المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أردف ذلك ببراءته من اتخاذ الولد فقال: {وَقَالُوا}؛ أي: قال - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٨

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: أردف ذلك ببراءته من اتخاذ الولد فقال: {وَقَالُوا}؛ أي: قال

أردف ذلك ببراءته من اتخاذ الولد فقال: {وَقَالُوا} ؛ أي: قال (1) فريق من هؤلاء المشركين، وهم بطون من خزاعة، وجهينة، وبني سلمة {اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا} من الملائكة، وادّعوا أنهم بنات الله، وأنه تعالى صاهر سروات الجن، فولدت له الملائكة، فردَّ الله تعالى عليهم بقوله:{سُبْحَانَهُ} ؛ أي: تنزيهًا له عن ذلك لأنَّ الولد لا بد أن يكون شبيهًا بالوالد، فلو كان له ولد لأشبهه، ولا مجانسة بين النعمة والمنعم، والخالق والمخلوق، وهو مقولٌ على ألسنة العباد؛ أي: سبحوه تسبيحه اللائق به. قال في "بحر العلوم"(2): ويجوز أن يكون تعجبًا من كلمتهم الحمقاء؛ أي: ما أبعد من ينعم بجلائل النعم ودقائقها، وما أعلاه عما يضاف إليه من اتخاذ الولد، والصاحبة، والشريك. وقال في "الكشف": التنزيه لا ينافي التعجب.

ثم أضرب عن قولهم وأبطله فقال: {بَلْ} ليست الملائكة كما قالوا: بل هم {عِبَادٌ} ؛ مخلوقون له تعالى {مُكْرَمُونَ} مقرَّبون عنده، مفضَّلون على كثير من العباد، لا على كلهم، والمخلوقية تنافي الولادة؛ لأنها تقتضي المناسبة؛ فليسوا بأولاد، وإكرامهم لا يقتضي كونهم أولادًا كما زعموا

‌27

- {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ} ؛ أي: لا يتقدموفه بالقول، ولا بالفعل. صفة أخرى لـ {عِبَادٌ} . وأصل (3) السبق المتقدم في السير، ثم تجوِّز به في غيره من التقدم؛ أي: لا يقولون شيئًا حتى يقوله تعالى ويأمرهم لكمال انقيادهم وطاعتهم كالعبيد المؤدَّبين.

وقرأ عكرمة {مُكْرَمُونَ} بالتشديد. والجمهور بالتخفيف. وقرأ الجمهور {لَا يَسْبِقُونَهُ} بكسر الباء. وقرىء بضمها، من سابقني فسبقته أسبقه. {وَهُمْ}؛ أي: الملائكة {بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} ؛ أي: كما أنهم يقولون بأمره كذلك يعملون بأمره، لا بغير أمره أصلًا، فالقصر المستفاد من تقديم الجار معتبر بالنسبة إلى

(1) المراغي.

(2)

السمرقندي.

(3)

روح البيان.

ص: 42