المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

موضع الإيمان؛ أي (1): وكثيرًا كسرنا وأهلكنا من أهل قرية - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٨

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: موضع الإيمان؛ أي (1): وكثيرًا كسرنا وأهلكنا من أهل قرية

موضع الإيمان؛ أي (1): وكثيرًا كسرنا وأهلكنا من أهل قرية كانوا ظالمين آيات الله، كافرين بها كدأبكم يا معشر قريش {وَأَنْشَأْنَا}؛ أي: أوجدنا، وأحدثنا {بَعْدَهَا} ؛ أي بعد إهلاك أهلها {قَوْمًا آخَرِينَ} ؛ أي ليسوا منهم نسبًا، ولا دينًا. ونحو الآية قوله:{وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ} ، وقوله:{فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} .

‌12

- ثم بيَّن حالهم حين حلول البأس، فقال:{فَلَمَّا أَحَسُّوا} ؛ أي: فلما أحس أهل تلك القرية الظالمة، وأدركوا {بَأْسَنَا}؛ أي: عذابنا الشديد إداركًا تامًا، كأنه إدراك المشاهد المحسوس، ورأوه {إِذَا هُمْ مِنْهَا}؛ أي: من القرية. ويحتمل أن يعود على {بَأْسَنَا} ؛ لأنه في معنى الشدة، فأنّث على المعنى. ذكره في "البحر". و {إِذَا} للمفاجاة. و {هُمْ} مبتدأ خبره قوله:{يَرْكُضُونَ} ؛ أي: يهربون مسرعين راكضين مثل دوابّهم، أو مشبّهين بهم من إفراط الإسراع.

أي (2): فلمّا أيقنوا أن العذاب واقع بهم لا محالة كما أوعدهم أنبياؤهم، إذا هم يهربون سراعًا عجلين يعدون منهزمين.

والخلاصة: أنهم لمَّا علموا شدة بأسنا وبطشنا علم حس ومشاهدة ركضوا في ديارهم هاربين من قراهم، بعد أن كانوا قد تجبروا على رسلهم، وقالوا لهم:{لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} .

‌13

- ثم ذكر أنهم في ذلك الحين ينهون عن الهرب، ويقال لهم بلسان الحال، أو بلسان المقال من الملك، أو ممن هنالك من المؤمنين على طريق الاستهزاء والتهكم:{لَا تَرْكُضُوا} ، أي: لا تهربوا من مساكنكم {وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ} ؛ أي (3) إلى نعمكم التي كانت سبب بطركم وكفركم. والمترف: المنعم. يقال: أترف فلانٌ؛ أي: وسع عليه في معاشه، وأترفته النعمة أطغته. وأترف فلان أصر على البغي، أي: ارجعوا إلى ما أعطيتموه من العيش الواسع، والحال الطيبة،

(1) روح البيان.

(2)

المراغي.

(3)

الشوكاني.

ص: 27