الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر من مات
في سنة ست وثمانمائة من الأعيان
إبراهيم بن عمر بن علي المحلى برهان الدين التاجر الكبير، كان يذكر أنه طلحي النسب، وهو سبط الشيخ شمس الدين ابن اللبّان، تقدم شيء من ذكره في الحوادث من تجديده مقدمة جامع عمرو، وذلك في سنة أربع وثمانمائة، ومن تجهيز العسكر من ماله إلى الإسكندرية، وكان معظماً عند الدولة، عارفاً بأمور الدنيا، وكان في آخر أمره قد تموّل جدّاً وأنجب ابنه أحمد فبلغ الغاية في المعرفة بأمور التجارة، ومات برهان الدين في ربيع الأول بمصر، وولده إذ ذاك باليمن فوصل إلى مكة ومعه من الأموال ما لا يدخل تحت الحصر حتى أنه كان معه في تلك السنة ستة آلاف زكيبة من أصناف البهار، فتفرّقت أموالهما شذر مذر بأيدي العباد في جميع البلاد، وقد سمعت من برهان الدين عدّة فوائد وسمع على ترجمة البخاري من جمعي، وكان يقول ما ركبت في مركب قط فغرقت، وسمعته يقول: أحضرت عند جدي لما ولدت فبشّر أبي بأني أصير ناخوذه ثم سمعت ذلك من جدي وأنا ابن أربع سنين وكان أبوه مملقاً فرزق هو من المال ما رقى سماه.
إبراهيم بن محمد بن صديق بن إبراهيم بن يوسف الدمشقيّ المؤذِّن المعروف بالرّسام، وكان أبوه بوّاب الظاهريّة مسند الدنيا من الرجال، سمع من الحجار الكثير ومن إسحاق الآمدي والشيخ تقي الدين ابن تيمية وطائفة تفرّد بالرواية
عنهم، ومتع بسمعه وعقله، سمعت منه بمكة وحدّث بها بسائر مسموعاته، وقد رحل في السنة الماضية إلى حلب ومعه ثبت مسموعاته فأكثروا عنه وانتفعوا به، وألحق جماعة من الأصاغر بالأكابر ورجع إلى دمشق ولم يتزوج، ومات في شوال وله خمس وثمانون سنة وأشهراً.
أحمد بن إبراهيم بن عمر المحلى أبو الفضل التاجر، كان شابّاً حسناً كريم الشمائل عفيف الفرج، مات بعد موت أبيه بمكة في أواخر ذي القعدة.
أحمد بن داود بن إبراهيم بن داود الصالحي القطان، روى عن عبد الرحيم ابن أبي اليسر، مات في رجب.
أحمد بن عبد الكافي بن عبد الوهاب البليني، كان أبوه قاضي البلينة، واشتغل وتفقّه وأقام بالقاهرة، وناب في الحكم بالحسينية، وولي الإعادة بالشافعي، وكان فاضلاً خيّراً ديِّناً، مات كهلاً.
أحمد بن علي بن محمد بن علي بن ضرغام بن علي بن عبد الكافي البكري الغضائري المؤذّن المعروف بابن سكَّر، أخو شيخنا شمس الدين المقدم ذكره، سمع بإفادة أخيه من يحيى بن يوسف بن المصري وغيره، وحدّث، سمعت منه بالقاهرة، ومات في رجب وقد جاوز السبعين.
أحمد بن علي التركماني، يعرف بابن الشيخ، ولي نيابة الكرك وصفد واستقرّ في الآخر أميراً كبيراً بدمشق، مات في ذي القعدة بمصر.
إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي الزبيدي، ولد سنة 722 على ما ذكر، وتعانى الاشتغال ثم تصوّف، وكان خيراً عابداً حسن السمت والملبوس مغري بالسماع محبّاً في مقالة ابن العربي، وكنت أظن أنه لا يفهم الاتحاد حتى اجتمعت به فرأيته يفهمه ويقرره ويدعو إليه حتى صار من لم يحصل كتاب الفصوص من أصحابه لا يلتفت إليه، وكان السلطان الأشرف قد عظّمه بسبب أنه قام معه عند حصار الإمام صلاح، الزيدي زبيد فاعتقده، وصار أهل زبيد يقترحون له كرامات، وكان يداوم قراءة سورة يس في كل حالة ويعتمد فيه حديثاً موضوعاً، وأراني جزءاً جمعه له شيخنا مجد الدين الشيرازي في ذلك، وقام عليه مرّة الشيخ صالح المصري فتعصّبوا عليه حتى نفوه إلى الهند، ثم كان الفقيه أحمد الناشري عالم زبيد يقوم عليه وعلى أصحابه ولا يستطيع أن يغيِّرهم عمّا هم فيه لميل السلطان إليهم، وقد حدث الشيخ إسماعيل بالإجازة العامة عن القاسم بن عساكر وبالخاصة عن أبي بكر بن
المحب، ومات في نصف رجب وله بضع وثمانون سنة لأنه ذكر أن مولده سنة 722.
إسماعيل بن علي بن محمد البقاعي ثم الدمشقي الناسخ، كان يشتغل بالعلم ويصحب الحنابلة ويميل إلى معتقدهم مع كونه شافعيّاً، وكان يقرأ الحديث للعامّة وينصحهم ويعظهم ويكتب للناس مع الدين والخير، وله نظم حسن أنشدني منه بدمشق، وقد كتب بخطه صحيح البخاري في مجلدة واحدة معدومة النظير سلمت من الحريق إلاّ اليسير من حواشيها فبيعت بأزيد من عشرين مثقالا، وفرَّ في الكائنة إلى طرابلس فأقام بها إلى آخر سنة خمس، ورجع فمات بدمشق في المحرّم.
أقبغا الهدباني الظاهري، كان من عتقاء الظاهر برقوق، وتنقل في الخدمة إلى أن ولي الحجوبية بحلب بعد رجوع الظاهر إلى السلطنة من الكرك ثم نيابة صفد ثم نيابة طرابلس ثم نيابة حلب في سنة إحدى وثمانمائة سنة وفاة الظاهر، ثم كان ممن أعان تنم نائب دمشق، فلما انكسر تنم أسر أقبغا فيمن أسر ثم أطلق وولي نيابة طرابلس سنة أربع، ثم ولي نيابة حلب بعد دقماق فدخلها في جمادى الأولى سنة ست وثمانمائة فأقام بها أربعين يوماً، ومات ليلة الجمعة سابع عشري جمادى الآخرة، وكان عاقلاً كثير السكون، وأنشأ بحلب جامعاً وداخله تربة له دفن فيها.
أبو بكر بن داود الصالحي أحد من كان يعتقد ويزار بالصالحية بدمشق، وله زاوية هناك، وكان على طريقة السلف وله إلمام بالعلم، مات في سابع عشري رمضان.
أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطي بن أحمد بن عبد المعطي الخزرجي المكي، سمع من عثمان ابن الصفي أحمد الطبري بمكة ومن غيره، ودخل بلاد التكرور فاتفق أنهم كانوا احتاجوا أن يستسقوا فاستسقوا به فسقوا وذلك ببلد ماني، ثم رجع إلى مصر فأقام بها، وكان يكثر زيارة الصالحين بالقرافة ويشارك في قليل من الفقه ويدري التاريخ، اجتمعت به مراراً، مات وله سبع وسبعون سنة وكان يعرف عند أهل مصر بالفقيه أبي بكر الحجازي.
أبو بكر بن محمد الحبشي العدني قاضي عدن وليه بها مراراً، وكان نبيهاً في الفقه، مات في أواخر السنة.
دمشق خجا بن سالم الدوكاري التركماني، تقدم ذكره في الحوادث، قتل في رمضان من هذه السنة.
عبد الله بن عبد الله الدكاري المغربي المالكي نزيل المدينة، أقرأ بها ودرّس وأفاد وناب في الحكم في بعض القضايا، وكان يتجرّأ على العلماء سامحه الله.
عبد الله بن عثمان بن محمد الصالحي المعروف بابن حمية، روى لنا عن البرزالي، سمع من محيى الدين ابن خطيب بعلبك وحدّثنا عن الحافظ علم الدين البرزالي.
عبد الله بن الشيخ بن أحمد بن عبد الرحمن، ويقال: ابن عثمان بن عمر التركستاني المعروف بالقرمي، هو ولد الشيخ المشهور ببيت المقدس اشتغل قليلاً وقدم حلب ثم دخل بغداد وأسر مع اللنكية ثم خلص، ويقال إنه جرت له محنة فخنق نفسه بسببها، على ما استفاض بين الناس، ومات في سنة ست وثمانمائة في أواخرها.
عبد الله بن محمد المارديني، جمال الدين المعروف بتمنّع، كان من أولاد الأغنياء فورث مالاً جزيلاً فأنفقه في الخيرات ثم افتقر فصار يكدى بالأوراق وينظم البيتين في ذلك أحياناً وكان يعاشر الرؤساء، وللشيخ عز الدين الموصلي فيه نظم، مات في رمضان بدمشق.
عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم المهرانيّ المولد العراقي الأصل الكرديّ الشيخ زين الدين العراقي حافظ العصر، ولد في جمادى
الأولى سنة خمس وعشرين، وحفظ التنبيه في الفقه، واشتغل بالفقه والقرآآت، ولازم المشايخ في الرواية وسمع في غضون ذلك من عبد الرحيم بن شاهد الجيش وابن عبد الهادي وعلاء الدين التركماني، وقرأ بنفسه على الشيخ شهاب الدين ابن البابا، وتشاغل بالتخريج ثم تنبه للطلب بعد أن فاته السماع من مثل يحيى بن المصري آخر من روى حديث السلفي عالياً بالإجازة ومن الكثير من أصحاب ابن عبد الدائم والنجيب وابن علاق ولكنه أدرك أبا الفتح الميدومي فأكثر عنه وهو من أعلى مشايخه إسناداً، وسمع أيضاً من ابن الملوك وابن القطرواني، ثم رحل إلى دمشق فسمع من ابن الخبّاز ومن أبي العباس المرداوي ونحوهما، وعني بهذا الشأن ورحل فيه مرّاتٍ إلى دمشق وحلب والحجاز، وأراد الدخول إلى العراق ففترت همّته من خوف الطريق ورحل إلى الإسكندرية، ثم عزم على التوجّه إلى تونس فلم يتم له ذلك، وصنّف تخريج أحاديث الإحياء وأكمل مسودته الكبرى قديماً ثم بيّضه في نحو نصفه ولم يكمل تبييضه، ثم اختصره في مجلد واحد ولم يبيِّضه، وكتبت منه النسخ الكثيرة، وشرع في إكمال شرح الترمذيّ لابن سيد الناس، ونظم علوم الحديث لابن الصلاح ألفيّة وشرحها وعمل عليه نكتاً، وصنّف أشياء أخر كباراً وصغاراً، وصار المنظور إليه في هذا الفن من زمن الشيخ جمال الدين الأسناي وهلمّ جرّا، ولم نر في هذا الفن أتقن منه، وعليه تخرّج غالب أهل عصره، ومن أخصهم به صهره شيخنا نور الدين الهيثمي، وهو الذي درّبه وعلًمه كيفية
التخريج والتصنيف، وهو الذي يعمل له خطب كتبه ويسميها له، وصار الهيثمي لشدّة ممارسته أكثر استحضاراً للمتون من شيخه حتى يظن من لا خبرة له أنه أحفظ منه، وليس كذلك لأن الحفظ المعرفة، وولي شيخنا قضاء المدينة سنة ثمان وثمانين فأقام بها نحو ثلاث سنين ثم سكن القاهرة، وأنجب ولده قاضي القضاة ولي الدين، لازمت شيخنا عشر سنين تخلّل في أثنائها رحلاتي إلى الشام وغيرها، قرأت عليه كثيراً من المسانيد والأجزاء وبحثت عليه شرحه على منظومته وغير ذلك، وشهد لي بالحفظ في كثير من المواطن، وكتب لي خطه بذلك مراراً وسئل عند موته عمّن بقي بعده من الحفّاظ فبدأ بي وثنّى بولده وثلّث بالشيخ نور الدين، وكان سبب ذلك ما أشرت إليه من أكثريّة الممارسة، لأن ولده تشاغل بفنون غير الحديث، والشيخ نور الدين كان يدري منه فنّاً واحداً، وكان السائل للشيخ عن ذلك القاضي كمال الدين ابن العديم، ثم سأله الشيخ نور الدين الرشيدي على ما أخبرني بذلك بعد ذلك فقال: في فلان كفاية، وذكر أنه عناني وصرّح بذلك، مات الشيخ عقب خروجه من الحمّام في ثامن شعبان وله إحدى وثمانون سنة وربع سنة نظير عمر شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين، وفي ذلك أقول في المرثيّة:
لا ينقضي عجبي من وفق عمرهما
…
العام كالعام حتى الشهر كالشهر
عاشا ثمانين عاماً بعده سنة
…
وربع عام سوى نقص لمعتبر
والإشارة بذلك إلى أنهما لم يكملا الربع بل ينقص أيّاماً، وقد ألممت برثائه في الرائية التي رثيت بها شيخ الإسلام البلقيني وخصصته بمرثية قافيّة وهي:
مصاب لم ينفس للخناق
…
أصار الدّمع جاراً للمآقي
فروض العلم بعد الزهو ذاوٍ
…
وروح الفضل قد بلغ التراقي
وبحر الدّمع يجري في اندفاق
…
وبدر الصبر يسري في المحاق
وللأحزان بالقلب اجتماع
…
ينادي الصبر حتى على الفراق
وكان الصبّ أن يدفع لصبرٍ
…
يهون عليه مع رجوي التّلاقي
فأما بعد يأسٍ من تلاقٍ
…
فهذا صبره مرُّ المذاق
لقد عظمت مصيبتنا وجلّت
…
بسوق أولى العلوم إلى السياق
وأشراط القيامة قد تبدّت
…
وأذن بالنّوى داعي الفراق
وكان بمصر والشام البقايا
…
وكانوا للفضائل في استباق
فلم تبق الملاحم والرّزايا
…
بأرض الشام للفضلاء باق
وطاف بأرض مصر كلّ عام
…
بكأس الحين للعلماء ساق
فأطفأت المنون سراج علمٍ
…
ونور ناره لأولي النفاق
وأخلفت الرجا في ابن الحسين
…
الإمام فألحقته بالمساق
فيا أهل الشآم ومصر فابكوا
…
على عبد الرحيم ابن العراقي
على الحبر الذي شهدت قروم
…
له بالانفراد على اتّفاق
على حاوي علوم الشرع جمعاً
…
بحفظ لا يخاف من الإباق
ومن فتحت له قدما علومٍ
…
غدت عن غيره ذات انغلاق
وجارى في الحديث قديم عهدٍ
…
فأحرز دونه خصل السباق
وبالسبع القراآت العوالي
…
رقى قدماً إلى السبع الطّباق
فسل إحيا علوم الدين عنه
…
أما وافاه مع ضيق النطاق
فصير ذكره يسمو وينمو
…
بتخريج الأحاديث الرقاق
وشرح الترمذي لقد ترقى
…
به قدماً إلى علي المزاق
ونظم ابن الصلاح له صلاح
…
وهذا شرحه في الأفق راق
وفي نظم الأصول له وصول
…
إلى منهاج حق باشتياق
ونظم السيرة الغرّا يجازى
…
عليها الأجر من راقي البراق
دعاه بحافظ العصر الإمام الكبير الأسنوي لدى الطباق
وعلاّ قدره السبكي وابن العلاي والأئمة باتفاق
ومن ستين عاماً لم يجار
…
ولا طمع المجاري في اللحاق
يقضي اليوم في تصنيف علم
…
وطول تهجد في الليل واقي
فبالصحف الكريمة في اصطباح
…
وبالتحف الكريمة في اغتباق
فما فتنته كأس بالتثام
…
ولا ألهاه ظبي باعتناق
فتى كرم يزيد وشيخ علم
…
لدى الطلاب مع حمل المشاق
فيقري طالبي علم ويقري
…
قرى وقراءة ذات اتساق
فيا أسفي عليه لحسن خلق
…
أرق من النسيمات الرقاق
ويا أسفي عليه لحفظ ود
…
إذا نسيت مودات الرفاق
ويا أسفي لتقييدات علم
…
تولت بعده ذات انطلاق
عليه سلام ربي كل حين
…
يلاقيه الرضا فيما يلاقي
وأسقت لحده سحب الغوادي
…
إذا انهملت همت ذات انطباق
وذاقت روحه في كل يوم
…
تحيات إلى يوم التلاق
عبد الصادق بن محمّد الحنبلي الدمشقي كان من أصحاب ابن المنجا ثم ولي قضاء طرابلس وشكرت سيرته ثم قدم دمشق وتزوج بنت السلاوي زوجة مخدومه تقي الدين ابن المنجا، وسعى في قضاء دمشق، ومات في المحرم، سقط عليه سقف بيته فهلك تحت الردم.
علي بن خليل بن علي بن أحمد بن عبد الله بن محمّد المصري الحنبلي نور الدين الحكري كان فاضلاً نبيهاً، درس وأفاد وعمل المواعيد بالجامع الأزهر، ثم ولي قضاء الحنابلة قليلاً عوضاً عن موفق الدين أحمد بن نصر الله في يوم الخميس ثاني جمادى الآخرة سنة اثنتين وثمانمائة فاكثر من النواب، وسافر مع العسكر في وقعة تنم ثم رجع فأعيد الموفق في ذي الحجة منها، واستمر مفصولاً إلى أن مات في تاسع المحرم، وهو والد بدر الدين الحكري الذي ناب في الحكم بعد ذلك بمدة وسيأتي في سنة أربع وثلاثين وثمانمائة.
علي بن عمر بن سليمان الخوارزمي أبو الحسن علاء الدين ولد سنة ست وستين بمصر، وكان أبوه من الأجناد فنشأ ولده على أجمل طريقة وأحسن سيرة وأكب على الاشتغال بالعلم، ثم طالع في كتب ابن حزم فقوي كلامه واشتهر بمحبته والقول بمقالته وتظاهر بالظاهر، وكان حسن العبارة كثير الإقبال على التضرع والدعاء والابتهال، ونزل عن إقطاعه في سنة بضع وثمانين، وأقام بالشام مدة ثم عاد إلى مصر وباشر عند بعض الأمراء وقرأت بخط الشيخ تقي الدين المقريزي أن المذكور باشر شد الأقصر لبعض الأمراء فذكر أن مساحتها أربعة وعشرون ألف فدان، وأنه لما باشرها في سنة إحدى وتسعين لم يكن يزرع بها إلا نحو ألف فدان وباقيها خرس وبور
، وكان حسن العبارة شديد الإقبال على الله، مات في تاسع صفر.
علي بن محمّد بن عبد الوارث بن جمال الدين محمّد بن زين الدين عبد الوارث بن عبد العظيم بن عبد المنعم بن يحيى بن حسن بن موسى بن يحيى بن يعقوب بن محمّد بن عيسى بن شعبان بن عيسى بن داود بن محمّد بن نوح بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي البكري الشيخ نور الدين اشتغل بالعلم ومهر في الفقه خاصة، وكان كثير الاستحضار قائماً بالمعروف شديداً على من يطلع منه على أمر منكر، فجره الإكثار من ذلك إلى أن حسن له بعض أصحابه أن يتولى الحسبة، فولي حسبة مصر مراراً وامتحن بذلك حتى أضر ذلك به؛ ومات في ذي القعدة مفصولاً وله ثلاث وستون سنة.
عمر بن إبراهيم بن سليمان الرهاوي الأصل ثم الحلبي زين الدين كاتب الإنشاء بحلب قرأ على الشيخ شمس الدين الموصلي وأبي المعالي ابن عشائر. وتعانى الأدب وبرع في النظم وصناعة الإنشاء وحسن الخط، وولي كتابة السر بحلب عوضاً عن ناصر الدين ابن أبي الطيب ثم ولي خطابة الجامع الأموي بعد وفاة أبي البركات الأنصاري، وكان فاضلاً ذا عصبية ومروءة وهو القائل:
يا عائبين وفي سرّي محلّهم
…
دم الفؤاد بسهم البين مسفوك
أشتاقكم ودموع العين جارية
…
والقلب في ربقة الأشواق مملوك
ومن شعره:
وحائك يحكيه بدر الدجى
…
وجهاً ويحكيه القنا قدّا
ينسج أكفاناً لعشّاقه
…
من غزل جفنيه وقد سدا
وفيه يقول زين الدين عبد الرحمن بن الخراط رحمه الله:
وفي الرهاوي لي مديح
…
مسيّر أعجز الحلاوي
قد أطرب السامعين طرا
…
وكيف لا وهو في الرهاوي
مات في ثاني شهر ربيع الآخر من السنة.
عمر بن علي بن طالوت بن عبد الله بن سويد النابتي ثم الدمشقي ركن الدين ناظر البادرائية بدمشق وكان بزي الجند، مات في ذي الحجة.
عوض بن عبد الله الزاهد كان منقطعاً بجامع عمرو بن العاص وللناس فيه اعتقاد؛ مات في رمضان.
فارح بن مهدي المريني القائد كان مدبر دولة بني مرين في سلطنة أبي سعيد عثمان بن أحمد بن إبراهيم بفاس، ومات في أواخر السنة بفاس.
قطلبك بن عبد الله عمل أستادارية أيتمش واشتهر به، ثم ولي الأستادارية للسلطان مراراً، مات في ربيع الأول.
محمّد بن إبراهيم بن عمر البيدمري نشأ نشأة حسنة وقرأ القرآن العظيم ونظم الشعر وتأمر وباشر الخواص، وكانت له معرفة بالأمور، مات في ربيع الآخر.
محمّد بن أحمد بن علي بن محمّد أمين الدين المنهاجي سبط الشيخ شمس الدين ابن اللبان ولد سنة بضع وثلاثين واشتغل بالعلم وحفظ التنبيه، وأسمع على
ابن عبد الهادي في صحيح مسلم وعلى جده لأمه، وكان معه عدة جهات يباشر فيها من الأوقاف الجكمية، وانقطع إلى القاضي صدر الدين المناوي فاشتهر بصحبته وصارت له وجاهة، ثم تعانى التجارة واتخذ له مطبخ سكر وكثر ماله؛ ومات في شهر رمضان منها، سمعت منه قليلاً.
محمّد بن أحمد بن علي بن موسى الصحب فخر الدين سليمان بن الشيرجي كان يعرف بالأنصاري، صحب الشيخ أبا بكر الموصلي وتلمذ له، حج فمات بمكة في ذي الحجة.
محمّد بن حسن بن علي المصري الصوفي المقرئ المعروف بالفرسيسي سمع من الحافظ أبي الفتح بن سيد الناس ومن أحمد بن كشتغدي وغيرهما وحدث، ولم يظهر سماعه إلا بأخرة فانه حضر السماع على الشيخ تقي الدين ابن حاتم في السيرة فقرئت الطبقة فوجد اسمه فيها، فأقيم من السامعين فاجلس مع المسمع ووجد سماعه بفوت، ثم وجد في بعض النسخ ما يدل على أنه أكمل له، وإلى الآن لم أتحقق ذلك، مات في شهر رجب وله سبع وثمانون سنة.
محمّد بن حسن بن الشيخ مسلم السلمي أحد المشايخ المعتقدين بمصر، مات في ربيع الأول.
محمّد بن حيان بن العلامة أبي حيان محمّد بن يوسف بن علي الغرناطي ثم المصري أبو حيان بن فريد الدين بن أثير الدين ولد سنة 34 وسمع من جده ومن ابن عبد الهادي وغيرهما وكان شيخاً حسن الشكل منور الشيبة بهي المنظر حسن المحاضرة أضر بأخرة سمعت منه يسيراً ومات في ثالث رجب.
محمّد بن سعد بن محمّد بن علي بن عثمان بن إسماعيل بن إبراهيم بن يوسف بن يعقوب بن علي بن هبة الله بن ناجية شمس الدين الطائي ابن خطيب الناصرية ولد سنة ثلاث وأربعين وتفقه بعد أن حفظ التنبيه على أبي الحسن علي البابي والكمال عمر بن العجمي والجمال ابن الحكم التيزيني وسمع الحديث من بدر الدين ابن حبيب وغيره وولي خطابة الناصرية واشتهر بها إلى أن مات وكان كثير التلاوة والعبادة سليم الصدر مات في جمادى الأولى وهو والد قاضي قضاة حلب علاء الدين أبقاه الله.
محمّد بن سلمان بن عبد الله شمس الدين الحراني الفقيه الشافعي الحموي نزيل حلب أصله من الشرق وأقدمه أبوه طفلاً فسكن حماة وعلمه صناعة الخرط ثم ترك وأقبل على الاشتغال فاخذ عن شرف الدين يعقوب خطيب القلعة والجمال يوسف ابن خطيب المنصورية وصاهره ثم رحل إلى دمشق وأخذ عن زين الدين القرشي ودأب وحصل وشارك في الفنون ثم قدم حلب سنة ثلاث وتسعين وناب في الحكم عن ناصر الدين ابن القطب ثم عن أبي البركات ثم ولي قضاء الرها ثم ولي قضاء بزاعة ثم ناب في الحكم بحلب أيضاً وولي عدة تداريس وكان فاضلاً مفنناً مشكوراً في أحكامه ومات في سابع شهر ربيع الأول بالفالج.
محمّد بن عبد الملك بن عبد الكريم بن يحيى ناصر الدين ابن القاضي محي الدين ابن شيخ الشيوخ تقي الدين ابن قاضي القضاة محي الدين ابن الزكي ولد بعد
الخمسين وسمع من الفرضي وابن الجوخي وغيرهما من أصحاب الفخر وكان يرجع إلى دين وعقل وهو أسن أخوته خرج مع القاضي علاء الدين ابن أبي البقاء في قسم بعض المغلات فقطع عليهم الطريق فقتل هذا وجرح علاء الدين فسقط فظنوا أنه مات فسلم وذلك في المحرم من هذه السنة.
محمّد بن علي بن عبد الله الحرفي بفتح المهملة وسكون الراء بعدها فاء الشيخ شمس الدين المعري مات في شوال.
محمّد بن مبارك الآثاري شمس الدين شيخ الآثار مات في المحرم عن ثمانين سنة وكان مغرى بالمطالب والكيمياء كثير النوادر والحكايات المعجبة أعجوبة في وضعها والله يغفر له ولي.
محمّد بن محمّد بن أبي بكر بن عبد العزيز المقدسي الشيخ شرف الدين أبو الفضل، ولد بعد الأربعين، وسمع من الميدومي على ما كان يزعم ثم حبب إليه الطلب فسمع الكثير من أصحاب الفخر وابن عساكر والأبرقوهي ثم من أصحاب وزيرة والقاضي والمطعم ونحوهم، ثم من أصحاب الواني والدبوسي والختني ونحوهم، ثم من أصحاب ابن قريش وابن كشتغدي والتفليسي ونحوهم، وعني بتحصيل الأجزاء وإفادة الطلبة وكتابة الطباق والدلالة على المشايخ وتسميع أولاده والإحسان إلى من يقدم عليه من الغرباء خصوصاً الشاميين وكتب بخطه الحسن ما لا يحصى، وكان يحبس عن الناس أسمعتهم فلم يمتع بما سمع، ولا عاش له ولد ذكر بعد
أن كان يبالغ في تسميتهم ويجتهد في التحصيل لهم، وكان يتعانى نظم الشعر فيأتي منه بما يضحك إلا أنه كان ربما وقع له ديوان غير شهير فيأخذ منه ما يمدح به الأعيان خصوصاً القضاة إذا ولوا ويستعين بمن يغير له بعض الأسماء وربما عثر على القصيدة في ديوان صاحبها. وأعجب ما وقع له أنه أنشد لنفسه عندما ولي ناصر الدين ابن الميلق القضاء:
إن ابن ميلق شيخ رب زاوية
…
غر من الناس بالأحوال غير دري
قد ساقه قدر نحو القضاء ومن
…
يسطيع رد قضاء جاء عن قدر
فوجد البيتان بعينهما للقاضي بدر الدين ابن جماعة وقد غير منهما بعض الشطر لأول من البيت الأول فقط وهما والعبد فهو فقير رب زاوية إلى آخرهما ومات في شوال بعد أن جرت له محنة مع القاضي جلال الدين لكونه مدح القاضي الذي عزل به فضربه أتباعه وأهانوه فرجع متمرضاً فمات، وتفرقت كتبه وأجزاؤه شذر مذر.
محمّد بن محمّد بن عبد الرحمن بن فريج المصري القاضي ناصر الدين ابن الصالحي من الصالحية التي بظاهر القاهرة ولد سنة بضع وخمسين، وسمع على ما ذكر من الشيخ جمال الدين ابن نباتة وغيره، وتعانى الأدب فنظم الشعر الوسط وكتب الخط الحسن، ووقع عن القضاة ثم ناب في الحكم عن الحنفية ثم عن الشافعية، ثم وثب على منصب القضاء لما غاب المناوي فتم له ذلك عشرة أشهر ثم عزل ثم أعيد بعناية السالمي في شوال فاستمر فيه أربعة أشهر، ومات بعلة القولنج الصفراوي، وأسف أكثر الناس عليه لحسن تودده وكرم نفسه وطيب عشرته ومشاركته في العلم ولأنهم ألفوا
من المناوي ذلك البأو المفرط فألان لهم الصالحي جانبه وتواضع وتكرم، مات في ثاني عشر شهر الله المحرم، وتقدم في الصلاة عليه القاضي الحنفي وكان كثير البر للفقراء والأغنياء لا يرد سائلاً وكان ذلك يؤدي إلى حرمان بعض المستحقين لأن الذي تحت يده المال لا يرد خطه فيدفع لمن يكتب له من أموال الأيتام والأوقاف فيضيع ذلك على مستحقه من بعده، وقد أكثر في ولايته الأولى هذه من النواب بالشفاعات من الأكابر، ومنهم شمس الدين محمّد بن يحيى المقري الصالحي، كان استقر إماماً عند قطلوبغا الكركي فكلم القاضي حتى قرره في الحكم بإيوان الصالحية في نوبة عز الدين البلقيني وشق ذلك على كثير من نواب الحكم.
محمّد بن محمّد بن محمّد بن الحسن المصري الصوفي القمني، سمع من شمس الدين بن القماح صحيح مسلم بفوت وسمع من غيره وحدث، سمعت منه قليلاً، مات وله سبع وسبعون سنة فإنه كتب لي بخطه أن مولده سنة 729.
محمّد بن محمّد البخانسي شمس الدين، ولي الحسبة مراراً، وكان جائراً في الحكم، قليل العلم، مبالغاً في السطوة بالناس إلا أن أعف من غيره، مات في رابع جمادى الأولى.
محمّد بن ويسف بن إبراهيم بن عبد الحميد المقدسي ثم الدمشقي المقرئ المؤذن، روى لنا عن زينب بنت الخباز، ومات بطرابلس.
مسرور الحبشي، المعروف بالشبلي، شيخ الخدام بالمدينة النبوية، مات معزولاً لعجزه.
يحيى بن عبد الله بن محمّد بن محمّد بن زكريا الغرناطي، أبو بكر، كان إماماً في الفرائض والحساب، وشارك في الفنون، وصنف في الفرائض كتاب المفتاح، وولي القضاء ببلده، ومات في ربيع الأول سنة ست وثمانمائة.
يوسف بن إبراهيم بن أحمد الصفدي، كان شيخاً حسناً معظماً معتقداً، وله كلام على طريق الصوفية، مات في ذي الحجة بصفد.