الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر من توفي
في سنة أربع وثمانمائة من الأعيان
إبراهيم بن عبد الله الرفا كان مقيماً بزاوية بمصر قرب جامع عمرو وللناس فيه اعتقاد كبير ويحكى عنه كرامات، مات في جمادى الأولى.
إبراهيم بن محمّد بن راشد الملكاوي برهان الدين الشافعي أحد الفضلاء بدمشق اشتغل وحصل ومهر في القراآت، وقد تقد في الحوادث في السنة الماضية ما جرى له مع القاضي المالكي وكان يشغل في الفرائض بين المغرب والعشاء بالجامع، مات في جمادى الآخرة.
أحمد بن الحسن بن محمّد بن محمّد بن زكريا بن يحيى المقدسي المصري شهاب الدين السويداوي اعتنى به أبوه فأسمعه الكثير من يحيى ابن المصري وجماعة من أصحاب ابن عبد الدائم والنجيب ونحوهم وأكثر له من الشيوخ والمسموع واشتغل في الفقه وبحث في الروضة وكان يتعانى الشهادات ثم أضر بأخرة وانقطع بزاوية الست زينب خارج باب النصر، قرأت عليه الكثير ونعم الشيخ كان وقد حدث قديماً قبل الثمانين وتفرد بمرويات كثيرة
وكان الشيخ جمال الدين الحلاوي يشاركه في أكثر مسموعاته، مات في تاسع عشر ربيع الآخر وقد قارب الثمانين أو أكملها.
أحمد بن عبد الخالق بن علي بن الحسن بن عبد العزيز بن محمّد بن الفرات شهاب الدين ابن صدر الدين المالكي اشتغل بالفقه والعربية والأصول والطب والأدب وتمهر في الفنون ونظم الشعر الحسن وكان بيننا مودة وهو القائل:
إذا شئت أن تحيا حياةً سعيدة
…
ويستحسن الأقوام منك المقبحا
تزيّ بزيّ الترك واحفظ لسانهم
…
وإلا فجانبهم وكن متصولحا
مات في شوال ولم يكمل الأربعين.
أحمد بن علي بن محمّد بن أبي الفتح نور الدين الدمشقي نزيل حلب المعروف بالمحدث، سمع الكثير من أصحاب الفخر ومن غيرهم بدمشق وحلب، واشتغل في علم الحديث وأقرأ فيه مدة بحلب ودمشق وكان حسن المحاضرة، ومن شيوخه في الأدب صلاح الدين الصفدي، ذكره لي القاضي علاء الدين ابن خطيب الناصرية.
أحمد بن محمّد بن محمّد بن المنجا بن عثمان بن أسعد بن المنجا التنوخي الدمشقي الحنبلي قاضي الحنابلة بدمشق تقي الدين ابن صلاح الدين ابن شرف الدين تفقه قليلاً وناب عن أخيه ودرس وكان هو القائم بأمر أخيه وولي القضاء في أواخر العام الماضي فلم تطل مدته وكان شهماً نبيهاً؛ مات معزولاً ولم يكمل الخمسين.
أحمد بن محمّد بن محمّد المصري نزيل القرافة الشيخ شهاب الدين ابن الناصح، سمع من الميدومي وذكر أنه سمع من ابن عبد الهادي وحدث عنه بمكة بصحيح مسلم وحدث عن الميدومي بسنن أبي داود وجامع الترمذي سماعاً ومن لفظ نور الدين الهمذاني. أخذت عنه قليلاً وكان للناس فيه اعتقاد ونعم الشيخ كان سمتاً وعبادةً ومروءة، مات في أواخر رمضان وتقدم في الصلاة عليه الخليفة.
أسماء بنت أحمد بن محمّد بن عثمان الحلبي ثم الصالحي روت لنا عن الحجار سماعاً، ماتت في ثالث عشر المحرم عن نحو من ثمانين سنة.
أبو بكر بن عثمان بن خليل الحوراني تقي الدين المقدسي الحنفي، سمع من الميدومي وحدث عنه وناب في الحكم، مات في أواخر السنة ببيت المقدس.
أبو بكر بن أبي المجد بن ماجد بن أبي المجد بن بدر بن سالم السعدي الدمشقي ثم المصري الحنبلي عماد الدين، ولد سنة ثلاثين وسبعمائة وسمع من المزي والذهبي وغيرهما وأحب الحديث فحصل طرفاً صالحاً منه، وسكن مصر قبل الستين فقرر في طلب الشيخونية فلم يزل بها حتى مات، وجمع الأوامر والنواهي من الكتب الستة وجوده وكان مواظباً على العمل بما فيه، وله اختصار تهذيب الكمال، وقد حدث عن الذهبي بترجمة البخاري بسماعه منه، اجتمعت به وأعجبني سمته وانجماعه وملازمته للعبادة، مات في آخر جمادى الأولى جنتمر بن عبد الله التركماني الطرنطاي، كان قد ولي نيابة حمص ونيابة بعلبك وأسر في المحنة العظمى ثم خلص من الأسر بعد مدة وحضر إلى مصر فتولى كشف الصعيد، وكان حسن المحاضرة بشوشاً كريماً مع ظلم كثير وعسف.
خليل بن علي بن أحمد بن بوزبا الشاهد المصري وسمع من ابن نمير السراج وغيره، سمعت منه قليلاً وكان معمراً فإنه ولد سنة خمس عشرة وسبعمائة فلو كان سماعه على قدر سنه لأتى بالعوالي مات في سابع عشري شعبان وله ثمان وثمانون سنة.
سعد ابن أبي الغيث بن قتادة بن إدريس بن حسن بن قتادة الحسني أمير ينبع، عزل عن إمرتها فأقام بمصر حتى مات في ذي القعدة عن ستين سنة.
شقراء بنت حسين بن الناصر محمد بن قلاوون أخت الأشرف شعبان، ماتت في ثامن عشر المحرم.
صالح بن خليل بن سالم بن عبد الناصر بن محمد بن سالم الغزي الشافعي، سمع من الميدومي وحدث عنه وناب في الحكم، مات في ذي القعدة ببيت المقدس.
عبد اللطيف بن محمد بن عبد الكريم بن عبد النور بن منير الحلبي ثم المصر زين الدين بن تقي الدين بن الحافظ قطب الدين أحضر على ابن عبد الهادي وسمع من الميدوى سمعت منه وكان وقوراً خيراً، مات في وسط صفر.
عبد المؤمن العينتابي المعروف، بمؤمن كان فاضلاً في عدة علوم منها الفقه على مذهب الحنيفة. وكان حسن الوجه مليح الشكل، درس بعينتاب ثم تحول إلى حلب فأقام بها إلى أن مات في هذه السنة نقلته من تاريخ العيني.
عبد الوهاب بن محمّد بن محمّد بن عبد المنعم البرنباري شرف الدين ابن تاج الدين كان أبوه كاتب السر بطرابلس وناب هو في توقيع الدرج عند علاء الدين ابن فضل الله إلى أن مات في خامس عشر ذي الحجة سنة أربع عن نحو الثمانين سنة.
عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان المخزومي البلبيسي ثم المصري الشافعي فخر الدين المقرئ الضرير إمام الجامع الأزهر تصدى للاشتغال بالقراءة فأتقن السبع وصار أمة وحده، وأخبرني أنه لما كان ببلبيس كان الجن يقرؤن عليه، وقرأ عليه خلق كثير، وكان صالحاً خيراً أقام بالجامع الأزهر يؤم فيه مدة طويلة، وقد حدث عنه خلق كثير في حياته، وانتفع به من لا يحصى عددهم في القراءة وانتهت إليه الرياسة في هذا الفن، وعاش ثمانين سنة، يقال مات في أول سنة خمس، وأرخه المقريزي والبغدادي في ثاني ذي القعدة سنة أربع وثمانمائة أخبرني محمّد بن علي بن ضرغام إجازة قال حدثني الشيخ فخر الدين عثمان المقرئ في سنة وأربعين أن بعض الجن أخبره أن الفناء يقع في مصر بعد سنة ويكون عامّاً في أكثر الناس، قال: وكنت عزمت على الحج فلم أرجع من مكة وأقمت بها مجاوراً إلى هذه الغاية ووقع الطاعون العام سنة تسع وأربعين كما قيل.
علي بن بهادر بن عبد الله الداوداري النائب بصفد علاء الدين كان جواداً ممدحاً عارفاً بالمباشرة ودارى عن صفد أيام تمرلنك حتى سلمت من النهب، ويقال إنه أحصى ما أنفقه في تلك الأيام فبلغ عشرة آلاف دينار وأكثر من ذلك، وكان ينفق على الواردين إليها من قبل الكائنة والهاربين إليه بعدها، واستقر بعد ذلك حاجباً بصفد فعمل عليه نائب صفد الآتي ذكره سودون الحمزاوي
وضربه ضرباً مبرحاً واستأصل أمواله ومات من العقوبة في أواخر السنة وقد قتل به سودون قصاصاً بعد ذلك كما سيأتي.
علي بن عبد الله التركي نزيل القرافة بالجبل المقطم كان للناس فيه اعتقاد كثير ويحكى عنه كرامات وكانت شفاعته لا ترد مات في ربيع الأول، وكان أبوه من المماليك السلطانية فنشأ هو في بيت الملك الناصر الكبير، فلما كبر خرجت في وجهه قوبا فتألم منها وعالجها فلم ينجع فيها دواء فوجد شيخاً يقال له عمر المغربي فطلب منه الدعاء فاستدناه ولحس القوبا بلسانه فشفاه الله سريعاً فاعتقده ورمى الجندية وتبع الشيخ المذكور وتسلك على يديه وانقطع إلى الله ولم يترك زي الجندية ولا أخذ في يده سبحة ولا لبس مرقعه بل كان مقتصداً في ملبسه ومأكله وكلما يفتح عليه يتصدق به ويؤثر غيره، ومات وله أربع وثمانون سنة، وكان يقول: ما رأيت أورع من الشيخ عمر ولا أهيب من الناصر، وكان يقول: أعرف الناس من أيام الناصر، ما رأيت لهم عناية بأمر الدين لكن كان فيهم حياء وحشمة تصدهم عن أمور كثيرة صارت تبدو من رئيس الرؤساء الآن، قلت: فكيف لو أدرك زماننا! يقال بلغ التسعين، وذكر لي أنه كان يذكر ما يدل على أن عمره أربع وثمانون سنة، وقد زرته وأنا صغير وسمعت كلامه ودعا لي ولكني لا أتذكر أني زرته وأنا كبير فالله أعلم.
علي بن عبيد بن داود المرداوي ثم الصالحي الحنبلي سمع من أحمد بن عبد الرحمن المرداوي وحدثنا عنه وكان يكتب خطاً حسناً ويعتمد الحكام عليه في الشهادة بالصالحية وهو أخو الفقيه شمس الدين ابن عبيد، مات في جمادى الآخرة.
علي بن غازي بن علي بن أبي بكر بن عبد الملك الصالحي عرف بالكوري سمع من زينب بنت الكمال وحدثنا عنها بالصالحية، مات في شوال.
عمر بن الشرف الغزولي الحنبلي، مات في سادس عشر ذي القعدة منها بحلب.
عمر بن علي بن أحمد بن محمّد بن عبد الله الأنصاري الأندلسي ثم المصري سراج الدين ابن أبي الحسن المعروف بابن الملقن ولد سنة ثلاث وعشرين في رابع عشري ربيع الأول منها، وكان الملقن واسمه عيسى زوج أمه فنسب إليه، ومات أبوه أبو الحسن وهو صغير، وكان عالماً بالنحو وأصله من الأندلس، رحل أبوه منها إلى التكرور وأقرأ أهليها القرآن فحصل له مال، ثم قدم القاهرة فولد له هذا فمات وله سنة وأوصى به إلى الشيخ
عيسى المغربي وكان يلقن القرآن في الجامع الطولوني فتزوج بأمه فعرف به، وحفظ القرآن والعمدة وشغله في مذهب مالك، ثم أشار عليه بعض أصحاب والده أن يقرئه المنهاج فحفظه وأنشأ له وصيه ربعاً فكان يكتفي بأجرته ويوفر له بقية ماله وكان يقتني الكتب، بلغني أنه حضر في الطاعون العام بيع كتب شخص من المحدثين فكان وصيه لا يبيع إلا بالنقد الحاضر، قال: فتوجهت إلى منزلي فأخذت كيساً من الدراهم ودخلت الحلقة فصببته فصرت لا أزيد في الكتاب شيئاً إلا قال: بع له، فكان فيما اشتريت مسند الإمام أحمد بثلاثين درهماً، وكان ربما عرف بابن النحوي وربما كتب بخطه كذلك فلذلك اشتهر بها ببلاد اليمن، عني في صغره بالتحصيل، فسمع من ابن سيد الناس والقطب الحلبي وأكثر عن أصحاب النجيب وابن عبد الدائم وتخرج بزين الدين الرحبي ومغلطاي وكتب عنهما الكثير، وتفقه بشيوخ عصره ومهر في الفنون، واعتنى بالتصنيف قديماً فشرح كثيراً من الكتب المشهورة كالمنهاج والتنبيه والحاوي على كل واحد منها عدة تصانيف، وخرج أحاديث الرافعي وشرح البخاري ثم شرح زوائد مسلم عليه ثم زوائد أبي داود عليهما ثم زوائد الترمذي على الثلاثة ثم النسائي كذلك ثم ابن ماجه كذلك،
واشتهر بكثرة التصانيف حتى كان يقول إنها بلغت ثلاثمائة تصنيفاً واشتهر اسمه وطار صيته، وكانت كتابته أكثر من استحضاره فلهذا كثر القول فيه من علماء الشام ومصر حتى قرأت بخط ابن حجي كان ينسب إلى سرقة التصانيف فإنه ما كان يستحضر شيئاً ولا يحقق علماً ويؤلف المؤلفات الكثيرة على معنى النسخ من كتب الناس، ولما قدم دمشق نوه بقدرة تاج الدين السبكي سنة سبعين وكتب له تقريظاً على كتابه تخريج أحاديث الرافعي وألزم عماد الدين ابن كثير فكتب له أيضاً، وقد كان المتقدمون يعظمونه كالعلائي وأبي البقاء ونحوهما فلعله كان في أول أمره حاذقاً، وأما الذين قرؤا عليه ورأوه من سنة سبعين فما بعدها فقالوا: لم يكن بالماهر في الفتوى ولا التدريس وإنما كان يقرأ عليه مصنفاته غالباً فيقرر على ما فيها، وجرت له محنة بسبب القضاء تقدمت في الحوادث وكان ينوب في الحكم فترك، وكان موسعاً عليه في الدنيا وكان مديد القامة، حسن الصورة، يحب المزاح والمداعبة مع ملازمة الاشتغال والكتابة، وكان حسن المحاضرة جميل الأخلاق كثير الإنصاف شديد القيام مع أصحابه، واشتهر بكثرة التصانيف حتى كان يقال إنها بلغت ثلاثمائة مجلدة ما بين كبير وصغير. وعنده من الكتب ما لا يدخل تحت الحصر منها ما هو ملكه ومنها ما هو من أوقاف المدارس لا سيما الفاضلية، ثم إنها احترقت مع أكثر مسوداته في أواخر عمره ففقد أكثرها،
وتغير حاله بعدها فحجبه ولده نور الدين إلى أن مات في سادس عشري ربيع الأول وقد جاوز الثمانين بسنة وكان حسن المحاضرة ويحب المداعبة مع جميل الأخلاق وكثرة الإنصاف وجمال الصورة والقيام مع أصحابه.
فضل الله بن أبي محمّد التبريزي أحد المتقشفين من المبتدعة وكان من الاتحادية ثم ابتدع النحلة التي عرفت بالحروفية فزعم أن الحروف هي عين الآدميين إلى خرافات كثيرة لا أصل لها، ودعا اللنك إلى بدعته فأراد قتله فبلغ ذلك ولده أمير زاده لأنه فر مستجيراً به فضرب عنقه بيده فبلغ اللنك فاستدعى برأسه وجثته فأحرقهما في هذه السنة، ونشأ من أتباعه واحد بلقب: نسيم الدين، فقتل بعد ذلك وسلخ جلده في الدولة المؤيدية سنة إحدى وعشرين بحلب.
محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن إبراهيم الأرموي ثم الصالحي سمع من فاطمة بنت العز وحدثنا عنها، مات بدمشق.
محمّد بن رسلان بن نصير بن صالح البلقيني ناصر الدين أخو شيخ الإسلام سراج الدين ولد سنة خمس عشرة وسبعمائة، ولم يرزق من العلم ما رزق أخوه ولا ما يقاربه، وكان مقيماً ببلده يتعانى الزراعة ويقدم على أخيه أحياناً، ولو اتفق له سماع الحديث لكان عالي الإسناد،
رأيته قبل موته بقليل، وهو شيخ جلد صحيح البنية يظهر للناظر أن الشيخ أسن منه لأن الشيخ قد سقطت أسنانه كلها بخلاف هذا، وكانت لهما أخت عاشت إلى سنة ثلاث وجاوزت التسعين.
محمّد بن عثمان الأشليمي ثم المصري أصيل الدين ولد بعد سنة أربعين، ولما ترعرع تعانى القرآن، ثم اشتغل قليلاً في الفقه وتكسب بالشهادة ولازم صدر الدين ابن رزين ثم ناب في الحكم بالقاهرة ثم سعى في قضاء القضاة على القاضي تقي الدين الزبيري بتحسين القاضي صدر الدين المناوي له ذلك وتحريضه عليه وإظهاره الرضا به، فلما شرع في ذلك وجد المناوي السبيل إلى السؤال في العود فأعيد وقرر الأصيل في قضاء دمشق، فوليه في شعبان سنة إحدى وثمانمائة في أواخر دولة الظاهر بمال اقترضه وافر فباشر قليلاً فلم تحمد سيرته، فلم يلبث الظاهر أن مات فسعى الأخناي حتى عاد ورجع الأصيل إلى مصر واستمر معزولاً، ونالته بالقاهرة محنة بسبب الديون التي تحملها وسجن بالصالحية مدة ثم أطلق، وكان له استحضار يسير من السيرة النبوية ومن شرح مسلم فكان يلقي درسه غالباً من ذلك ولا يستحضر من الفقه إلا قليلاً، مات عن ستين سنة أو أكثر في أواخر ذي الحجة من السنة.
محمّد بن علي بن محمّد بن عقيل بن محمّد بن الحسن بن علي أبو الحسن البالسي ثم المصري نجم الدين ابن نور الدين ابن العلامة نجم الدين، تفقه كثيراً ثم تعانى الخدم عند الأمراء ثم ترك ولزم بيته، ودرس بالطيبرسية إلى أن مات
وقد أضر قبل موته بيسير، ونعم الشيخ كان خيراً واعتقاداً جيداً ومروءة وفكاهة، لزمته مدة وحدثني عن ابن عبد الهادي ونور الدين الهمذاني وغيرهما؛ مات في عاشر المحرم وله أرع وسبعون سنة.
محمّد بن محمّد بن عنقة - بنون وقاف وفتحات - أبو جعفر البسكري - بفتح الموحدة بعدها مهملة - ثم المدني كان يسكن المدينة ويطوف البلاد وقد سمع من جمال الدين ابن نباتة قديماً ثم طلب بنفسه فسمع الكثير من بقية أصحاب الفخر بدمشق وحمل عن ابن رافع وابن كثير وحصل الأجزاء وتعب كثيراً ولم ينجب، سمعت منه يسيراً وكان متودداً رجع من الإسكندرية إلى مصر فمات بالساحل - غريباً رحمه الله.
محمّد بن نشوان بن محمّد بن أحمد بن نشوان بن محمّد بن أحمد الحجاوي والد الشيخ شهاب الدين كان خيراً كثير التلاوة؛ مات في رجب وعاش ستاً وسبعين سنة.
محمّد بن.... بن البناء ناظر ديوان الأمير جكم وولي بعنايته نظر الأحباس؛ ومات في خامس ربيع الآخر.
لاجين بن عبد الله الجركسي كان معظماً عند الجراكسة وكانوا يتحاكون بينهم أنه يلي المملكة وهو لا يكتم ذلك ويتظاهر به وكان السلطان والأكابر يبلغهم ذلك
فلا يكترثون به ويعدون كلامه من سقط المتاع، وكان قد عين جماعة لعدة وظائف وكان يعد أنه إذا تملك أن يبطل الأوقاف كلها، وأن يخرج الإقطاعات كلها، وأن يعيد الأمر إلى ما كان عليه في عهد الخلفاء، وأن يحرق كتب الفقهاء كلها، وأول من يعاقب شيخ الإسلام البلقيني، فحال الله بينه وبين ذلك، ومات قبل البلقيني بسنة، وكان له إقطاع تغل في كل سنة عشرة آلاف كانت في ذلك الوقت قدر ثلاثمائة دينار ورزقة أخرى تغل هذا القدر أو أكثر منه، وكان منقطعاً في بيته وأكابر الأمراء يترددون إليه وغيرهم يفعل ذلك تبعاً لهم، وشاع أن الظاهر أراد أن يقرره في نيابة السلطنة ولم يتم ذلك، وقيل: بل كان الامتناع منه، وكان مشهوراً بسوء العقيدة يفهم طريق ابن العربي ويناضل عنها وله أتباع في ذلك، واشتهر عنه أنه سيلي الأمر استقلالاً فيغير معالم الشريعة ويحرق كتب المسلمين، وكان يتهدد الأعيان كالبلقيني بالقتل والعقوبة إلى أن قدر الله موته في رابع ربيع الأول من هذه السنة قبل البلقيني بسنة ونصف وكفى الله شره وكان قد قارب الثمانين أو جاوزها.
يوسف بن الحسن بن محمود السرائي الأصل التبريزي عز الدين الشهير بالحلوائي - بفتح أوله وسكون اللام مهموزاً - الفقيه الشافعي، ولد سنة ثلاثين وسبعمائة وتفقه ببلاده، وقرأ على الشيخ جلال الدين القزويني والشيخ بهاء الدين الخونجي والقاضي عضد
الدين، واجتمع في بغداد بالشيخ شمس الدين الكرماني وأخذ عنه الحديث وشرحه للبخاري ومهر في أنواع العلوم، وأقبل على التدريس وشغل الطلبة، وعمل على البيضاوي شرحاً، فلما دخل الدعادعة وهم أتباع طقتمش خان تبريز وخربوها تحول الشيخ عز الدين إلى ماردين فأقام بها مدة، ثم راسله مرزا ابن اللنك فقدم عليه تبريز فبالغ في إكرامه فأقام بها، وكتب على الكشاف حواشي وشرح الأربعين للنووي، وكان زاهداً عابداً معرضاً عن أمور الدنيا مقبلاً على العم، وكان قد حج ثم زار المدينة فجاور بها سنة وكان لا يرى مهموماً قط، وكانت وفاته سنة أربع وثمانمائة بالجزيرة فإنه رجع إليها لما كثر الظلم في تبريز فقطنها إلى أن مات، وخلف ولدين بدر الدين محمّدا وجمال الدين محمدا، وحج بدر الدين سنة تسع وعشرين وأقام بحصن كيفا فشغل الناس بالعلم، وحج جمال الدين سنة ثلاث وثلاثين، وقدم القاهرة سنة أربع وثلاثين وأقام بها مدة وتوجه وقد تقدم ذكره في سنة اثنتين وثمانمائة.
يوسف بن الحسين الكردي الشافعي نزيل دمشق كان عالماً صالحاً معتقداً تفقه وحصل، قال الشيخ شهاب الدين الملكاوي: قدمت من حلب سنة أربع وستين وهو كبير يشار إليه
وكان يميل إلى الأثر والسنة وينكر على الأكراد في عقائدهم وبدعتهم؛ وكانت له اختيارات، منها المسح على الجوربين مطلقاً وكان يفعله، وله مؤلف لطيف جمع فيه أحاديث وآثاراً، ومنها تزويج الصغيرة التي لا أب لها ولا جد. وقال ابن حجي كان يميل إلى ابن تيمية ويعتقد صواب ما يقوله في الفروع والأصول، وكان من يحب ابن تيمية يجتمع إليه، وكان قد ولي مشيخة الخانقاه الصلاحية وأعاد بالظاهرية وكان الشهاب الملكاوي يقول: قدمت من حلب سنة أربع وستين وهو كبير يشار إليه وكان وقع بينه وبين ولده الشيخ زين الدين عبد الرحمن الواعظ بسبب العقيدة وتهاجرا مدة إلى أن وقعت فتنة اللنكية فتصالحا، ثم جلس مع الشهود وأحسن إليه ولده في فاقته فلم يلبث أن مات في شوال.