الشَّهْرُ خَرَجَ إِلَى جِبَالِ مَهْرة فقال: اللهم،
(1) في م: "وقال" وهو خطأ.
(2)
في م، أ:"فسيفعل".
(3)
في م، ت:"ففرحوا به واستبشروا به".
(4)
في ت، أ:"الدائرة".
(5)
في أ: "يستعظمه".
إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَجِئْ إِلَى مَرِيضٍ فَأُدَاوِيهِ، وَلَا إِلَى أَسِيرٍ فَأُفَادِيهِ، اللَّهُمَّ اسْقِ عَادًا مَا كُنْتَ تَسْقِيهِ. فَمَرَّتْ بِهِ سَحَّابَاتٌ سُودُ، فَنُودِيَ مِنْهَا:"اخْتَرْ"، فَأَوْمَأَ إِلَى سَحَابَةٍ مِنْهَا سَوْدَاءَ، فَنُودِيَ مِنْهَا:"خُذْهَا رَمَادًا رِمْدِدًا (1) ، لَا تُبْقِي مِنْ عَادٍ أَحَدًا". قَالَ: فَمَا بَلَغَنِي أَنَّهُ أُرْسِلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الرِّيحِ إِلَّا كَقَدْرِ مَا يَجْرِي فِي خَاتَمِي هَذَا، حَتَّى هَلَكُوا-قَالَ أَبُو وَائِلٍ: وَصَدَقَ -وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ إِذَا بَعَثُوا وَافِدًا لَهُمْ قَالُوا: "لَا تَكُنْ كَوَافِدِ عَادٍ".
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ "الْأَعْرَافِ"(2) .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو: أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ (3) أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَجْمِعًا ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ. قَالَتْ: وَكَانَ (4) إِذَا رَأَى غَيْمًا -أَوْ رِيحًا-عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ، وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عَرَفْتُ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةَ؟ فَقَالَ:"يَا عَائِشَةُ، مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ، قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا". وَأَخْرَجَاهُ (5) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ (6) .
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَأَى نَاشِئًا فِي أُفُقٍ مِنْ آفَاقِ السَّمَاءِ، تَرَكَ عَمَلَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاتِهِ، ثُمَّ يَقُولُ:"اللَّهُمَّ، إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ"(7) . فَإِنْ كَشَفَهُ اللَّهُ حَمِدَ اللَّهَ، وَإِنْ أَمْطَرَتْ قَالَ:"اللَّهُمَّ، صَيِّبًا نَافِعًا"(8) .
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، سَمِعْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ: "اللَّهُمَّ، إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ". قَالَتْ: وَإِذَا تَخَيَّلت السَّمَاءُ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَخَرَجَ وَدَخَلَ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَفَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ، فَسَأَلَتْهُ، فَقَالَ: "لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} (9) .
وَقَدْ ذَكَرْنَا قِصَّةَ هَلَاكِ عَادٍ (10) فِي سُورَتَيِ "الْأَعْرَافِ وَهُودٍ"(11) بما أغنى عن إعادته هاهنا، ولله
(1) في ت: "رمدا".
(2)
المسند (3/482) وانظر تخريج بقية هذا الحديث عند الآية: 73 من سورة الأعراف.
(3)
في ت: "عائشة رضي الله عنها".
(4)
في ت، م:"وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم".
(5)
في ت: "أخرجه".
(6)
المسند (6/66) وصحيح البخاري برقم (4828، 4829) وصحيح مسلم برقم (899) .
(7)
في م: "من سوء عاقبته".
(8)
المسند (6/190) .
(9)
صحيح مسلم برقم (899) .
(10)
في ت، م، أ:"هلاك قوم عاد".
(11)
راجع قصة هلاك قوم عاد عند تفسير الآيات: 65- 72 من سورة الاعراف والآيات: 50- 60 من سورة هود.