المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

{وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} أَيْ: أَنْحَنُ (1) نَتْرُكُ - تفسير ابن كثير - ت السلامة - جـ ٧

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ الصَّافَّاتِ

- ‌(1)

- ‌ 6]

- ‌(11)

- ‌(20)

- ‌(25)

- ‌(27)

- ‌(38)

- ‌(50)

- ‌(52)

- ‌(62)

- ‌(71)

- ‌(77)

- ‌(83)

- ‌(88)

- ‌(99)

- ‌(103)

- ‌(114)

- ‌(127)

- ‌(133)

- ‌(149)

- ‌(154)

- ‌(161)

- ‌(171)

- ‌(180)

- ‌ ص

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(12)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(26) }

- ‌(27)

- ‌(30)

- ‌(34)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(45)

- ‌(49)

- ‌(55)

- ‌(62)

- ‌(65)

- ‌(71)

- ‌(84)

- ‌(86)

- ‌ الزُّمَرِ

- ‌(1)

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(9) }

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(13)

- ‌(19)

- ‌(21) }

- ‌(22) }

- ‌(23) }

- ‌(24)

- ‌(27)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(46)

- ‌(48) }

- ‌(49)

- ‌(53)

- ‌(57)

- ‌(60)

- ‌(67) }

- ‌(68)

- ‌(71)

- ‌(73)

- ‌(75) }

- ‌(1)

- ‌ غَافِرِ

- ‌(4)

- ‌(7) }

- ‌(8)

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(17) }

- ‌(18)

- ‌(21)

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(30)

- ‌(34)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(47)

- ‌(50) }

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(59) }

- ‌(60) }

- ‌(61)

- ‌(66) }

- ‌(67)

- ‌(69)

- ‌(77) }

- ‌(78) }

- ‌(79)

- ‌ فُصِّلَتْ

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(9)

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(19)

- ‌(21)

- ‌(25)

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌(37)

- ‌(39) }

- ‌(40)

- ‌(44)

- ‌(46) }

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌ الشُّورَى

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(13)

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(19)

- ‌(23)

- ‌(25)

- ‌(29)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(40)

- ‌(44) }

- ‌(45)

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(51) }

- ‌(52)

- ‌ الزُّخْرُفِ

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(15)

- ‌(21)

- ‌(23)

- ‌(26)

- ‌(34)

- ‌(36)

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(60) }

- ‌(66)

- ‌(74)

- ‌(81)

- ‌ الدُّخَانِ

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(17)

- ‌(19)

- ‌(34)

- ‌(38)

- ‌(40)

- ‌(51)

- ‌ الْجَاثِيَةِ

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(21)

- ‌(23) }

- ‌(24)

- ‌ 27]

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌ الْأَحْقَافِ

- ‌(1)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(26)

- ‌(29)

- ‌(33)

- ‌(1)

- ‌ مُحَمَّدٍ

- ‌(4)

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(20)

- ‌(24)

- ‌(29) }

- ‌(30)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌ الْفَتْحِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌8

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(18)

- ‌(20)

- ‌(24) }

- ‌(25)

- ‌(27)

- ‌(29) }

- ‌ الْحُجُرَاتِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(5) }

- ‌(6)

- ‌(9)

- ‌(11) }

- ‌(12) }

- ‌(13) }

- ‌(14)

- ‌قَ

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(23)

- ‌(30)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌ الذَّارِيَاتِ

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(15)

- ‌(24)

- ‌(31)

- ‌(38)

- ‌(47)

- ‌(52)

- ‌ الطُّورِ

- ‌(1)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(29)

- ‌(32)

- ‌(35)

- ‌(44)

- ‌ النَّجْمِ

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(19)

- ‌(27)

- ‌(33)

- ‌(42)

- ‌(45)

- ‌(56)

- ‌ الْقَمَرِ

- ‌(1)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(18)

- ‌(23)

- ‌(28)

- ‌(33)

- ‌(41)

- ‌(47)

- ‌(50)

- ‌ الرَّحْمَنِ

- ‌(1)

- ‌(14)

- ‌(17)

- ‌(26)

- ‌(31)

- ‌(37)

- ‌(41)

- ‌(46)

- ‌(54)

- ‌(62)

- ‌(68)

- ‌(1)

- ‌الْوَاقِعَةَ

- ‌ 13

- ‌(17)

- ‌(27)

- ‌(41)

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(63)

- ‌(75)

- ‌(77)

- ‌(83)

- ‌(88)

- ‌ الْحَدِيدِ

- ‌(1)

الفصل: {وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} أَيْ: أَنْحَنُ (1) نَتْرُكُ

{وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} أَيْ: أَنْحَنُ (1) نَتْرُكُ عِبَادَةَ آلِهَتِنَا وَآلِهَةِ آبَائِنَا عَنْ قَوْلِ [هَذَا](2) الشَّاعِرِ الْمَجْنُونِ، يَعْنُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟! قَالَ اللَّهُ تَعَالَى تَكْذِيبًا لَهُمْ، وَرَدًّا عَلَيْهِمْ:{بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ} يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ بِالْحَقِّ فِي جَمِيعِ شرْعة (3) اللَّهِ لَهُ مِنَ الْإِخْبَارِ وَالطَّلَبِ، {وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} أَيْ: صَدَّقَهُمْ فِيمَا أَخْبَرُوهُ (4) عَنْهُ مِنَ الصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ، وَالْمَنَاهِجِ السَّدِيدَةِ، وَأَخْبَرَ عَنِ اللَّهِ فِي شَرْعِهِ [وَقَدَرِهِ] وَأَمْرِهِ كَمَا أَخْبَرُوا، {مَا يُقَالُ لَكَ إِلا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} الْآيَةَ [فُصِّلَتْ:43] .

{إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الألِيمِ ‌

(38)

وَمَا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (39) إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (40) أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (41) فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (42) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (43) عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (44) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (45) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (46) لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزفُونَ (47) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (49) }

يَقُولُ تَعَالَى مُخَاطِبًا لِلنَّاسِ: {إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الألِيمِ. وَمَا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ عِبَادَهُ الْمُخْلَصِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَالْعَصْرِ. إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الْعَصْرِ:1-3] .

وَقَالَ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ. إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [التِّينِ:4-6]، وَقَالَ:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا. ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مَرْيَمَ:71، 72]، وَقَالَ:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ. إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ} [الْمُدَّثِّرِ:38، 39] وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: {إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} أَيْ: لَيْسُوا يَذُوقُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ، وَلَا يُنَاقَشُونَ فِي الْحِسَابِ، بَلْ يَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ، إِنْ كَانَ لَهُمْ سَيِّئَاتٌ، وَيُجْزَوْنَ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، إِلَى مَا يَشَاءُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ التَّضْعِيفِ.

وَقَوْلُهُ: {أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ} قَالَ قَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ: يَعْنِي الْجَنَّةَ. ثُمَّ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَوَاكِهُ} أَيْ: مُتَنَوِّعَةٌ {وَهُمْ مُكْرَمُونَ} أَيْ: يُخْدمون [وَيُرْزَقُونَ](5) وَيُرَفَّهُونَ وَيُنَعَّمُونَ، {فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ. عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} قَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ فِي قَفَا بَعْضٍ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدَكَ (6) الْقَزْوِينِيُّ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ (7) حَسَّانَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بِشْرٍ، (8) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إلى بعض.

(1) في ت::نحن".

(2)

زيادة من ت، س.

(3)

في أ: "ما شرعه".

(4)

في ت، س:"أخبروا"

(5)

زيادة من أ.

(6)

في أ: "عبد الله".

(7)

في أ: "حبان".

(8)

في أ: "بشير".

ص: 12

حَدِيثٌ غَرِيبٌ (1) .

وَقَوْلُهُ {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ. بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ. لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزفُونَ} ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى:{يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ. بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ. لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزفُونَ} [الْوَاقِعَةِ:17-19] فَنَزَّهَ اللَّهُ خَمْرَ الْآخِرَةِ (2) عَنِ الْآفَاتِ الَّتِي فِي خَمْرِ الدُّنْيَا، مِنْ صُدَاعِ الرَّأْسِ وَوَجَعِ الْبَطْنِ -وَهُوَ الْغَوْلُ-وَذَهَابِهَا بِالْعَقْلِ جُمْلَةً، فَقَالَ تَعَالَى هَاهُنَا:{يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} أَيْ: بِخَمْرٍ مِنْ أَنْهَارٍ جَارِيَةٍ، لَا يَخَافُونَ انْقِطَاعَهَا وَلَا فَرَاغَهَا.

قَالَ مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: خَمْرٌ جَارِيَةٌ بَيْضَاءُ، أَيْ: لَوْنُهَا مُشْرِقٌ حَسَنٌ بَهِيٌّ لَا كَخَمْرِ الدُّنْيَا فِي مَنْظَرِهَا الْبَشِعِ الرَّدِيءِ، مِنْ حُمْرَةٍ أَوْ سَوَادٍ أَوِ اصْفِرَارٍ أَوْ كُدُورَةٍ، (3) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُنَفِّرُ الطَّبْعَ السَّلِيمَ.

وَقَوْلُهُ عز وجل: {لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} أَيْ طَعْمُهَا طَيِّبٌ كَلَوْنِهَا، وَطِيبُ الطَّعْمِ دَلِيلٌ عَلَى طِيبِ الرِّيحِ، بِخِلَافِ خَمْرِ الدُّنْيَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: {لَا فِيهَا غَوْلٌ} يَعْنِي: لَا تُؤَثِّرُ فِيهِمْ غَوْلًا -وَهُوَ وَجَعُ الْبَطْنِ. قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَابْنُ زَيْدٍ-كَمَا تَفْعَلُهُ خَمْرُ الدُّنْيَا مِنَ القُولَنْج وَنَحْوِهُ، لِكَثْرَةِ مَائِيَّتِهَا.

وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْغَوْلِ هَاهُنَا: صُدَاعُ الرَّأْسِ. وَرُوِيَ هَكَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ صُدَاعُ الرَّأْسِ، وَوَجَعُ الْبَطْنِ. وَعَنْهُ، وَعَنِ السُّدِّيِّ: لَا تَغْتَالُ عُقُولَهُمْ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

فَمَا زَالَتِ الكأسُ تَغْتَالُنا

وتَذْهبُ بالأوَّل الأوَّلِ (4)(5)

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَا مَكْرُوهَ فِيهَا وَلَا أَذًى. وَالصَّحِيحُ قَوْلُ مُجَاهِدٍ: إِنَّهُ وَجَعُ الْبَطْنِ.

وَقَوْلُهُ: {وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزفُونَ} قَالَ مُجَاهِدٌ: لَا تُذْهِبُ عُقُولَهُمْ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ، وَالْحَسَنُ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ، وَالسُّدِّيُّ، وَغَيْرُهُمْ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي الْخَمْرِ أَرْبَعُ خِصَالٍ: السُّكْرُ، وَالصُّدَاعُ، وَالْقَيْءُ، وَالْبَوْلُ. فَذَكَرَ اللَّهُ خَمْرَ الْجَنَّةِ فَنَزَّهَهَا عَنْ هَذِهِ الْخِصَالِ، كَمَا ذَكَرَ فِي سُورَةِ "الصَّافَّاتِ"(6) .

وَقَوْلُهُ: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} أَيْ: عَفِيفَاتٌ لَا يَنْظُرْنَ إِلَى غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ. كَذَا قَالَ ابْنُ

(1) ورواه البخاري في التاريخ الكبير (3/386) في ترجمة زيد بن أبي أوفى من طريق حسان بن حسان به، وقال:"لا يتابع عليه".

(2)

في ت، س:"الجنة".

(3)

في ت: "كدرة".

(4)

في ت: "فالأول".

(5)

البيت في تفسير الطبري (23/35) .

(6)

في ت: "والصافات".

ص: 13

عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَغَيْرُهُمْ.

وَقَوْلُهُ {عِينٌ} أَيْ: حِسَانُ الْأَعْيُنِ. وَقِيلَ: ضِخَامُ الْأَعْيُنِ. هُوَ يَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ، وَهِيَ النَّجْلَاءُ الْعَيْنَاءُ، فَوَصَفَ عُيُونَهُنَّ بِالْحُسْنِ وَالْعِفَّةِ، كَقَوْلِ زَلِيخَا فِي يُوسُفَ حِينَ جَمَّلَتْهُ وَأَخْرَجَتْهُ عَلَى تِلْكَ النِّسْوَةِ، فَأَعْظَمْنَهُ وَأَكْبَرْنَهُ، وَظَنَنَّ أَنَّهُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِحُسْنِهِ وَبَهَاءِ مَنْظَرِهِ، قَالَتْ:{فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ} [يُوسُفَ:32] أَيْ: هُوَ مَعَ هَذَا الْجَمَالِ عَفِيفٌ تَقِيٌّ نَقِيٌّ، [فَأَرَتْهُنَّ جَمَالَهُ الظَّاهِرَ وَأَخْبَرَتْهُنَّ بِجَمَالِهِ الْبَاطِنِ] . (1) وَهَكَذَا الْحُورُ الْعِينُ {خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} [الرَّحْمَنِ:70] ، وَلِهَذَا قَالَ:{وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ}

وَقَوْلُهُ: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} وَصَفَهُنَّ بِتَرَافَةِ الْأَبْدَانِ بِأَحْسَنِ الْأَلْوَانِ.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما:{كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} يَقُولُ: اللُّؤْلُؤُ الْمَكْنُونُ.

وَيُنْشَدُ هَاهُنَا بَيْتُ أَبِي دَهْبَلَ الشَّاعِرِ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ:

وَهْيَ زَهْرَاء مثْلَ لُؤْلُؤَةِ الْغَوَّ

اصِ مُيِّزَتْ مِن جَوْهَرٍ مكْنُون (2)

وَقَالَ الْحَسَنُ: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} يَعْنِي: مَحْصُونٌ (3) لَمْ تَمَسَّهُ الْأَيْدِي.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْبَيْضُ فِي عُشِّهِ مَكْنُونٌ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: { [كَأَنَّهُنَّ] (4) بَيْضٌ مَكْنُونٌ} ، يَعْنِي: بَطْنَ الْبَيْضِ (5) .

وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: هُوَ السِّحَاءُ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ قِشْرَتِهِ الْعُلْيَا وَلِبَابِ الْبَيْضَةِ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} يَقُولُ: بَيَاضُ الْبَيْضِ حِينَ يُنْزَعُ قِشْرُهُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ لِقَوْلِهِ: {مَكْنُونٌ} ، قَالَ: وَالْقِشْرَةُ الْعُلْيَا يَمَسُّهَا جَنَاحُ الطَّيْرِ وَالْعُشُّ، وَتَنَالُهَا الْأَيْدِي بِخِلَافِ دَاخِلِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ الصَّدَفِيِّ الدِّمْيَاطِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ (6) رضي الله عنها، قُلْتُ (7) : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ:{كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} (8) قَالَ: "رِقَّتُهُنَّ كَرِقَّةِ الْجِلْدَةِ الَّتِي رَأَيْتُهَا فِي دَاخِلِ الْبَيْضَةِ، التي تلي القشر وهي الغِرْقِئ"(9) .

(1) زيادة من ت.

(2)

البيت في تفسير الطبري (23/37) .

(3)

في ت: "مصون"

(4)

زيادة من ت.

(5)

في ت: "العين".

(6)

في ت: "وروى ابن جرير بإسناده عن أم سلمة".

(7)

في ت: "عنها قالت: قلت".

(8)

في ت، س:"أخبرني عن قول الله: "حور عين" قال: "العين: الضخام العيون شفر الحوراء مثل جناح النسر" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ الله: "كأنهن بيض مكنون".

(9)

تفسير الطبري (23/37) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (23/367) حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ الدِّمْيَاطِيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بن هاشم به، قال الهيثمي في المجمع (7/119) :"فيه سليمان بن أبي كريمة ضعفه أبو حاتم وابن عدي".

ص: 14