المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَقَالَ (1) ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ - تفسير ابن كثير - ت السلامة - جـ ٧

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ الصَّافَّاتِ

- ‌(1)

- ‌ 6]

- ‌(11)

- ‌(20)

- ‌(25)

- ‌(27)

- ‌(38)

- ‌(50)

- ‌(52)

- ‌(62)

- ‌(71)

- ‌(77)

- ‌(83)

- ‌(88)

- ‌(99)

- ‌(103)

- ‌(114)

- ‌(127)

- ‌(133)

- ‌(149)

- ‌(154)

- ‌(161)

- ‌(171)

- ‌(180)

- ‌ ص

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(12)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(26) }

- ‌(27)

- ‌(30)

- ‌(34)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(45)

- ‌(49)

- ‌(55)

- ‌(62)

- ‌(65)

- ‌(71)

- ‌(84)

- ‌(86)

- ‌ الزُّمَرِ

- ‌(1)

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(9) }

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(13)

- ‌(19)

- ‌(21) }

- ‌(22) }

- ‌(23) }

- ‌(24)

- ‌(27)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(46)

- ‌(48) }

- ‌(49)

- ‌(53)

- ‌(57)

- ‌(60)

- ‌(67) }

- ‌(68)

- ‌(71)

- ‌(73)

- ‌(75) }

- ‌(1)

- ‌ غَافِرِ

- ‌(4)

- ‌(7) }

- ‌(8)

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(17) }

- ‌(18)

- ‌(21)

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(30)

- ‌(34)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(47)

- ‌(50) }

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(59) }

- ‌(60) }

- ‌(61)

- ‌(66) }

- ‌(67)

- ‌(69)

- ‌(77) }

- ‌(78) }

- ‌(79)

- ‌ فُصِّلَتْ

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(9)

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(19)

- ‌(21)

- ‌(25)

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌(37)

- ‌(39) }

- ‌(40)

- ‌(44)

- ‌(46) }

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌ الشُّورَى

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(13)

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(19)

- ‌(23)

- ‌(25)

- ‌(29)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(40)

- ‌(44) }

- ‌(45)

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(51) }

- ‌(52)

- ‌ الزُّخْرُفِ

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(15)

- ‌(21)

- ‌(23)

- ‌(26)

- ‌(34)

- ‌(36)

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(60) }

- ‌(66)

- ‌(74)

- ‌(81)

- ‌ الدُّخَانِ

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(17)

- ‌(19)

- ‌(34)

- ‌(38)

- ‌(40)

- ‌(51)

- ‌ الْجَاثِيَةِ

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(21)

- ‌(23) }

- ‌(24)

- ‌ 27]

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌ الْأَحْقَافِ

- ‌(1)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(26)

- ‌(29)

- ‌(33)

- ‌(1)

- ‌ مُحَمَّدٍ

- ‌(4)

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(20)

- ‌(24)

- ‌(29) }

- ‌(30)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌ الْفَتْحِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌8

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(18)

- ‌(20)

- ‌(24) }

- ‌(25)

- ‌(27)

- ‌(29) }

- ‌ الْحُجُرَاتِ

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(5) }

- ‌(6)

- ‌(9)

- ‌(11) }

- ‌(12) }

- ‌(13) }

- ‌(14)

- ‌قَ

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(23)

- ‌(30)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌ الذَّارِيَاتِ

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(15)

- ‌(24)

- ‌(31)

- ‌(38)

- ‌(47)

- ‌(52)

- ‌ الطُّورِ

- ‌(1)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(29)

- ‌(32)

- ‌(35)

- ‌(44)

- ‌ النَّجْمِ

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(19)

- ‌(27)

- ‌(33)

- ‌(42)

- ‌(45)

- ‌(56)

- ‌ الْقَمَرِ

- ‌(1)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(18)

- ‌(23)

- ‌(28)

- ‌(33)

- ‌(41)

- ‌(47)

- ‌(50)

- ‌ الرَّحْمَنِ

- ‌(1)

- ‌(14)

- ‌(17)

- ‌(26)

- ‌(31)

- ‌(37)

- ‌(41)

- ‌(46)

- ‌(54)

- ‌(62)

- ‌(68)

- ‌(1)

- ‌الْوَاقِعَةَ

- ‌ 13

- ‌(17)

- ‌(27)

- ‌(41)

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(63)

- ‌(75)

- ‌(77)

- ‌(83)

- ‌(88)

- ‌ الْحَدِيدِ

- ‌(1)

الفصل: وَقَالَ (1) ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ

وَقَالَ (1) ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجًا إِذَا بُعِثُوا، وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إِذَا وَفَدُوا، وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إِذَا حَزِنُوا، وَأَنَا شَفِيعُهُمْ إِذَا حُبِسُوا، لِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي، وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي عز وجل وَلَا فَخْرَ، يَطُوفُ عَلِيَّ أَلْفُ خَادِمٍ كَأَنَّهُنَّ الْبَيْضُ الْمَكْنُونُ -أَوِ: اللُّؤْلُؤُ الْمَكْنُونُ"(2) .

{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ‌

(50)

قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) }

(1) في ت: "وروى".

(2)

ورواه البيهقي في دلائل النبوة (5/483) من طريق منصور بن أبي الأسود عن ليث عن الربيع بن أنس به، ثم رواه من طريق حيان بن علي عن ليث عن عبيد الله بن زحر عن الربيع عن أنس به، وقال:"تابعه -أي الليث- محمد بن فضيل عن عبيد الله بن زحر".

ص: 15

{يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ ‌

(52)

أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلا مَوْتَتَنَا الأولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61) } .

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنَّهُ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ، أَيْ: عَنْ أَحْوَالِهِمْ، وَكَيْفَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا، وَمَاذَا كَانُوا يُعَانُونَ فِيهَا؟ وَذَلِكَ مِنْ حَدِيثِهِمْ عَلَى شَرَابِهِمْ، (1) وَاجْتِمَاعِهِمْ فِي تُنَادِمِهِمْ وَعِشْرَتِهِمْ فِي مَجَالِسِهِمْ، وَهُمْ جُلُوسٌ عَلَى السُّرُرِ، وَالْخَدَمِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، يَسْعَوْنَ وَيَجِيئُونَ بِكُلِّ خَيْرٍ عَظِيمٍ، مِنْ مَآكِلَ وَمُشَارِبَ وَمَلَابِسَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ} قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي شَيْطَانًا.

وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ الرَّجُلُ الْمُشْرِكُ، يَكُونُ لَهُ صَاحِبٌ مِنْ أَهَّلَ الْإِيمَانِ فِي الدُّنْيَا.

وَلَا تَنَافِي بَيْنَ كَلَامِ مُجَاهِدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَكُونُ مِنَ الْجِنِّ فَيُوَسْوِسُ فِي النَّفْسِ، وَيَكُونُ مِنَ الْإِنْسِ فَيَقُولُ كَلَامًا تَسْمَعُهُ الْأُذُنَانِ، وَكِلَاهُمَا مُتَعَادِيَانِ، (2) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الْأَنْعَامِ:112] وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُوَسْوِسُ، كَمَا قَالَ (3) تَعَالَى:{ [قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. مَلِكِ النَّاسِ. إِلَهِ النَّاسِ] . مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ. الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ. مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاس} [سُورَةُ النَّاسِ](4) . وَلِهَذَا {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ. يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ} أَيْ: أَأَنْتَ تُصَدِّقُ بِالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَالْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ؟! يَعْنِي: يَقُولُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّعَجُّبِ وَالتَّكْذِيبِ وَالِاسْتِبْعَادِ، وَالْكُفْرِ وَالْعِنَادِ. {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ} قَالَ مُجَاهِدٌ، وَالسُّدِّيُّ: لَمُحَاسَبُونَ؟ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، ومحمد بن كعب القرظي: لمجزيون بأعمالنا؟.

(1) في أ: "سراتهم".

(2)

في ت، س:"متعاونان".

(3)

في ت: "قال الله تعالى".

(4)

زيادة من ت، س، أ.

ص: 15

قَالَ: {قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ} أَيْ:مُشْرِفُونَ. يَقُولُ الْمُؤْمِنُ لِأَصْحَابِهِ وَجُلَسَائِهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَخُلَيْدٌ الْعَصْرِيُّ وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ [وَغَيْرُهُمْ](1) يَعْنِي فِي وَسَطِ الْجَحِيمِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: فِي وَسَطِ الْجَحِيمِ كَأَنَّهُ شِهَابٌ يَتَّقِدُ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ اطَّلَعَ فَرَأَى جَمَاجِمَ الْقَوْمِ تَغْلِي. وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ قَالَ: فِي الْجَنَّةِ كُوًى إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهَا أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَدُوِّهِ فِي النَّارِ اطَّلَعَ فِيهَا، فَازْدَادَ شُكْرًا.

{قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} يَقُولُ الْمُؤْمِنَ مُخَاطِبًا لِلْكَافِرِ: وَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُهْلِكُنِي لَوْ أَطَعْتُكَ. {وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} أَيْ: وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيَّ لَكُنْتُ مِثْلَكَ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ حَيْثُ أَنْتَ، مُحْضَرٌ مَعَكَ فِي الْعَذَابِ، وَلَكِنَّهُ تَفَضَّلَ [عَلَيَّ](2) وَرَحِمَنِي فَهَدَانِي لِلْإِيمَانِ، وَأَرْشَدَنِي إِلَى تَوْحِيدِهِ {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الْأَعْرَافِ:43] .

وَقَوْلُهُ: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ. إِلا مَوْتَتَنَا الأولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُؤْمِنِ مُغْبِطًا نَفْسَهُ بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الْخُلْدِ فِي الْجَنَّةِ (3) وَالْإِقَامَةِ فِي دَارِ الْكَرَامَةِ، لَا مَوْتَ فِيهَا وَلَا عَذَابَ؛ وَلِهَذَا قَالَ:{إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}

قَالَ (4) ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الظَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ العَدَني، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، فِي قَوْلِ اللَّهِ تبارك وتعالى لِأَهْلِ الْجَنَّةِ:{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطُّورِ:19] ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: قَوْلُهُ: {هَنِيئًا} أَيْ: لَا يَمُوتُونَ (5) فِيهَا. فَعِنْدَهَا قَالُوا: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ. إِلا مَوْتَتَنَا الأولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ}

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: عَلِمُوا أَنَّ كُلَّ نَعِيمٍ فَإِنَّ الْمَوْتَ يَقْطَعُهُ، فَقَالُوا:{أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ. إِلا مَوْتَتَنَا الأولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} ، قِيلَ [لَهُمْ] :(6) لَا. قَالُوا: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}

وَقَوْلُهُ: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} قَالَ قَتَادَةُ: هَذَا مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: هُوَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْنَاهُ: لِمِثْلِ هَذَا النَّعِيمِ وَهَذَا الْفَوْزِ فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ فِي الدُّنْيَا، لِيَصِيرُوا إِلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ (7) .

وَقَدْ ذَكَرُوا قِصَّةَ رَجُلَيْنِ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، تَدْخُلُ فِي ضِمْنِ عُمُومِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ.

قَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنِ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْبَهْرَانِيِّ فِي قَوْلِهِ:{إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ} قال: إن رجلين كانا

(1) زيادة من ت.

(2)

زيادة من س، أ.

(3)

في ت: "في الجنة من الخلد".

(4)

في ت: "روى".

(5)

في ت، س:"لا تموتون".

(6)

زيادة من ت، أ.

(7)

تفسير الطبري (23/40) .

ص: 16

شَرِيكَيْنِ، فَاجْتَمَعَ لَهُمَا ثَمَانِيَةُ آلَافِ دِينَارٍ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا لَهُ حِرْفَةٌ، وَالْآخِرُ لَيْسَ لَهُ حِرْفَةٌ، فَقَالَ الَّذِي لَهُ حِرْفَةٌ لِلْآخَرِ: لَيْسَ عِنْدَكَ حِرْفَةٌ، مَا أَرَانِي إِلَّا مُفَارِقُكَ وَمُقَاسِمُكَ، فَقَاسَمَهُ وَفَارَقَهُ، ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ اشْتَرَى دَارًا بِأَلْفِ دِينَارٍ كَانَتْ لِمَلِكٍ، مَاتَ، فَدَعَا صَاحِبَهُ فَأَرَاهُ فَقَالَ: كَيْفَ (1) تَرَى هَذِهِ الدَّارَ؟ ابْتَعْتُهَا بِأَلْفِ دِينَارٍ؟ قَالَ: مَا أَحْسَنَهَا! فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ صَاحِبِي ابْتَاعَ (2) هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ دَارًا مِنْ دُورِ الْجَنَّةِ، فَتَصَدَّقَ بِأَلْفِ دِينَارٍ، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ، ثُمَّ إِنَّهُ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ (3) بِأَلْفِ دِينَارٍ، فَدَعَاهُ وَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا. فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً بِأَلْفِ دِينَارٍ. قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا! فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: يَا رَبِّ، إِنَّ صَاحِبِي تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ امْرَأَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ. فَتَصَدَّقُ بِأَلْفِ دِينَارٍ، ثُمَّ إِنَّهُ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ. ثُمَّ اشْتَرَى بُسْتَانَيْنِ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ، ثُمَّ دَعَاهُ فَأَرَاهُ فَقَالَ: إِنِّي ابْتَعْتُ هَذَيْنِ الْبُسْتَانَيْنِ. (4) فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا! فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ: يَا رَبِّ، إِنَّ صَاحِبِي قَدِ اشْتَرَى بُسْتَانَيْنِ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ، وَأَنَا أَسْأَلُكَ بُسْتَانَيْنِ فِي الْجَنَّةِ. فَتَصَدَّقَ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ، ثُمَّ إِنِ الْمَلَكَ أَتَاهُمَا فَتَوَفَّاهُمَا، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهَذَا الْمُتَصَدِّقِ، فَأَدْخَلَهُ دَارًا تُعْجِبُهُ، وَإِذَا امْرَأَةٌ تَطْلُعُ يُضِيءُ مَا تَحْتَهَا مِنْ حُسْنِهَا، ثُمَّ أَدْخَلَهُ بُسْتَانَيْنِ وَشَيْئًا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ، (5) فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: مَا أَشْبَهَ هَذَا بِرَجُلٍ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَإِنَّهُ ذَاكَ، وَلَكَ هَذَا الْمَنْزِلُ وَالْبُسْتَانَانِ وَالْمَرْأَةُ. قَالَ: فَإِنَّهُ كَانَ لِي صَاحِبٌ يَقُولُ: أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ؟ قِيلَ لَهُ: فَإِنَّهُ فِي الْجَحِيمِ. قَالَ: هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ؟ فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ. فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: {تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ. وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} الْآيَاتِ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَهَذَا يُقَوِّي قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ: "أَئِنَّكَ لَمِنَ المُصَّدّقِينَ" بِالتَّشْدِيدِ.

وَقَالَ (6) ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَبَّارُ أَبُو حَفْصٍ قَالَ: سَأَلْتُ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيَّ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ. يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ} ? قَالَ: فَقَالَ لِي: مَا ذَكَّرَكَ هَذَا؟ قُلْتُ: قَرَأْتُهُ آنِفًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ؟ فَقَالَ: أَمَا فَاحْفَظْ، كَانَ شَرِيكَانِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَحَدُهُمَا مُؤْمِنٌ وَالْآخَرُ كَافِرٌ، فَافْتَرَقَا عَلَى سِتَّةِ آلَافِ دِينَارٍ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ آلَافِ دِينَارٍ، فَمَكَثَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَا، ثُمَّ الْتَقَيَا فَقَالَ الْكَافِرُ لِلْمُؤْمِنِ: مَا صَنَعْتَ فِي مَالِكَ؟ أَضَرَبْتَ بِهِ شَيْئًا؟ أَتَّجَرْتَ بِهِ فِي شَيْءٍ؟ فَقَالَ لَهُ الْمُؤْمِنُ: لَا فَمَا صَنَعْتَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ بِهِ أَرْضًا وَنَخْلًا وَثِمَارًا وَأَنْهَارًا (7) قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْمُؤْمِنُ: أَوَ فَعَلْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَرَجَعَ الْمُؤْمِنُ حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ صَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُصَلِّيَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخَذَ أَلْفَ دِينَارٍ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللهم إن فلانا -يعني شريكه الكافر-اشترى أَرْضًا وَنَخْلًا وَثِمَارًا وَأَنْهَارًا بِأَلْفِ دِينَارٍ، ثُمَّ يَمُوتُ غَدًا وَيَتْرُكُهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي اشْتَرَيْتُ مِنْكَ بِهَذِهِ الْأَلْفِ دِينَارٍ (8) أَرْضًا وَنَخْلًا وَثِمَارًا وَأَنْهَارًا فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحَ فَقَسَمَهَا فِي الْمَسَاكِينِ. قَالَ: ثُمَّ مَكَثَا مَا شَاءَ اللَّهُ أن يمكثا، ثم التقيا فقال الكافر

(1) في ت، س:"فكيف".

(2)

في ت، س:"إن صاحبي هذا قد ابتاع".

(3)

في ت، س:"امرأة".

(4)

في ت، أ:"البساتين بألفي دينار".

(5)

في ت: "وفيهما ما الله به عليم".

(6)

في ت: "وروى".

(7)

في ت، س:"وأنهار بألف دينار".

(8)

في س: "الدينار".

ص: 17