الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
(53)
وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) }
{أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ
(57)
أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (58) بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (59) } .
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ دَعْوَةٌ لِجَمِيعِ الْعُصَاةِ مِنَ الْكَفَرَةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ، وَإِخْبَارٌ بِأَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا لِمَنْ تَابَ مِنْهَا وَرَجَعَ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَهْمَا كَانَتْ وَإِنْ كَثُرَتْ وَكَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ. وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ هَذِهِ [الْآيَةِ](1) عَلَى غَيْرِ تَوْبَةٍ (2) ؛ لِأَنَّ الشِّرْكَ لَا يُغْفَرُ لِمَنْ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ؛ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ: قَالَ يَعْلَى: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (3)[رضي الله عنهما](4) ؛ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا فَأَكْثَرُوا، وَزَنَوْا فَأَكْثَرُوا. فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةٌ. فَنَزَلَ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} [الْفُرْقَانِ:68]، وَنَزَلَ [قَوْلُهُ] (5) :{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} .
وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِهِ (6) .
وَالْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ الْأُولَى قَوْلُهُ: {إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} الْآيَةَ. [الْفُرْقَانِ:70] .
وَقَالَ (7) الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو قَبِيلٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُرِّيَّ (8) يَقُولُ: سَمِعْتُ (9) ثَوْبَانَ -مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا بِهَذِهِ الْآيَةِ: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} إِلَى آخَرِ الْآيَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنْ أَشْرَكَ؟ فَسَكَتَ النَّبِيِّ (10) صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: "أَلَا وَمَنْ أَشْرَكَ" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. تَفَرَّدَ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (11) .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ (12) بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ جَابِرٍ الْحُدَّانِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ (13) عَمْرِو بْنِ عَبَسة (14) قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، شَيْخٌ كَبِيرٌ يُدَعِّمُ عَلَى عَصًا لَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي غَدَرَاتٍ وَفَجَرَاتٍ، فَهَلْ يُغْفَرُ لِي؟ فَقَالَ:"أَلَسْتَ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ " قَالَ: بَلَى، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ:"قَدْ غُفِرَ لك غدراتك وفجراتك". تفرد به أحمد (15) .
(1) زيادة من أ.
(2)
في ت: "التوبة".
(3)
في ت: "روى البخاري بسنده عن ابن عباس".
(4)
زيادة من أ.
(5)
زيادة من ت، س.
(6)
صحيح البخاري برقم (4810) وصحيح مسلم برقم (122) وسنن أبي داود برقم (7274) وسنن النسائي (7/86) .
(7)
في ت: "وروى".
(8)
في أ: "السري".
(9)
في ت: "سمعت عن".
(10)
في ت: "رسول الله".
(11)
المسند (5/275) .
(12)
في أ: "شريح".
(13)
في ت: "وعن".
(14)
في ت، ا:"عنبسة".
(15)
المسند (4/385) .