الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إسحاق وأبو اليمان بضمها.
وذلك (1) بعد نزول عيسى عليه السلام إلى الأرض، ثم يهلكون بدعائه عليهم، فتملأ رممهم وجيفهم الأرض، فيرسل الله عليهم طيرًا كأعناق البخت، فتحملهم، فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطرًا، فيغسل الأرض من آثارهم، ثم يقول الله للأرض: أنبتي ثمرك، فيكثر الرزق جدًّا، ويستقيم الحال لعيسى والمؤمنين، فبينما هم كذلك إذ بعث الله عليهم ريحًا طيبة، تقبض روح كل مؤمن ومسلم، وتبقي شرار الناس يتهارجون كتهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة اهـ "خازن". وبين موت عيسى والنفخة الأولى مئة وعشرون سنة، لكن السنة بقدر شهر، كما أن الشهر بقدر جمعة، والجمعة بقدر يوم، واليوم بقدر ساعة، فيكون بين عيسى والنفخة الأولى قدر ثنتي عشرة سنة من السنين المعتادة، اهـ.
وقيل: الضمير في قوله: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ} يعود على العالم بأسره، ولكن الأول أظهر. والمعنى على هذا؛ أي (2): ويستمر هذا الإمتناع إلى قيام الساعة، ومن أماراتها فتح سد يأجوج ومأجوج، وإتيان الناس سراعًا من كل مرتفع من الأرض، والمقصود الرد على المشركين في إنكارهم البعث والجزاء.
والخلاصة: أنه لا تزال حياة من مات وهلك ممتنعةً، ولا يمكن رجوعهم إليها حتى تقوم الساعة، ويسرع الناس من كل حدب من الأرض. قال أبو حيان: والظاهر أن ضمير {وهم} عائد على يأجوج ومأجوج. وقيل: الضمير للعالم، ويدل عليه قراءة عبد الله وابن عباس {من كل جدث} بالجيم والثاء المثلثة، وهو القبر. وقرىء بالفاء. والثاء للحجاز، والفاء لتميم، وهي بدل من الثاء كما أبدلوا الثاء منها قالوا: المغثور، وأصله مغفور. ذكره في "البحر" كما مر بعضه.
97
- وقوله: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} ؛ أي: القيامة - عطف على {فتحت} ، والمراد: ما بعد النفخة الثانية، من البعث والحساب والجزاء {فَإِذَا هِيَ}؛ أي: القصة {شَاخِصَةٌ} ؛ أي: مرتفعة {أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} من الدهشة والحيرة، حالة
(1) الخازن.
(2)
المراغي.
كونهم قائلين تحسرًا وندامة {يَا وَيْلَنَا} ويا هلاكنا، تعال إلينا، فهذا أوان حضورك. وجملة قوله:{فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ} جواب الشرط في قولهه: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} . وإذا (1) للمفاجأة سدّ مسدّ الفاء الجزائية كقوله تعالى: {إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} فإذا جاءت الفاء معها تظاهرتا على وصل الجزاء بالشرط فيتأكد، والضمير للقصة. و {شَاخِصَةٌ} خبر مقدم لـ {أَبْصَارُ} ، والجملة من المبتدأ والخبر، خبر ضمير القصة مفسرة له.
وقال الفراء والكسائي (2): الواو في قوله: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ} زائدة مقحمة في جواب الشرط، والمعنى: حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج اقترب الوعد الحق نظير قوله تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104)} ؛ أي: ناديناه. وعلى هذا القول، فالفاء في قوله:{فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ} تكون عاطفة على هذا الجواب. فإن قيل (3): فتح السد واقتراب الوعد الحق يحصل في آخر أيام الدنيا، والجزاء وشخوص الأبصار إنما يحصل يوم القيامة، والشرط والجزاء لا بد وأن يكونا متقاربين؟
فالجواب: أن التفاوت القليل يجري مجرى العدم، وفي الآية دلالة على أن قيام الساعة. لا يتأخر عن خروج يأجوج ومأجوج، كما روي عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: لو أن رجلًا اقتنى، فلوّا بعد خروج يأجوج ومأجوج، لم يركبه حتى تقوم الساعة. والفلوّ المهر؛ أي: ولد الفرس.
والمعنى (4): أن القيامة إذا قامت ارتفعت أبصار هؤلاء، من شدة الأهوال، فلا تكاد تطرف من شدة ما يخافونه قائلين: يا ويلنا؛ أي: هلاكنا تعال فهذا أوان حضورك {قَدْ كُنَّا} في الدنيا {فِي غَفْلَةٍ} تامة {مِنْ هَذَا} الذي أصابنا ودهمنا من البعث والرجوع إليه للجزاء، ولم نعلم أنه حق، وقوله:{بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ} إضراب (5) عما قبله، من وصف أنفسهم بالغفلة؛ أي: لم نكن غافلين
(1) البيضاوي.
(2)
القرطبي.
(3)
روح البيان.
(4)
المراح.
(5)
روح البيان.